الاثنين 25 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

مصطفى المنوزي: إلى روح الشهيد عمر بنجلون.. من أجل فضاء صحراوي للرصد والحوار

مصطفى المنوزي: إلى روح  الشهيد عمر بنجلون.. من أجل فضاء صحراوي للرصد والحوار

صحيح أن المعطيات المتداولة والمتوفرة تفيد بأن المغرب في منأى عن العمليات الإرهابية، ولكن نحن المغاربة لسنا بالضرورة في منأى عن الإرهاب الفكري الذي تمارسه بعض الدول الأوروبية تجاهنا يوميا.

وصحيح أننا كحقوقيين مطلوب منا أن نثمن الدعم الذي تقدمه لنا بعض الدول من أجل تقوية مهارات التربية والتحسيس بحقوق الإنسان، ولكن كان حريا بها، في إطار «مقاربتها الحقوقية» أن تأخذ بعين الاعتبار مواقفنا المبدئية من قضايانا المصيرية. فلا يعقل إجبارنا على أداء تكلفة أخطاء الدولة في تدبير قضيتنا الصحراوية الوطنية، فنحن أبناء المغاربة الشرفاء الذين قاوموا الاستعمار، ونحن من سلالة جيش التحرير الذي تكالبت أكبر الدول الأوروبية بتواطئ مع النظام المغربي في أواخر الخمسينيات لتصفيته وإجهاض مسيرته التحريرية.

وصحيح أننا مختلفون مع منهجية تدبير ملفات الماضي، لكن نحرص على تحصين السيادة الوطنية من تدخلات الخارج الذي مزق وحدتنا وصنع من تشرذمنا ثقبا يفوق الدور السلبي والخطر الداهم الذي يشكله ثقب الأوزون.

صحيح أننا في حاجة إلى من يراقب الوضع الحقوقي سواء كان آليات وطنية أو أممية متعاقدون معها وفق ممارسات اتفاقية واضحة وعادلة ومنصفة للجميع، لكن ليست كل الجرار تسلم، فلا يمكن الاطمئنان لمن يكيل بمكيالين، فلا ضمانة للحقوق سوى ضمن القانون الدولي لحقوق الإنسان، أما القانون الدولي الإنساني فقد يصلح تطبيقه لمن اختار أولوية الأمن القومي وقوانين حالة الطوارئ على حساب قيم التنوير وحقوق الإنسان وحريات الشعب. ولأننا أصحاب قضية وشرعية، فمن حقنا أن نختار مسارنا التحرري الإنساني كمواطنين أحرار قبل أن نفكر في تقرير مصير ترابنا وحجرنا ورمالنا ومجال سيادتنا الوطنية.

وأخيرا وليس بآخر، صحيح أن المسؤولين لدى جيراننا يضيقون الخناق علينا، لكن لن ندع الانفعال يعمق الصدع بيننا.. فتماسك وحدة الشعب الجزائري واستقرار الوضع الأمني والاجتماعي لديه، ضمان للسلام في المنطقة وشرط لأمننا الوطني.. فكلانا شعبان جريحان وضحيتان للاستعمار العتيق والحديث.

من هنا وجب التأكيد على ضرورة ربط مطلب التحرر بمطلب الديموقراطية، فلسنا من دعاة الاتصال الجبري ولا من أنصار الانفصال المطلق، وبالتالي علينا الاحتكام للإرادة الشعبية، والتي لا تمثلها بالضرورة سياسة الأمر الواقع ولا منطق القوة ولا حتى نزعة الاستقلالية، وبالأحرى فزاعة «الشرعية الدولية» أو أكذوبة التدخل الإنساني ومقاربة تصفية الاستعمار المتماهية مع شعار تقرير المصير، لتظل الأسئلة المتماهية مع الميتافيزيقا مطروحة كقضية وجودية سرمدية، وجاثمة كالكوابيس على الصدور: من يمثل من، ومن يستعمر من؟ ومن عليه أن يتحرر ممن؟ فماذا لو احترمت الحقوق والالتزامات واستفتي ذوو المصلحة المشروعة في شؤونهم؟

دعونا نتحاور مع بعضنا البعض كأبناء وطن واحد، فالمشترك بيننا وفير، والخلاف ضئيل، تضخمه المصالح والمساطر بدل أن تؤطره الحقوق والأواصر...