ما زالت مادة "أنفاس بريس": "تطوان.. الانقلاب على نتائج تأهيل الأئمة يسائل المندوب الإقليمي ورئيس المجلس العلمي؟! "(الخميس 25 إبريل 2024)، تثير ردود الأفعال. مما يتعين الوقوف على عينة منها من منطلق الحفاظ على حق الإمام الناجح، في سياق التمكين لإرادة الدولة في تأهيل الحقل الديني، في زحمة مختلف أشكال ممانعة الخوارج لذلك.
أولا: فالإمام الناجح في امتحان التأهيل، ياسين أبو علي، عوض أن يثبت على حقه بسمت القيمين الدينيين، بدأ يغازل المندوب ورئيس المجلس العلمي، اللذين ضغطا عليه للتنازل عن حقه، بأسلوب سب موقع "أنفاس بريس"، ظنا منه أنه بهذا الانحطاط، سيستعيد حقه، والحال أن تحصيل ذلك، على إثر النقاش العام، يتجاوزهما الآن، في ظل تقصير وعجز المندوبية، وتواطؤ المجلس، إلى الرهان على سلطة الإقليم ووزارة الأوقاف في هذا التحصيل.
وقد بسطنا جانبا من موقف هذا الإمام، وهو يتهم "أنفاس بريس" ب"الصحافة المرتزقة"، في مادة :"تطوان.. واقع البناء العشوائي للحقل الديني على فوهة بركان!" (السبت 27 إبريل 2024). وقد تفاعل الفاعل الحقوقي،والأستاذ الحبيب حاجي، رئيس "جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان"، مع هذه المادة، وهو ينشر رابطها على صفحته بالفايسبوك، بشذرات هذا الاستهلال: "شكرا ل"أنفاس بريس" على مواكبة الحرب على الداعشية والوهابية و الإخوانية لصالح إمارة المؤمنين ._ نؤيد ماجاء في المقال أدناه، وماتضامننا مع المشروعية إلا لتزكية سيطرة إمارة المؤمنين على التدين عوض اسلام التطرف. لا نتحرك الا بناء على حقائق، ولا نتضامن إلا في سبيل حقوق الانسان، وكم من شخص تضامننا معه حقوقيا و تبرأ من شكواه بعد تسوية المشكل معه. لا يهمنا ما قاله الامام المؤهل، تهمنا المشروعية والشفافية وإرجاع الأمور الى نصابها وتحقق الهدف ...".
وبهذه النفس الحقوقي، سنتولى، وبإرادة التجاوز، بسط تدوينة أخرى لهذا الإمام، بصفحة "أنفاس بريس"،على الفايسبوك، لعله، يستوعب خطأه الذي يمس بشرط العدالة الواجب توفره في الإمام، بقوله:"بغيت نعرف شنو المصدر ديال هذ الخبر. لأني انا الفقيه المعين في هذه القضية، ولم أتعرض لأي ضغوطات لا من المجلس العلمي ولا من المندوبية، والناس الذين وصفتهم بتلك الصفات فهم بريئون من ذلك، بل إنهم رجال شرفاء. فمذا ستقولون لربكم عز وجل بعد هذا الاتهام كله، أو أنكم تختبئون وراء الشاشة وتلهثون على أسيادكم !!!!!".
وهكذا سيلمس القارئ جرعة السب، في قوله:" وتلهثون على أسيادكم "، بإضمار قوله تعالى: "كَمَثَلِ ٱلْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ". وبهذا يكون في تقديره، ما تكتبه "أنفاس بريس"، مجرد نباح الكلاب على الأسياد.
وبهذا السلوك سيفقد هذا الإمام أولا تعاطف "نادي تطوان الثقافي" مع قضيته، وهو إمام هذا النادي. خاصة وأن وفدا من هذا النادي قد رافع عنه أمام المندوب من أجل إنصافه. لكن وهو يعلم أنه من شروط الإمامة، حسب نظم ابن عاشر :"غير ذي فسق ولحن واقتدا"، فإن هذه الموانع من خلال سوء تدبيره لعدالة قضيته، ستجعله فاقدا لعدالة الأهلية في الإمامة.
ويظهر أنه بخرجاته المسيئة لمن انتصر لحقه، ليتزلف بذلك، لمن تورط في مخطط الالتفاف عليه، كان الغرض منه تبرئة المندوب ورئيس المجلس العلمي أمام مراجعهما الإدارية الأعلى رتبة.
وحتى رواد مسجد علي بن أبي طالب، في الاجتماع الذي انعقد هناك مع المندوب ورئيس المجلس، لمسوا تذبذبه بين القول بالتنازل داخل المسجد، وبعدمه خارجه. مما سيجعل وضعه الاعتباري أينما حل وارتحل، في كف عفريت.
