الأحد 24 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

الدكتور أنور الشرقاوي: إلى أي مدى تُفضِّل منظمة الصحة العالمية WHO الدول المتقدمة على حساب الدول الفقيرة ؟

الدكتور أنور الشرقاوي: إلى أي مدى تُفضِّل منظمة الصحة العالمية WHO الدول المتقدمة على حساب الدول الفقيرة ؟ الدكتور أنور الشرقاوي
منظمة الصحة العالمية (WHO) هي منظمة دولية تهدف إلى تعزيز الصحة للجميع، دون تمييز بين الدول.

ومع ذلك، هناك انتقادات تشير إلى أن الدول المتقدمة تستفيد أحيانًا من بعض الامتيازات مقارنة بالدول النامية في نهج المنظمة الإداري والإنساني.
إليكم بعض الديناميات التي توضح هذه الفوارق:

1 . التمويل وتأثير الدول المتقدمة
تعتمد منظمة الصحة العالمية بشكل كبير على المساهمات التطوعية من الدول الأعضاء والمنظمات الخاصة، التي تأتي غالبًا من الدول المتقدمة. هذا قد يؤدي إلى تفضيل مصالح الممولين الكبار مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حيث يحصلون على أولوية في توجيه التمويل نحو برامج تتعلق بالأمراض غير المعدية أو الأبحاث المتقدمة، وهي غالبًا ما تكون أكثر أهمية للدول المتقدمة.

علاوة على ذلك، تتمتع الدول المتقدمة بتأثير أقوى في اتخاذ القرارات الاستراتيجية للمنظمة بفضل قوتها المالية، مما قد يؤدي إلى إغفال احتياجات الدول النامية.

2 . الأولويات العالمية على حساب الاحتياجات المحلية
تركز منظمة الصحة العالمية على تبني استراتيجيات عالمية، لكنها قد تكون غير ملائمة للواقع المحلي في الدول النامية.
وفي هذه الدول، حيث تظل الأمراض المعدية والتحديات الصحية الأساسية على رأس الأولويات، قد تصبح هذه البرامج أقل فاعلية.

بالإضافة إلى ذلك، بينما تُعد الأمراض غير المعدية مثل السكري وأمراض القلب تحديًا عالميًا، فهي أكثر بروزًا في الدول المتقدمة. ورغم ذلك، توجه العديد من برامج منظمة الصحة العالمية نحو هذه الأمراض، تاركة موارد أقل للتعامل مع الأمراض المعدية وسوء التغذية في الدول النامية.

3. استجابة غير متكافئة للطوارئ الصحية
في أوقات الأزمات الصحية، وخصوصًا في الدول النامية، تم توجيه انتقادات لمنظمة الصحة العالميةOMS لتأخرها في الاستجابة.

مثال على ذلك هو تعاملها مع تفشي الإيبولا في غرب إفريقيا بين 2014 و2016، حيث اعتبر العديد أن استجابة المنظمة كانت بطيئة وغير كافية مقارنة بالأزمات التي قد تحدث في الدول المتقدمة.

الدول النامية، التي تعاني من بنية تحتية صحية ضعيفة، غالبًا ما تعتمد على دعم محدود وطويل الأمد من المنظمة، بينما تحصل الدول المتقدمة على استجابة أسرع وأكثر كفاءة في أوقات الأزمات.

4. عدم تكافؤ في الوصول إلى الابتكارات واللقاحات
تظهر التفاوتات بوضوح في توزيع اللقاحات، مثلما حدث مع جائحة كوفيد-19. وعلى الرغم من إطلاق برامج مثل "كوفاكس" لتوزيع اللقاحات بشكل عادل، تأخرت الدول النامية في الحصول على حصصها من اللقاحات بينما تم تفضيل الدول المتقدمة.

بالإضافة إلى ذلك، تميل منظمة الصحة العالمية إلى دعم الأبحاث المرتبطة بالتقنيات الطبية المتقدمة، وهي غالبًا ما تكون متاحة بشكل أكبر للدول المتقدمة، بينما تظل الدول النامية تفتقر إلى الابتكارات الأساسية.

5. التركيز على المصالح الجيوسياسية للقوى الكبرى
تمارس القوى الكبرى تأثيرًا سياسيًا على أولويات منظمة الصحة العالمية. فالقضايا الصحية في المناطق الحساسة سياسيًا قد تكون متأثرة بأجندات الدول المتقدمة. هذا التأثير يمكن أن يوجه الموارد والاهتمام إلى مناطق معينة على حساب مناطق أكثر احتياجًا من حيث الصحة العامة.

6. عدم تكافؤ في تعزيز القدرات المحلية
تقدم منظمة الصحة العالمية OMS برامج تدريبية لتعزيز قدرات الدول النامية، لكنها قد تكون غير كافية أو غير مناسبة. في المقابل، يتمتع العاملون الصحيون في الدول المتقدمة بتدريبات متقدمة وتكنولوجيا متطورة، بينما تفتقر الدول النامية إلى الموارد البشرية والمعرفة التقنية اللازمة.

7. التركيز على الأوبئة العالمية على حساب الأزمات المحلية
في الأوبئة أو الأزمات الصحية العالمية، يمكن للدول المتقدمة أن تعبئ بسرعة الموارد والبنى التحتية القوية.
وفي الوقت نفسه، تتلقى الأزمات الصحية المحلية في الدول النامية، مثل سوء التغذية والأمراض المحلية مثل الملاريا، اهتمامًا أقل.

الخلاصة
رغم أن منظمة الصحة العالمية WHO تسعى للاستجابة للاحتياجات الصحية على المستوى العالمي، إلا أن هناك عدم تكافؤ في نهجها الإداري والإنساني بين الدول المتقدمة والنامية.

تحتاج المنظمة WHO إلى إعادة تقييم أولوياتها وتكييف مواردها لضمان حصول الفئات الأكثر ضعفًا في الدول النامية على الاهتمام اللازم، سواء من حيث الوصول إلى الرعاية الصحية أو تعزيز القدرات المحلية والاستجابة للأزمات الصحية.

تحقيق التوازن في توزيع الموارد وبرامج مخصصة للواقع المحلي يعد أمرًا أساسيًا لتصحيح هذه الفوارق.