بعد أن أصدرت السلطات التونسية قرارا غريبا ومنافيا لمنظومة حقوق الإنسان العالمية، بإغلاق هيئة النفاذ إلى المعلومات، الأمر الذي خلف ردود فعل داخلية ودولية مختلفة، صنفت نظام الديكتاتور التونسي قيس سعيد كواحد من أكثر الأنظمة في إفريقيا استبدادا ونكوصا وتراجعا على مستوى حقوق الإنسان، خاصة بعد قرارات سابقة بإلغاء مؤسسة وطنية لمحاربة الرشوة والفساد والمؤسسة التونسية لمراقبة القطاع السمعي البصري (شبيه مؤسسة الهاكا بالمغرب).
بعد هذا القرار المعيب قانونيا وحقوقيا، الذي سينزل تقييم مكانة تونس دوليا على مستوى الحريات إلى الحضيض، يبقى المغرب هو البلد العربي الوحيد الذي يمتلك آلية دستورية وتنظيمية لضمان ممارسة الحق في الحصول على المعلومات كرافعة مركزية من رافعات الممارسة الفضلى لمنظومة حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها عالميا. مثلما أنه بذلك البلد الافريقي الأبرز الذي قعد لهذه المنظومة الحقوقية بسند دستوري هو الفصل 27 من دستور 2011، الذي ميز وخص هذه المنظومة الحقوقية بفصل مستقل من فقرتين هامتين تستند على مبادئ المواطنة. مثلما أنه فعل منذ سنة 2019 روح هذا الفصل في الدستور من خلال صدور القانون التنظيمي 31.13 المتعلق بتحديد آليات ممارسة هذا الحق، مع تعيين رسمي للجنة الحق في الحصول على المعلومات بالمغرب يرأسها رئيس اللجنة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي عمر السغروشني، وتضم في عضويتها تسعة أعضاء يمثلون مؤسسات دستورية وازنة بالمغرب من الوزارة الأولى إلى مجلس النواب ومجلس المستشارين والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ومؤسسة الوسيط ومؤسسة أرشيف المغرب ومؤسسة محاربة الرشوة والفساد وفعاليات المجتمع المدني.
لتكون النتيجة اليوم هي أن المغرب هو الوحيد ضمن مجاله المغاربي وضمن عمقه العربي الذي ينتصر بالملموس للعمل المؤسساتي المؤطر بدفتر تحملات منظومة دولية لحقوق الإنسان، تعلي من ترتيبه على مستوى سلم الشفافية والمصداقية المؤسساتية.
مؤسف جدا ما تنزلق إليه بلاد أبو القاسم الشابي من تراجعات حقوقية ومؤسساتية نكوصية.
