الاثنين 2 ديسمبر 2024
منبر أنفاس

إبراهيم أفروخ: تقسيم الصحراء وإستمرار دولة الجزائر..

إبراهيم أفروخ: تقسيم الصحراء وإستمرار دولة الجزائر.. إبراهيم أفروخ
في الكثير من المواقف التي يُعبر فيها النظام الجزائري، عن نواياه في ما يخصُّ النّزاع المُفتعل حول الصحراء المغربية، لا يُخفي حكام هذا البلد الجار طمعهم التاريخي في الحصول على حصة من أرض الساقية الحمراء وواد الذهب. فرغم تنوع أطماع هذا النظام في الصحراء إلى أن رغبتهم الجامحة ترتكز بالأساس في الوصول إلى منفذ للمحيط الأطلسي، لم تتغير هذه الرغبة بفعل تغير الحكام المتعاقبين على رأس هذا البلد، فمنذ تاريخ صناعتهم لجبهة البوليساريو سنة 1973 وإلى غاية الآن، وما يتبناه هؤلاء الحكام على إمتداد خمسين سنة من النزاع، والذي يهدف بشكل واضح إلى الحصول على قطعة من الصحراء، هذا الطمع لم يعد من أسرار حكام الجارة الشرقية حيث صار طمعم علني يُصرح به في كل المناسبات، كما هو الحال بالنسبة للرئيس عبد المجيد تبون الذي دأب على إعلان هذا الطمع في جميع خرجاته وتصريحاته الرسمية، وكان أخرها تصريح مثير تناقلته صحافة بلاده ومؤسسات إعلامية دولية يعلن فيه "أن الجزائر لن تتخلى عن الصحراء".
 
مطامع الجزائر الاستراتيجية؛ والمنفذ للأطلسي...
إن سياسة المغرب وطريقة تعاطيه مع قضية الصحراء، بالشكل التدريجي مكنته من معرفة كل أطماع هذا النظام في الصحراء، وفهمت المملكة سبب صرف هؤلاء الحكام لثلث ثروات الدولة الجزائرية على هذا المشكل، هذا النظام الذي لم يعد يهتم بالتنافس مع المغرب على الريادة الاستراتيجية في المجالات الاقتصادية والدولية والإفريقية والإقليمية كما يروج له من طرف دعايته الرسمية، لأنه وحلفاؤه مُقتنعون بالتفوق الطبيعي للمغرب في كل المجالات. فبالنسبة لروسيا التي تتفهم تركيبة هذا النظام المهترئة، فإنها تبدي مواقف حيادية في مجلس الأمن عبر الامتناع عن التصويت على قراراته المتعلقة بقضية الصحراء...
   
إقبار الإستفتاء، ومصلحة الجزائر...
إن إقحام الجزائر وحركة بوليساريو سنة 1991 لعشرات الألاف من الطوارق وركيبات الجزائر وعرب تندوف في لوائح موجهة برعاية الأمم المتحدة للمشاركة في الاستفتاء ، كان فقط خطة لعرقلة مسلسل تحديد الهوية وإفشال الاستفتاء، لأن الجزائر تأكدت أن الإستفتاء لا يضمن مصالحها. فالغالبية الساحقة من الصحراويين المعنيين بالنزاع كانو أمام خيارين؛ الانضمام للمغرب أو خيار الاستقلال عنه، وهنا ضاعت مصالح الجزائر في الصحراء، مما عرف مشروع الاستفتاء الإقبار، ليبتكر النظام الجزائري خيار التقسيم الذي كشف عنه موقع (ويكيليكس) الذي نشر رسالة سرية قد بعث بها الرئيس الجزائري سنة 2000 للسفير الأمريكي بالجزاير تقترح فيها على مبعوث الامين العام للأمم المتحدة للصحراء جمس بيكر تقسيم الصحراء بين المغرب وجبهة بوليساريو. المغرب أعلن رفضه لمضمون هذه الرسالة وكتبت عن ذلك الصحافة المغربية والصحافة الدولية .

الرسالة لم تفاجئ الصحراويين المغاربة في ذلك الوقت لوحدهم  بل أحدثت زلزلا كبيرا وسط مخيمات البوليساريو وتسببت في مراجعات سياسية عند بعض قادة تنظيم بوليساريو الذين اختاروا العودة إلى المغرب. 

