قد يبدو السؤال سابقا لأوانه، خصوصا وأن المهتمين بالشأن المحلي يرون أن الحديث عن مرشحين لمنصب عمدة الدار البيضاء هو أمر فيه كثير من المبالغة ونصب للفخاخ، ولما لا ضرب من التنجيم وقراءة الكف.
الأحزاب الديمقراطية التي تحترم نفسها وتمارس السياسة بمفهومها العالمي، تعي جيدا أن تحديد من سيترشح لرئاسة مدينة كبرى من حجم الدار البيضاء، أمر لا تتحكم فيه نتائج الانتخابات، بل إن من الطبيعي أن يكون لكل حزب على الأقل ثلاثة مرشحين لهذا المنصب، معروفين لدى مناضلي الحزب وتدرجوا في المسؤولية داخل هياكله.
للأسف الشديد في الدار البيضاء، وبحكم أن غالبية أحزابنا لا تمارس السياسة ولا تفتح "دكاكينها" إلا في "موسم" الانتخابات، فإن آخر شيء يتم التفكير فيه هو من سيكون العمدة القادم لمدينة الدار البيضاء؟.. بل إن الترشح لهذا المنصب تتحكم فيه عوامل أخرى لا علاقة لها بالنضال الحزبي أو الديمقراطية داخل الأحزاب، وتندرج ضمن منطق الإسقاط من الأعلى ومنطق مول الشكارة.
ما يهمنا كبيضاويون هو أن يتوفر العمدة القادم على مواصفات بعينها، لأن مدينة الدار البيضاء لا تحتاج لعمدة على المقاس، بل يجب على رئيس المجلس الجماعي أن تفرزه الصناديق ويحظى بإجماع الجميع.
بطبيعة الحال لا يمكن للعمدة أن يسير المدينة لوحده، بل يحتاج لمستشارين وإلى خبراء وموظفين، وقبل كل هذا وذاك أن تكون لديه المصداقية، ويحظى بالإجماع وله قدرة التفاوض وجلب مشاريع استثمارية للمدينة، ويحترم ويحترم، وأن يكون ذا اضطلاع على الشأن المحلي، ويعرف خبايا الأمور داخل المدينة، وقادرا على جلب الشراكات وتنفيذ المخطط الاستراتيجي والدفاع عن مصالح المدينة، وأن يكون له تدبير تشاركي مع القطاع العام والخاص والمجتمع المدني كطرف أساس في ورش التنمية المستدامة.
فهل تمتلك أحزابنا مثل هذا البروفيل؟
فلننتظر، فالخبر اليقين ستحمله رياح الانتخابات الجماعية القادمة...