الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

مصطفى المانوزي: لن نطبع مع رتابة ثنائية القمع والانفراج

مصطفى المانوزي: لن نطبع مع رتابة ثنائية القمع والانفراج

سنقبع ، كل واحد منا في زاويته أومكتبه ، يردد إدانة التعذيب ، العلني والخفي ، ويرد الوسطاء بتوزيع المسؤوليات هنا وهناك ، فهذه تقارير سوداء يقابلها بيان حقيقة يبيض الحال والمنعوت ، في حين الضحايا يئنون كلما تعمقت جراحهم ، والجلادون الحقيقيون يتفرجون على فقرة « أخبار حقوقية » ينتظرون بلاغات الهيئات الأممية ، والإعلام ينقل الخبر ، من هنا ، والتكذيب من هناك ، فيتبادل الفاعلون نياشين التكفير والتخوين أو التضامن والتنويه فيما بينهم ، والحال أنه في ذمة الدولة ديون حقوقية ومسؤوليات سياسية ، ستتحول الى جنائية ، معنوية وشخصانية فردانية ، إذا لم تسدد ، ومن بينها إعمال الحكامة الأمنية وإخراج الآلية الوطنية المستقلة والمختلطة للوقاية من التعذيب للوجود ، فقد نقر بأن التعذيب لم يعد ممنهجا ، ولكن تواتر و تراكم فظاعات الموظفين الجانحين ، المقاومين للتغيير ، قد يرد عقارب الساعة إلى الوراء ، قد لا نستطيع اتباث ممارسة التعذيب ولكن المعاملة المسيئة والمهينة أكثر وقعا من حيث الوقع النفساني ، فكفانا حروب بلاغات ، فالتعذيب سيظل مفترضا ، إذا لم يتم إعمال الضمانات الواردة في التعاقدات والتوصيات والإتفاقيات ، الوطنية والدولية ، وبالتالي يظل عبء النفي القانوني على عاتق « إرادة » الحنين إلى الماضي ، فالحماية ضرورية لكافة المواطنين ، في حالة سراح أو المعتقلين ، السياسيين والحق /عاميين ، فالمعاينة والمساءلة تشمل الجميع خارج أي تصنيف تؤطره المواطنة الامتيازية ، ومع ذلك فالوقاية خير من العلاج ، ففي آخر التحليل وطننا هو المعني بمصير مواطنيه ، لأننا لن نقنع سوى أنفسنا بالحقيقة ، وبالتالي ينبغي أن لا نصدق إلا أنفسنا ، وبالمواطنة والكرامة إعمالا . هذه الدولة تعد لتوديع حكومتها الحالية ، بعد خمس سنوات من خدمة أجندة امتصاص النقمة و تمرير مخطط الإجهاز علي المكتسبات وتعطيل وتيرة الانتقال الذي لن يقع ، فالتحول المعاق صار بنيويا ، والقمع صار عاديا والانفراج بعد كل تضييق تحول إلى حالة مألوفة ومنتظرة ، لكن مع ذلك فمهما كانت الوجوه الجديدة ، فلن نطبع معها ألفتنا ، مادام القمع سلاحا يتطاوس في كل الأرجاد في ظل غياب ضمانات حقيقية لعدم تكرار الانتهاكات الجسيمة ، ومهما قيل عن جودة المقاومة القديمة أو الجديدة ، فالمطلوب هو تجويد مقاومتنا جميعا لانهيار القيم وللموت السريري للروح الوطنية .