مقترح التقسيم إنتاج جزائري خالص حولته من مقترح سري إلى علني؛ وقدمته رسميا للأمم المتحدة سنة 2001 كحل للنزاع، أكدت فيه طلب تقسيم الصحراء بشكل صريح ، ديمي ستورا لم يآت بجديد في سنة 2024 فقط أبلغ مجلس الأمن مقترح الجزائر وإلحاحها على تقسيم الصحراء، وديمي ستورا مقتنع أشد الإقتناع أن التقسيم مرفوض ملكا وشعبا.
 
الجهوية المتقدمة .. مقترح الحكم الذاتي 
ما فعله الإستفتاء بالجزائر فعله بها مقترح الحكم الذاتي، مبادرة الذاتي التي قدمها المغرب لطي ملف الصحراء سنة 2007، ليس فقط مبادرة متقدمة بل هو خطوة أقبرت مقترح التقسيم الذي تعشقه الجزائر حتى الجنون. نظام دولة يقف على أقدام تقسيم الصحراء، هو نفس النظام الذي لم يهتم بوفاة الراحل محمد عبد العزيز أخر زعماء المشروع الإنفصالي المخطط له في الصحراء، الراحل عبد العزيز المراكشي رحل ومعه مشروع دولة مستقلة كانت مرسومة على ثلثي أرض المملكة المغربية، ولم يترك خلفه سوى أطماع نظام كان ولا زال يرعى من يذكر التقسيم بخير، رعاية الجزائر لإبراهيم غالي المُنصب على المخيمات بتندوف كان من أجل التقسيم وليس لشيئ أخر. 
  
الزعيم الحالي للبوليساريو إبراهيم غالي لا يدافع عن فكرة التقسيم فقط بل يؤمن حصول الجزائر على المنفذ الموعود للمحيط الأطلسي، وهذه هي الحصة التي قد تسقط دولة الجزائر إن لم تتحقق.
 
فلسطين من أجل المنفذ للأطلسي 
المنفذ للمحيط الأطلسي ليس أهم عندهم من مصالح الصحراويين المعنيين بالنزاع في مخيمات تندوف، بل النظام الجزائري يفضل مفاوضات تناقش مسألة تقسيم الصحراء، على نقاش يثير القضية الفلسطينية في الأمم المتحدة، مطامع النظام الجزائري في الصحراء تجعله يقايض بالقضية الفلسطينية ويقدمها في أروقة الأمم المتحدة كغلاف لملف الصحراء، فلا حركة ولا سكون للجزائر بدون تقسيم الصحراء.
 
صحراء الأمس ليست صحراء
مكنت السياسة التي اتبعها الملك محمد السادس في تدبير قضية الصحراء في تحقيق المكاسب الإستراتيجية تلو الأخرى، فهو من أخرج الملف من إطاره المغلق إلى الملف المشترك بين الحكومة والشعب وصارت القضية تخضع للنقاش العمومي، ما كان هذا ليحدث لو لم يتم إبعاد إدريس البصري حينها الذي لم يستوعب طريقة تدبير الملك الجديد لملف الصحراء، 25 سنة من تدبير ملكي مدروس لملف الصحراء حسم كل المعارك لصالح الموقف المغربي. 
 
العيون تقضي على الحلم الجزائري
كل ردود الفعل التي عبر عنها النظام الجزائري ضد المغرب والمغاربة، هي نتاج تلقيه الهزيمة في أزمة كديم إزيك، والهزيمة في أزمة الكركرات، والهزيمة في ثني الدول الإفريقية التي فتحت قنصليات لها في مدينتي العيون والداخلة، إن النظام الجزائري يقبل بكل الهزائم في الصحراء إلا خيار التقسيم فإنه لا يقبل أن يتلقى فيه الهزيمة، فرغم استنزاف النظام الجزائري لمقدرات الشعب الحيوية والإقتصادية والدبلوماسية والثقافية والرياضية إلى أنه لم يستوعب بعد أن مدينة العيون انتصرت على مبادرة الجزائر في التقسيم وأصبحت عاصمة مغربية ناجحة.
 
روسيا وإيران .. وتقسيم الجزائر 
كل المراقبين و المتتبعين و المحللين والمتخصصين في النزاعات الدولية يعرفون أن وجود المقدرات الإقتصادية الجزائرية في يد روسيا و إيران هو مقابل لمواقفهم من النزاع حول الصحراء، بل يمكن أن تكون مثل هذه المقدرات في يد أي دولة تذكر المغرب بسوء أو تعطي موقف يدعم مسألة تقسيم الصحراء كما هو الحال بالنسبة لتونس التي حققت مواقف رئيسها العدائية للمغرب بعض المنافع المادية عليه، وأيضا أحد حكام ليبيا الذي يعادي المغرب مقابل أخد بعض الصور مع تبون وشنقريحة.