السبت 23 نوفمبر 2024
منبر أنفاس

يوسف البردويل:  فبأي ألاء ربكما تكذبان.. أختي زوجة الشهيد وأم الشهيدة

يوسف البردويل:  فبأي ألاء ربكما تكذبان.. أختي زوجة الشهيد وأم الشهيدة الكاتب الفلسطيني دكتور يوسف البردويل
فبأي ألاء ربكما تكذبان ، وكيف تكذبان ولها في الجنة مقعدان ، مقعدا فارقها في دنياها تاركا إياها بلا حب وحنان ممتشقا سيفه في وجه بني صهيون فأسماه ربي الحسام ، ومقعدا إرتحل ببراءته ورقته تاركا لها بحرا من الأحزان تغتسله أجزاءا حفظها من القران فجعل ربي ذلك المقعد في أعلى مراتبه وأسماه جنان ، أختي الغظنفر فازت ورب الكعبة بجنة لها بابان وبيدها مفتاحان إنهما " حسام وجنان " فبأي ألاء ربكما تكذبان...

أختي الصغيرة جائتني في منامي وأخبرتني قصتان ، إحداهما تروي تخاذل مسلمين باتو بلا إسلام وكل منهم لدينهم قد خان،  وإنسانية تدعي حقوق إنسان وقانون دولي خالي من الميزان وقالت لي أنها ناشدتهم صارخة أنها مكلومة ومظلومة وأنها سلبت كل معاني الأمان ، وأخبرتني أنها إستجدتهم ولكن لا مجيب والله المستعان ، وهمست بصمت لله أمري وعنده مقعدي أما أمرهم ومقعدهم فكل من عليها فان ، هذا ما أخبرتني به أختي فبأي ألاء ربكما تكذبان...

أختي حدثتني في قصتها الثانية  متسائلة لما حرموا إبنتي من إكمال حفظ القران ، ولما إجتثوا برائتها وغرسو أنيابهم في جسدها والكل شاهدا عيان ، ولما قطعو جسد زوجي وجعلوه أشلاءا فلا رأس على جسد ولا ساق مع اليد ولا عين في وجه ولا فم بأسنان ، تسألت لم إغتالو بنتي التي لم تتجاوز من العمر إثنى عشر وعامان ، وجعلوها ترتدي الثوب الأبيض ولكنه من أجمل الأكفان ، ومات زوجي مجموعا في أكياسا قد أرسالها لغزة العظيم السلطان ، وأكتفى من إسلامه برفع الأذان والصلاة على الميت بعد نطق الشهادتان ، هذا ما قالته لي أختي وهي تروي الروايتان ، فبأي ألاء ربكما تكذبان...
 
إختي رواية غزة المتكررة في كل بيت وأسرة هنالك أشلاء متبعثرة ، ومنازل مدمرة ، فلم تعد صخرة ولا حشرة ولا شجرة ، في غزة ذبلت الزهرة ، إختي تروي إبادة مقصودة لتكون للجميع عبرة ، بأن من يقترب من إسرائيل ستكون ناره حارقة ومستعرة ، وأن حياته تملؤها الكدرة وستسلب من القدرة وستزرع في قلبه الحسرة ولن تكون قابلة للنسيان وهذا ما قالته لي أختي عن غزة بلد الحرمان والفقدان ، فبأي الأء ربكما تكذبان ...
 
أختي زوجها شهيد قبل وفاته كان بطلا صنديد ولوطنه محاربا عنيد ولدينه متعصبا يفديه بدمه والوريد ، كان لين القلب في العضل شديد ، كان سلسا شابا جميلا وعذبا ولذيذ ، كان دمث الخلق ورجلا رشيد ، وكان بقربها ملكا وبرفقتها سعيد ، لكنه لعدو الله كان وعيد سلطه الله عليهم كالصلب الحديد ، فأغتالوه وقطعوه وشمتوه وصلبوه ولكنهم نسو أنهم أرسلوه لجنة الخلد شهيد ، في إستقباله هناك كان إبنتها ، مرارا تناديها تناشدها لما تركتوني وجعلتوني عن أهلي وعائلتي أحيد ، ولكن سرعة الرد جائت ، ونفذ ربي وعده المجيد ، وعادت إبنتها مبتسمة يا أمي اليوم عيد ، قد جاء إبي وأصبح للجنة بريق مميز وفريد اليوم يا أمي عيد ، اليوم يا أمي تزينت الجنة بريح وريحان ، وهذا ما ترويه صاحبة الشهداء الاثنان ، فبأي الأء ربكما تكذبان ...
 
في غزة كل النساء كما أختي وقد تكون أقلهن بلاء ، في غزة كل النساء ثكالى كلهن أرامل كلهن مكسورات كلهن محسورات ، وخارج غزة الكل متفرج على ذلك المهرج الذي إستباح حرمات كل المخلوقات وأباح كل المحضورات، في غزة الدموع في الشوارع والنوم على أصوات المدافع وملياري مسلم صامت ولا يوجد من يدافع ، في غزة مليون أختي حاولو قتلهن ولكنهن باقيات كبقاءا الايات الصالحات ، لانهن مصنع الرجال وأعظم الزوجات ، وتاج رؤوس كل الأمهات ، في غزة مليون أختي تعزف الألحان وستنثر عن جسدها كل الأحزان وستعيد مجد زوجها وسيشتد بها البنيان وسيعوضها ربي بلا حسبان ، وسيثقل بأمره لها الميزان ، وهذه قصة أختي زوجة حسام وأم جنان ، فبأي الاء ربكما تكذبان...