في مثل هذا اليوم، 20 فبراير، قبل خمس سنوات خلت، كانت شوارع المغرب تغلي، وحناجر الشباب لا تتوقف عن الصراخ، وقوات التدخل السريع في حالة استنفار وتأهب. إنها نسمات "الربيع" في المغرب، لكنه ربيع لا يشبه كل فصول الربيع بالمغرب. ربيع الثورة ونيران الانتفاضات المشتعلة في كل المدن، ووقودها هم شباب حركة 20 فبراير، جيل من الشباب الثوري الذي كسر كل الطابوهات ورفع من سقف مطالبه الاجتماعية والسياسية والدستورية، متأثرا بثورتي تونس ومصر. وجوه جديدة احتلت واجهة الشارع وتسيدت المشهد السياسي واحتكرت وسائل الإعلام وعلى بعد خطوة من إعادة كتابة التاريخ، كما كتبه بوعزيزي تونس، وشهداء ميدان التحرير بمصر الذين أذلوا أحد أكبر الرؤساء المعمرين في العالم العربي، هو حسني مبارك فرعون مصر الذي أرغم على التنحي والاختفاء من الحياة السياسية والانزواء في غرفة بمستشفى تحولت إلى سجن ومنفى اضطراري في الوقت نفسه. أكبر مكاسب حركة 20 فبراير هو خطاب 9 أبريل الذي دعا فيه الملك لتعديل الدستور، وأكبر الأحزاب التي قطفت ثمار هذا الربيع هو حزب "إخوان" بنكيران الذي سرق ثورة الشباب الذين مهدوا الطريق للحكومة الملتحية. ماذا تبقى من حركة فبراير اليوم سوى الهباء؟ أين هم رموز هذه الحركة؟ أين يختفون؟
ماهو اسم الحزب الذي التأموا فيه؟ من أجهض أحلامهم؟ من جعل رمادهم بلا نيران؟ شمس 20 فبراير لم تشرق هذه السنة، والخوف ألا تشرق هذه الشمس من جديد، ويصبح هذا اليوم مثل سائر الأيام الأخرى، يوما عاديا من أيام السنة التي يستعيد فيها الشارع هيبته ووقاره، نذهب فيه للعمل ونجلس في المقهى وندخن السجائر ونشاهد الأخبار في التلفزيون، وننام بعد عشاء دسم. لكن القليل منا سيتذكر أن 20 فبراير ورقة سقطت من تاريخ المغرب المعاصر الذي دون أكبر انتفاضة شعبية.
