
هذا الموقع الذي التقطت فيه الصورة، هو آخر نقطة قرب الحزام الأمني مسموح للمدنيين بالوصول إليها بالصحراء، إذ على بعد 80 كلم من السمارة في اتجاه الحدود الموريتانية، تم نصب حاجز أمني يحرسه أفراد من القوات المسلحة الملكية، مع تثبيث لوحة معدنية كبرى يسارا مكتوب عليها "منطقة عسكرية..ممنوع المرور".
الموقع المذكور يسمى "السيكتور رقم 2" Secteur 2 بجماعة أمكالة، ولا تفصله عن الحدود الموريتانية سوى 13 كيلومتر تقريبا، وهو من المواقع التي ستغير في المستقبل القريب المعطيات الجيو استراتيجية بين المغرب ودول منطقة الساحل رأسا على عقب، بعد الانتهاء من وضع آخر اللمسات على المعبر الحدودي الجديد الذي يتوقع أن يفتحه المغرب مع موريتانيا تحت اسم "معبر أمكالة"( نسبة لجماعة أمكالة التي يقع المعبر بترابها) في اتجاه مدينة أم كرين والزويرات بموريتانيا.
"معبر أمكالة"، ينتظر افتتاحه الضغط على الزر، وإعطاء الضوء الأخضر من طرف صانع القرار. ذلك أن الأشغال في الطريق الجديدة الرابطة بين السمارة والحدود الموريتانية على طول 93 كيلومترا، تم إتمامها في أحسن الظروف بنسبة 95% بكلفة قاربت 50 مليون درهم، خاصة بين السمارة وموقع الكعيدة من جهة، وبين الكعيدة والحاجز العسكري في "السيكتور رقم 2" من جهة ثانية، كما تم تتبيث اللواقط الهاتفية على امتداد الطريق المذكورة لضمان التواصل بين مستعملي الطريق من جهة ثالثة. ولم يتبقى سوى ترتيب الأمور التقنية بين رجال الجمارك والدرك والشرطة ومديرية مراقبة الحدود بوزارة الداخلية والقوات المسلحة الملكية، والاتفاق على الإطار القانوني للمركز الحدودي الجديد الذي سيفتح المغرب على محيطه الإفريقي من بوابة ثانية إضافية، بدل الاعتماد فقط على واجهة واحدة (معبر الكركارات).
وإذا كان معبر الكركارات قد اكتسب صيته ومشروعيته بعد العملية الأمنية الناجحة التي قامت بها القوات المسلحة الملكية في نونبر 2020 لتطهير هذا المعبر من عناصر البوليساريو الممولة والمسخرة من طرف دولة العصابة، فإن "معبر أمكالة" يستمد مشروعيته من الخطاب الملكي يوم 6 نونبر 2023 الذي قدم فيه الملك محمد السادس، المشروع المهيكل "المبادرة الأطلسية"، لربط دول الساحل الإفريقي بالمحيط الأطلسي، وبالتالي فالطريق و"معبر أمكالة" هما ترجمة لما ورد في الخطاب الملكي، ليستعيد المغرب أمجاده التاريخية مع منطقة السودان الغربي، (أي مع منطقة الساحل الإفريقي حاليا: موريتانيا ومالي والنيجر وتشاد وبوركينافاصو)، إحياء لطريق القوافل التجارية التي كانت تنطلق من مراكش إلى تمبوكتو عبر كلميم والسمارة، أو تلك التي كانت تنطلق من تطوان إلى السودان عبر فاس وسجلماسة والسمارة.
"معبر أمكالة"، سيوفر - بعد إعطاء الإذن باستعمال الطريق من طرف المدنيين وفتحه في وجه حركة السير بين المغرب وموريتانيا- حوالي ست ساعات لأرباب الشاحنات، اذ لن يضطر هؤلاء إلى الذهاب إلى موريتانيا عبر معبر الكركارات، على اعتبار أن معبر الكركارات سيصبح مختصا في ربط المغرب بدول إفريقيا الغربية عبر الواجهة البحرية، فيما سيصبح "معبر أمكالة"، بوابة المغرب نحو دول الساحل شرق موريتانيا، عبر أم كرين والزويرات.
العد العكسي لإحداث الطفرة بإقليم السمارة وفك العزلة عن هذا الإقليم، انطلق يوم 18 فبراير 2025 حين تم وضع الحجر الأساس لبناء محطة استراحة بطريق السمارة والحدود الموريتانية، مع الإذن بالبدء في استغلال خط جديد للطاكسيات بين السمارة وأمكالة عبر نقطة الكعيدة، فضلا عن إنجاز طريق الحوزة اجديرية لفتح السمارة مع الشمال الشرقي للمملكة عبر المحبس( إقليم أسا) وفم زكيد ( إقليم طاطا)، وإعادة إصلاح طريق أخفنير لربط السمارة بساحل جهة العيون.
والأمل أن أعود إلى مدينة السمارة ليس لاجتياز معبر أمكالة فقط، بل لألتقط صورة بمدرج المطار العسكري بالسمارة. إذ لو قامت السلطة المركزية بفتح مطار السمارة في وجه حركة الطيران المدني، لي اليقين أن مدينة السمارة ستصبح نقطة جذب مهمة في الأقاليم الجنوبية، وستتصالح السمارة مع ماضيها المجيد كأهم حاضرة مغربية في الصحراء.
إن الله يحب العبد الملحاح. فما المانع من أن لا نرفع سقف أحلامنا في السمارة عاليا !
إن الله يحب العبد الملحاح. فما المانع من أن لا نرفع سقف أحلامنا في السمارة عاليا !