الثلاثاء 21 مايو 2024
ضيف

الباحث إدريس الكنبوري: إساءة "شارلي إيبدو" للرسول هي إساءة للعالم الإسلامي كله

 
 
الباحث إدريس الكنبوري: إساءة "شارلي إيبدو" للرسول هي إساءة للعالم الإسلامي كله

في سياق نشر صحيفة "شارلي إيبدو" الفرنسية لرسوم كاريكاتورية مسيئة للرسول محمد صلى الله عليهم وسلم، وما أثارته من ردود أفعال في معظم البلدان الإسلامية بسبب عدم احترام رمز الدين الإسلامي ونبيها محمد (ص)، التقى موقع "أنفاس بريس" بالكاتب والباحث في الجماعات الإسلامية والشأن الديني إدريس الكنبوري، صاحب كتاب "شيوعيون في ثوب إسلامي: محطات في الإسلام السياسي والسلفية"، وكان معه هذا الحوار بخصوص الإساءة للرسول محمد عليه السلام...

+ كيف تقرأ استمرار الإساءات إلى الرسول الكريم، علما أن الأمر لا يتعلق بحرية التعبير كما يدعي البعض، بل بضرورة احترام ديانة سماوية تدين بها ربع البشرية في العالم؟

- أسبوعية "شارلي إيبدو" الفرنسية هي التي قررت الاستمرار في هذا التحدي، بينما هناك صحف أخرى تراجعت، وبعضها أعلن أنه لن ينشر أي رسم كاريكاتوري مسيء للمسلمين. فالجريدة الفرنسية تعتبر استمرار الإساءة نوعا من الانتقام للأشخاص الذين قتلوا في العملية التي نفذها أشخاص من تنظيم القاعدة في اليمن، لكنها بذلك تنتقم من المسلمين جميعا وليس من المتطرفين الذين نفذوا العملية، لأن هذه الإساءة موجهة إلى العالم الإسلامي كله، وليس إلى تنظيم متطرف معزول عربيا وإسلاميا. وأعتقد شخصيا أن "شارلي إيبدو" تمارس نوعا من السادية الحمقاء، لأنها لم تلتقط الإشارة من مسيرة باريس التي خرج فيها الكثير من المسلمين من داخل وخارج فرنسا، ومئات البيانات الاستنكارية للعملية التي قتل فيها صحافيو الجريدة. إنها بهذا التصرف تدفع بعض هؤلاء إلى الوقوف في صف المتطرفين الذين نفذوا العملية، عوض أن تقوم بنقد ذاتي وتتفهم الدوافع وراء غضب المسلمين.

+ ماذا عن الصمت المطبق لبلدان العالم الإسلامي بما فيها من مفكرين ومنظمات وأحزاب.. ولماذا الاستمرار في لعب دور المتفرج بدل بلورة خطة موحدة للرد على هذه الإساءات عبر عقد اجتماع طارئ مثلا لمنظمة المؤتمر الإسلامي؟

- ليس هناك صمت، بالعكس، هناك مواقف كثيرة صدرت عن مختلف المنظمات والهيئات الإسلامية، استنكرت نشر الجريدة لرسم جديد في الأسبوع الماضي، ومنظمة المؤتمر الإسلامي عبرت عن موقفها الرافض لهذا الحدث.. لكن المشكلة ليست في الكلام، هناك العشرات بل ربما المئات من الملتقيات التي تعقد سنويا لمثل هذه المنظمات تصدر عنها المئات من البيانات والمواقف، لكن الطرف الآخر لا يهتم بها، لأنه يعرف بأنها غير صادرة عن هيئات ديمقراطية لها وزنها في العالم الإسلامي ولديها كلمة مسموعة وتملك التأثير الكافي، هذه المنظمات هي مكاتب موظفين فقط، وهو ما يعزز الصورة السلبية للمسلمين في الغرب، لذلك يجب البدء بتغيير هذه الصورة الجماعية.. وهذا التغيير غير ممكن من دون الكرامة والحرية والديمقراطية.. عندما يرى الغرب أن العالم الإسلامي يفتقد إلى الكرامة فكيف يقرر بشكل منفرد أن يمنح للمسلمين كرامة لا يطلبونها من الحكام والمسؤولين داخل بلدانهم. نحن من نصنع صورتنا وليس الآخر، لقد صنعنا هذه الصورة وبعناها إلى الغرب، وإذا أردنا تغييرها يجب أن نبدأ من أنفسنا أولا، وبعد ذلك سيكون الغرب مضطرا إلى تغييرها.

+ كيف تنظر إلى التناقض الصارخ في مواقف الغربيين، فحينما يتعلق الأمر باليهود أو المسيحيين تقام الدنيا ولا تقعد، ويتم الحديث عن معاداة السامية، لكن حين يتعلق الأمر بالإساءة إلى الرسول الكريم يتم التزام الصمت ونهج سياسة النعامة وكأن شيئا لم يحدث أو الإدعاء بكون الأمر يتعلق بحرية التعبير؟

ـ هناك سبب ثقافي وراء هذه الازدواجية، شرحته في مقالي الأخير الذي كان تحت عنوان "تدنيس المقدس وتقديس المدنس".. فالغرب صاغ هويته الحضارية منذ عدة قرون على أساس أنها تعكس القيم اليهودية ـ المسيحية، ومعنى ذلك أن هذه الحضارة لا تعترف بالقيم النابعة من الأديان الأخرى.. ذلك أن الغرب يعتقد أن اليهودية والمسيحية دين واحد بكتابين مختلفين فقط، لكنهما متلاحمان، هما العهد القديم والعهد الجديد، أي أنه عهد واحد لكن مقسم إلى شطرين، بينما يرى في الإسلام دينا مختلفا ومتخلفا أيضا، وهذه الثقافة موجودة في اللاوعي الغربي، حتى عند المفكرين المتنورين تجدها كامنة، لكن إذا دقق الباحث سوف يعثر عليها. هذا عن العامل الثقافي، أما عن العامل السياسي فاليهود لديهم في أوروبا، وحتى في غير أوروبا، لوبيات قوية تتحرك كلما تم المساس بالدين اليهودي، وللمسيحية مؤسسات وهيئات أعلاها الفاتيكان، وهي قادرة على التحرك كلما لزم الأمر، بينما المسلمون ليس لديهم تأثير ولا مؤسسات قوية وفاعلة، والمؤسسات الكبرى الموجودة تابعة للحكومات وتعبر عن مواقفها، وهي حكومات مصغرة تتستر وراء صفة المنظمات غير الحكومية، بينما هي منظمات حكومية في العمق، لذلك لا تقدم ولا تؤخر.