صادق مجلس النواب على مشروع قانون المسطرة المدنية رقم 02.23 يوم الثلاثاء 23 يوليوز 2024، وذلك في ظل غياب ملحوظ لنواب الأمة في جلسة التصويت حيث شهدت الجلسة تصويت 104 نائب بالموافقة و35 نائبا بالرفض.
الجدل الواسع لمشروع القانون
أثار مشروع قانون المسطرة المدنية جدلا واسعا بين مختلف المتدخلين في المجال القانوني بين مؤيد ومعارض لمقتضياته، تتعلق الشواغل الرئيسية بالمقتضيات التي قد تضرب عرض الحائط جملة من المبادئ الدستورية والمكتسبات الحقوقية، مما يعرض حقوق ومصالح المتقاضين للخطر.
أثار مشروع قانون المسطرة المدنية جدلا واسعا بين مختلف المتدخلين في المجال القانوني بين مؤيد ومعارض لمقتضياته، تتعلق الشواغل الرئيسية بالمقتضيات التي قد تضرب عرض الحائط جملة من المبادئ الدستورية والمكتسبات الحقوقية، مما يعرض حقوق ومصالح المتقاضين للخطر.
التناقضات الدستورية لمشروع القانون
أولا يأتي مشروع القانون هذا مخالفا لمبادئ الدستورية بحيث ينص الفصل 154 من الدستور في فقرته الأولى على أن "يتم تنظيم المرافق العمومية على أساس المساواة بين المواطنات والموطنين في الولوج إليها، والإنصاف في تغطية التراب الوطني، والاستمرارية في أداء الخدمات... ومع ذلك نجد أن مشروع قانون المسطرة المدنية يضرب عرض الحائط مبدأ المساواة بين المواطنين في الولوج إلى المرافق العمومية، وتحديد في حقهم في الاستئناف حيث يشترط في ولوج المتقاضين إلى الدرجة الاستئنافية حاجزا ماليا وجب توفرها للطعن في الحكم الابتدائي، بحيث يجب أن لا يقل الحكم الابتدائي عن مبلغ 30 ألف درهم، هذا التناقض يشير إلى رغبة المشرع في تقليص عدد الملفات التي تروج أمام محاكم الاستئناف لتغطية النقص الحاصل في الموارد البشرية، وذلك على حساب المتقاضين.
بل والأكثر من ذلك فإن مشروع القانون هذا حدد حاجزا ماليا أيضا للطعن بالنقض بحيث لم يعد من حق جميع المتقاضين الطعن بالاستئناف إلا إذا تجاوز الطلب 80 ألف درهم، وذلك مع العلم أن محكمة النقض هي محكمة قانون فقط.
أولا يأتي مشروع القانون هذا مخالفا لمبادئ الدستورية بحيث ينص الفصل 154 من الدستور في فقرته الأولى على أن "يتم تنظيم المرافق العمومية على أساس المساواة بين المواطنات والموطنين في الولوج إليها، والإنصاف في تغطية التراب الوطني، والاستمرارية في أداء الخدمات... ومع ذلك نجد أن مشروع قانون المسطرة المدنية يضرب عرض الحائط مبدأ المساواة بين المواطنين في الولوج إلى المرافق العمومية، وتحديد في حقهم في الاستئناف حيث يشترط في ولوج المتقاضين إلى الدرجة الاستئنافية حاجزا ماليا وجب توفرها للطعن في الحكم الابتدائي، بحيث يجب أن لا يقل الحكم الابتدائي عن مبلغ 30 ألف درهم، هذا التناقض يشير إلى رغبة المشرع في تقليص عدد الملفات التي تروج أمام محاكم الاستئناف لتغطية النقص الحاصل في الموارد البشرية، وذلك على حساب المتقاضين.
بل والأكثر من ذلك فإن مشروع القانون هذا حدد حاجزا ماليا أيضا للطعن بالنقض بحيث لم يعد من حق جميع المتقاضين الطعن بالاستئناف إلا إذا تجاوز الطلب 80 ألف درهم، وذلك مع العلم أن محكمة النقض هي محكمة قانون فقط.
من خلال هذا المعطى يتضح أن المشرع في مشروع القانون هذا يتناقض بشكل صريح وواضح مع أهم مبدأ دستوري، ألا وهو مبدأ المساواة في محاولة منه لتقليص عدد الملفات الرائجة أمام محاكم الاستئناف ومحكمة النقض لتخفيض الضغط عليهما، حتى ولو كان ذلك على حساب المتقاضين .
