Saturday 24 May 2025
كتاب الرأي

خليل مرزوق: "زيد الشحمة في ظهر المعلوف".. واقع تعديل المسطرة الجنائية!

خليل مرزوق: "زيد الشحمة في ظهر المعلوف".. واقع تعديل المسطرة الجنائية! خليل مرزوق
تقييد الحق في مقاضاة الفساد هو تقييد لمسار الديموقراطية التي بدأناها كبلد مند سنة 2000 ، ورغم عدم تحقق كل ما كنا نتمناه لمغربنا من مظاهر الديموقراطية الا اننا نأمل في مستقبل يحمل لنا آمال الماضي.
لكن ربما بعض النخب اليوم لها رأي آخر؛ فوزير العدل السيد عبد اللطيف وهبي يدافع عن الفساد بآلية يحاول من خلالها ان يبين بصوته العالي ونرفزته السياسية المسرحية المعهودة انه يحمي الاختيار الديموقراطي؛ الاختيار النابع من صناديق الاقتراع؛ هذه الصناديق التي تأتينا أيضا الى جانب الصالحين بالفاسدين المثرين بشكل غير مشروع؛ الناهبين للمال العام والمغتصبين لكل اوراش التنمية.
ان الاجهاز على المكتسبات الصغيرة لمجتمعنا المغربي من قبيل حق الجمعيات في رفع شكاوى الى القضاء لمتابعة رؤساء جماعات فاسدين ؛ هو اجهاز على أحلامنا التي يأتي في صفها الأول حلمنا بأن يكون الجميع سواسية أمام القانون؛ وان يكون هذا الأخير فيصلا بين الصالح والطالح من ممثلي المواطنين بالمجالس المنتخبة.
السيد عبد اللطيف وهبي قد لا يعوزه اللفظ والتعبير وهو يدافع عن رؤساء الجماعات والمنتخبين في مواجهة الجمعيات الحقوقية؛ لكن يعوزه بكل تأكيد الدليل ليبين للمواطنين فعالية سد كل منافذ متابعة رؤساء الجماعات الفاسدين في المستقبل؛ في ضوء الفاسدين في الماضي والحاضر الذين كانت الجمعيات التي يريد السيد عبد اللطيف وهبي ورئيس فريق حزبه البرلماني الثائر بلغة ركيكة جدا وأسلوب غير سياسي أن يضعها صندوق ويحكم الاغلاق عليها عبر تجريدها من كل الفعالية التي يتصف بها المجتمع المدني الحقوقي ؛ وهو وضع في ذلك الصندوق المظلم من خلال تعديل نص مسطري جنائي نحن في حاجة الى كتابته بماء الذهب بل وتقويته على مستوى اللفظ القانوني والتوسع فيه وتعزيزه كضمانة لربط المسؤولية بالمحاسبة.
السيد الوزير يعلم جيدا ان وقته قارب على الانتهاء في كرسي المسؤولية على رأس وزارة العدل، ونحن كرجال قانون نتفق معه في العديد من الاجراءات المهمة التي اتخدت في مرحلته كما نختلف معه قانونا في أخرى، لكنه لاشك أن الاختلاف هذه المرة ليس قانونيا بل سياسيا؟ لأن السيد الوزير يريد أن يترك إرثا قمعيا للوطن ككل بوضع درع حامي للفساد في يد المنتخبين.
ان السيد وزير العدل لا شك سيختم هذه المرحلة بعكس المثل المغربي القائل "الله يدوز ما بقى على خير" فأين الخير في تعزيز ضمانات الفساد عبر جعل فضائه أكثر اتساعا وحرية في غياب من يراقبه كالجمعيات الحقوقية.
غير انه يختم مرحلته بشكل يطابق المثل المغربي القائل "زيد الشحمة في ظهر المعلوف" وهو ما يُنطق ايضا على لسان الفساد بالمثل الشعبي "زيادة الخير خيرين" وهو فعلا زيادة خير للفساد بالمغرب، أن يعقِّد السيد الوزير مسطرة الوصول اليه اي الى هذا الفساد ويجعله محصنا عن كل المتابعات التي كان ورائها الفعل الجمعوي الحقوقي وليس مؤسسات الحكامة كما يريد لذلك الوزير ومن يناصره عبر تعديل نص المسطرة الجنائية.
 
الدكتور خليل مرزوق
أستاذ بكلية الحقوق، أيت ملول