الاثنين 13 يناير 2025
فن وثقافة

نايضة كبرها تصغار: احتجاز رئيس الحكومة ووزراء...

نايضة كبرها تصغار: احتجاز رئيس الحكومة ووزراء... الفيلم السينمائي "نايضة كبرها تصغار" الذي عرضه الممثل والمخرج سعيد الناصيري على قناته في اليوتوب
بعدما لم يجد سعيد سبيلا لعلاج والدته التي تعاني على مستوى القلب وتتطلب عمليتها الجراحية 120 ألف درهم، وسعيد مجرد مواطن بسيط يقطن في براكة  بحي صفيحي، ورب أسرة تتكون من زوجة وثلاثة أولاد، ويعيل أمه وأخته وابنها، ويمتهن النقل السري بواسطة دراجة ثلاثية العجلات (طريبوطور)، فقظ لجأ سعيد إلى صديقه وجاره صاحب مقهى شعبية في قلب كاريان سيدي مومن بالدارالبيضاء راجيا وساطته عند الوزير الذي هو رئيس الحكومة والذي يتخذ من مقهى الصديق مقرا للحزب في أيام الانتخابات، وقبل أن ينطلق سعيد وصديقه صوب اجتماع يحضره الوزير المقصود، يتهافت على مقر المقهى عدد من شبان وسكان الحي الصفيحي محملين بملفاتهم وطلباتهم يرجون إيصالها الى معالي الوزير ورئيس الحكومة، وبباب الفندق يمنع رجال الأمن سعيد وصديقه من دخول الفندق ولقاء رئيس الحكومة، تتقدم جارة سعيد وصديقه التي تعمل في نفس الفندق وقد رفض مديرها في العمل تحسين منصبها، وتدلهما على مدخل خفي للفندق فيجد سعيد وصديقه نفسهما في قاعة اجتماع الحكومة، يعطي رئيسها أمره لحارسه الشخصي بإخراج سعيد وصديقه، وهو ما سيقوم به الحارس الشخصي بكل عنف وقسوة تتسبب في سقوط صديق سعيد وتدحرجه على سلم الفندق، فيغضب سعيد ويهاجم الحارس ويسلب منه مسدسه لتنطلق منه رصاصة، ويعم رعب شديد أرجاء القاعة، ويتحول المشهد الى ما يشبه احتجاز  رئيس الحكومة وعدد من الوزراء ووفود أحنبية، ويجري إنزال أمني شديد وتتحدث وسائل الإعلام عن عملية إرهابية بعدما انضمت الجارة الناقمة على وضعها المهني  الى كل من سعيد وصديقه، وصار للثلاثة أسلحة نارية حصلوا عليها من الحراس الشخصيين لرئيس الحكومة ومدير الفندق...

كان ذلك مشهد من مشاهد الفيلم السينمائي (نايضة: كبرها تصغار) الذي عرضه الممثل والمخرج سعيد الناصيري على قناته في اليوتوب.

يحمل الفيلم رسائل قوية ومؤلمة، ويرصد حياة أحزمة الفقر والبؤس التي تنتشر على هامش مدينة عملاقة كالدارالبيضاء، ينطلق الفيلم من كاريان الرحامنة بسيدي مومن ليرصد صورا تسيء إلى الفاعلين السياسيين حكومة ومنتخبين وسلطات، براريك ضيقة وخربة، وممرات مخنوقة، وعيش وسط القش والقصدير والإهمال، وشباب يائس محبط تحاصره مزبلة يتخذونها عنوانا للاهتداء، وحتى عندما حاول رجال الأمن التفاوض مع سعيد ومجموعته لمعرفة شروطهم لإطلاق الرهائن، فتح سعيد حقيبة ظهره ليخرج منها "قنابل موقوتة" لم تكن غير ملفات سكان الكاريان وطلباتهم، تعددت ما بين طلب فرصة عمل، وسكن لائق و.. 

وغلبت على الفيلم نكهة السخرية وخفة القول والحركة وهي التيمة التي اشتهرت بها أعمال سعيد الناصيري، وقد كانت رسائل الفيلم شديدة ومحرجة ومباشرة لرئيس الحكومة ولوزير الاتصال ونظيره في السكنى وكذا وزيري الفلاحة والصحة هذا الأخير وتحت ضغط هلعه استجاب لطلب تطبيب والدة سعيد فأقلتها مروحية من كاريان الرحامنة إلى مصحة خاصة.. 

ودون الكشف عن كل تفاصيل الفيلم لا سيما نهايته المثيرة وغير المتوقعة فإن فيلم (نايضة: كبرها تصغار) يبقى من المناسبات القليلة جدا التي لامست فيها السينما المغربية هموم المواطن المغربي، ومعاناته مع الفعل السياسي العصي على الترويض والتطويع والمصالحة مع الذات ومع الناس... 

وبغض النظر عن بعض الملاحظات من متفرج وليس من متخصص كافتقاد الفيلم لمزيد من اللمسات الإبداعية في تمرير رسائله ، وظهور بعض التناقضات على مستوى الحبكة مثل الشرطي الذي أطلق النار على سعيد دون أن يلتزم بتعليمات رؤسائه، فإن العمل السينمائي (نايضة: كبرها تصغار) يمثل سينما الشعب، وهو توجه شقه الناصيري لنفسه بعدما هجرت السينما المغربية الأزمات الحقيقية للشعب...

فيلم (نايضة: كبرها تصغار) جدير بالمشاهدة وهو متوفر على قناة يوتوب، لا يتطلب غير وقت وصبيب أنترنت وفرجة ممتعة.