ثانيا: كما كان هناك تفاعل آخر، من خلال مقال:"في شأن مغالطات حول نتائج تأهيل الأئمة بتطوان"،لكاتبه: محمد ربيعة،(27 - أبريل - 2024) بموقع "تطواني" الإلكتروني.
وقد تضمن المقال شقا متعلقا باستعارة لسان مندوب الشؤون الإسلامية. وشقا آخر يتعلق بتحريض الإمام المحتل الآن للمسجد، على مقاضاة "أنفاس بريس":
أ- فعلى المستوى الأول، اعتبر "أن المقال يحمل مجموعة من المغالطات تستوجب نشر التوضيح التالي". فذكر بمعطيات ومساطر إدارية متعلقة بتنزيل نتيجة التأهيل. واستتبع ذلك بهذا النفي: "إن المندوبية لم تتلق أية رسالة من الامام المذكور"، و"أن المندوبية لم تلتق بأية جمعية مدنية في الموضوع". وهذا يبين أنه أصبح ناطقا باسم المندوبية. وهذا أمر ليس له من تفسير سوى، أنه توصل بشق هذا التوضيح من المندوبية، فتبناه بدون تنقيح، خصوصا وأن هناك علاقة مصلحية متبادلة، مما يجعل هذا الشق من التوضيح فاقدا للمصداقية. ومن الوارد أن يرتد سلبا على علاقة المندوب بالإدارة المركزية لوزارة الأوقاف.
وبالنظر إلى أن كاتب المقال، يشغل مهمة الكاتب العام ل"جمعية نادي تطوان الثقافي"، وسبق أن زار المندوب، رفقة بعض أعضاء النادي، في موضوع الإمام ياسين أبوعلي، فإن نفيه لقاء المندوبية بأية جمعية مدنية، يبقى مجانبا للحقيقة، ويسائل دواعي نفيه.
ب- أما على مستوى الشق الثاني، فقد جاء فيه:" أن اتهام الجريدة الالكترونية لمن كان يتولى الإمامة بحكم شغور المنصب بمسجد الإمام علي بن ابي طالب بأن له نزوعات داعشية، يؤكد أن كاتب المقال مضطلع على النفوس، وأنه أصدر اتهاما في حق مواطن بسيط كل هدفه هو النجاح في امتحان التأهيل لممارسة الإمامة. وأن اتهامه يتطلب منه رفع دعوى قضائية في الموضوع..".
وهذا المستوى، وقد أفاض صاحبه في بيان دواعي تحريضه، يظهر أنه في عجالة من أمره،وهو يجتزئ الكلام من سياقه، حيث وقف عند ويل للمصلين .في حين أن النزوعات الداعشية محددة ماديا في مسلكيات مناهضة الأدبيات المذهبية، وافتقاد وزارة الأوقاف، السلطة عليه.وهذا ليس من قبيل الاطلاع على النفوس. كما أن الجهة التي تقف وراءه، ناهضت مرتين إرادة الدولة في ذلك المسجد. إذ لما يتعلق الأمر بمناهضة إرادة الدولة من خلال مرجعية إمارة المؤمنين، فإن هذه المناهضة لن تجد تفسيرها في ظل المعادلات القائمة، إلا في وهم دولة الخلافة لداعش.وهذا المستوى يختلف كليا عن صراع الأصوليين مع الديموقراطيين حول مفردات البناء الوطني،تحت سقف الدولة /الأمة في المغرب.
لذلك فالنزوعات الداعشية في مسجد/گراج علي بن أبي طالب، هي أفعال مادية ملموسة ،تسمح بقراءتها وتحليلها، واستشراف مخاطرها على الأمن العام، حسب سلم مستويات عولمة الظاهرة الأصولية، وبالتوصيف الذي يناسبها. لكن الكاتب بهذا التحريض، كان يصادر كذلك على مطلوب الجهة المسيطرة على المسجد، وقد عبرت عن عزمها على مقاضاة "أنفاس بريس"، فتطابقت الاصطفافات.
وهنا في هذه الإحاطة، لابد من لفت الانتباه إلى بديهية، من قبيل السماء فوقنا، وهي أن الصراع الإديولوجي، إنما يتم حسمه في المجتمع، وليس عبر القضاء، ونحن على وعي بأن الأصولية في مسلسل زحفها وسيطرتها على المجتمع، وفي تمددها كذلك في مفاصل العديد من المؤسسات، ستسعى- لتلبيس الحق بالباطل - إلى قياس حصانة القضاء. "تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ. قُلْ هَاتُواْ بُرْهَٰنَكُمْ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ"!