ثانيا يخالف مشروع القانون هذا مبدأ مجانية التقاضي المنصوص عليه في الفصل 121 من الدستور، والذي ينص على أن يكون التقاضي مجانيا في الحالات المنصوص عليها قانونا لمن لا يتوفر على موارد كافية للتقاضي.
فقد فرض مشروع القانون غرامات على المتقاضين في حالة خسارتهم للدعوى، مفترض فيهم سوء النية مما قد يثني المتقاضين عن اللجوء الى القضاء خوفا من الغرامات وبالتالي يؤدي إلى ضياع حقوقهم.
كما هو معلوم فلا يمكن لمشروع قانون هذا أن يخالف المقتضيات الدستورية وذلك على اعتبار على أن الدستور هو أسمى قانون في البلاد.
تأثير المشروع على حقوق المتقاضين
سيتسبب مشروع القانون هذا في ضياع حقوق المتقاضين وذلك من خلال تنظيم دور الوكيل، بحيث تنص المادة 76 من مشروع القانون على إمكانية تقديم الدعاوى أمام محاكم الدرجة الأولى من طرف المدعي أو محاميه أو وكيله وتحدد المادة 79 من نفس المشروع شروط الوكيل بأن يكون زوجا أو صهرا أو قريبا من الأصول أو الفروع، إلى الدرجة الثانية بينما تنص المادة 80 من نفس المشروع على الموانع التي يجب غيابها في الوكيل.
من خلال هذه المواد التي تنظم الوكيل سيتضح أن المشرع لم يعط أي أهمية علمية أو حقوقية الواجب توفرها في الوكيل، مما قد يؤدي الى عدم حماية حقوق المتقاضين ويفتح الباب أمام أشخاص غير مؤهلين قانونا للولوج الى مرفق العدالة.
سيتسبب مشروع القانون هذا في ضياع حقوق المتقاضين وذلك من خلال تنظيم دور الوكيل، بحيث تنص المادة 76 من مشروع القانون على إمكانية تقديم الدعاوى أمام محاكم الدرجة الأولى من طرف المدعي أو محاميه أو وكيله وتحدد المادة 79 من نفس المشروع شروط الوكيل بأن يكون زوجا أو صهرا أو قريبا من الأصول أو الفروع، إلى الدرجة الثانية بينما تنص المادة 80 من نفس المشروع على الموانع التي يجب غيابها في الوكيل.
من خلال هذه المواد التي تنظم الوكيل سيتضح أن المشرع لم يعط أي أهمية علمية أو حقوقية الواجب توفرها في الوكيل، مما قد يؤدي الى عدم حماية حقوق المتقاضين ويفتح الباب أمام أشخاص غير مؤهلين قانونا للولوج الى مرفق العدالة.
استبعاد الفاعلين الأساسين
لن يتم أي إصلاح لمنظومة العدالة بالشكل المطلوب، إلا بإشراك أغلب الفاعلين فيها، بما في ذلك المحامون الذين يعتبرون حرسا وصوتا للعدالة، وحيث لوحظ من بداية إعداد مشروع قانون هذا الى حين التصويت عليه، أن المشرع لم يقم بإشراك هؤلاء الفاعلين بشكل فعال ولم يأخذ بمقترحاتهم وتعديلاتهم بعين الاعتبار، مع العلم بأنهم هم الممارسون في الميدان، ولهم من العلم والمعرفة ما يكفي لإخراج قوانين، ذات المستوى المطلوب وفي مستوى تطلعات المتقاضين، في حين أن عدم إشراكهم وعدم الأخذ باقترحاتهم يجعلنا أمام مشروع لا يرقى إلى مستوى التطلعات في حماية وصيانة حقوق المتقاضين.
لن يتم أي إصلاح لمنظومة العدالة بالشكل المطلوب، إلا بإشراك أغلب الفاعلين فيها، بما في ذلك المحامون الذين يعتبرون حرسا وصوتا للعدالة، وحيث لوحظ من بداية إعداد مشروع قانون هذا الى حين التصويت عليه، أن المشرع لم يقم بإشراك هؤلاء الفاعلين بشكل فعال ولم يأخذ بمقترحاتهم وتعديلاتهم بعين الاعتبار، مع العلم بأنهم هم الممارسون في الميدان، ولهم من العلم والمعرفة ما يكفي لإخراج قوانين، ذات المستوى المطلوب وفي مستوى تطلعات المتقاضين، في حين أن عدم إشراكهم وعدم الأخذ باقترحاتهم يجعلنا أمام مشروع لا يرقى إلى مستوى التطلعات في حماية وصيانة حقوق المتقاضين.
عبد الرحيم تق تق، محامي بهيئة مراكش