بتاريخ 18 أبريل 2023 أصدرت المحكمة الابتدائية بوجدة حكما بالسجن النافذ في حقّ شخص تزوّج عرفيا بطفلة في إحدى القرى، من دون سلوك مسطرة زواج القاصر. واعتبرت المحكمة في حكمها المبدئي الذي تنشره المفكرة القانونية أنه “لا يمكن للأعراف أن تلغي نصا قانونيا”، وأن “سوء النية مفترض في حالات تزويج الطفلات بشكل عرفي”، لأنهن “غير مكتملي النضج البدني والعقلي والعاطفي”، و”يتعين حمايتهن من جميع أشكال العنف الجنسي والمعنوي”.
ملخص القضية
تعود فصول القضية إلى تاريخ ماي 2022، حينما أشعرتْ مصالح الشرطة بمدينة بوعرفة بوجود ولادة غير شرعية بإحدى المستشفيات. وعند الانتقال إلى عين المكان، استمعتْ الشرطة للأم التي أفادت أنها تزوّجت عرفيّا من أحد شباب البلدة وذلك حينما كان سنّها لا يتجاوز 16 سنة، بعد إقامة حفل زفاف، وأن هذا الزواج أثمر عن انجابها لمولودها الأول، موضحةً أنّ الزواج تم بالفاتحة طبقا لتعاليم الدين الإسلامي، وأنها قررت الاحتفاظ بالمولود. وعند الاستماع للزوج أكد تصريحات زوجته موضحا أنهما ينتميان إلى إحدى القرى المحافظة التي تخضع للتقاليد والأعراف، لذلك اكتفى بالزواج عرفيا من دون أن ينجز عقد زواج، بخاصة أنّ الزوجة كانت دون سنّ الرشد القانوني، موضحا بأنه قام بفضّ بكارتها، حينما كانت قاصرا، ومنذ زواجهما وهما يعيشان تحت سقف واحد.
وعند الاستماع لولية أمر القاصر أفادت أنها خالتها، وهي التي تولت تربيتها بعد زواج شقيقتها، كما أنها اكتفت بتزويج ابنة أختها بالفاتحة، بعد إقامة حفل زفاف، بخاصّة أنها لا تتوفر على الوثائق الثبوتية لكون والداها انفصلا، ولم يعملا على تسجيلها في الحالة المدنيّة، مؤكّدة أنهم ينتمون إلى قرية محافظة تسودها الأعراف والتقاليد. بعد إحالة محضر الشرطة على النيابة العامة المختصة، قررت هذه الأخيرة تحريك المتابعة في حقّ “الزوج” ومتابعته من أجل جنحة هتك عرض قاصر من دون استعماله للعنف، طبقا للفصل 484 من القانون الجنائي، في حالة سراح.
تعود فصول القضية إلى تاريخ ماي 2022، حينما أشعرتْ مصالح الشرطة بمدينة بوعرفة بوجود ولادة غير شرعية بإحدى المستشفيات. وعند الانتقال إلى عين المكان، استمعتْ الشرطة للأم التي أفادت أنها تزوّجت عرفيّا من أحد شباب البلدة وذلك حينما كان سنّها لا يتجاوز 16 سنة، بعد إقامة حفل زفاف، وأن هذا الزواج أثمر عن انجابها لمولودها الأول، موضحةً أنّ الزواج تم بالفاتحة طبقا لتعاليم الدين الإسلامي، وأنها قررت الاحتفاظ بالمولود. وعند الاستماع للزوج أكد تصريحات زوجته موضحا أنهما ينتميان إلى إحدى القرى المحافظة التي تخضع للتقاليد والأعراف، لذلك اكتفى بالزواج عرفيا من دون أن ينجز عقد زواج، بخاصة أنّ الزوجة كانت دون سنّ الرشد القانوني، موضحا بأنه قام بفضّ بكارتها، حينما كانت قاصرا، ومنذ زواجهما وهما يعيشان تحت سقف واحد.
وعند الاستماع لولية أمر القاصر أفادت أنها خالتها، وهي التي تولت تربيتها بعد زواج شقيقتها، كما أنها اكتفت بتزويج ابنة أختها بالفاتحة، بعد إقامة حفل زفاف، بخاصّة أنها لا تتوفر على الوثائق الثبوتية لكون والداها انفصلا، ولم يعملا على تسجيلها في الحالة المدنيّة، مؤكّدة أنهم ينتمون إلى قرية محافظة تسودها الأعراف والتقاليد. بعد إحالة محضر الشرطة على النيابة العامة المختصة، قررت هذه الأخيرة تحريك المتابعة في حقّ “الزوج” ومتابعته من أجل جنحة هتك عرض قاصر من دون استعماله للعنف، طبقا للفصل 484 من القانون الجنائي، في حالة سراح.
موقف المحكمة
قررت المحكمة إدانة المتّهم من أجل المنسوب إليه، معاقبته بالسجن النافذ، معتمدة على العلل التالية:
* إن الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج طبقا للمادة 16 من مدونة الأسرة هي وثيقة عقد الزواج؛
* إن الاذن بزواج قاصر هو استثناء أحاطته مدونة الأسرة بضمانات وفرضت عليه رقابة قضائية صارمة، تستوجب احترام ضوابط خاصة، وصدور إذن قضائي معلل يبين مصلحة القاصر والأسباب الداعية إلى صدور الإذن، لتحقيق القصد والغاية من هذا الاستثناء، الذي لا يناقض مقاصد الشريعة الإسلامية التي تميل إلى اعتبار توثيق الزواج مطلوبا من أجل حفظ الحقوق بما يضمن أيضا الحفاظ على مصالح الأطفال الفضلى؛
* إن محكمة النقض اعتبرت في قرار مبدئيّ وهي تناقش الزواج العرفي بطفلة أنّه يعتبر جريمة هتك عرض يعاقب عليها القانون الجنائي؛
* الثابت من وثائق الملف أن المتّهم اختلى بالقاصر بمنزله وتزوجها بدون عقد زواج وهتك عرضها بعدما مارس عليها الجنس وافتضّ بكارتها، بحسب اعترافه، من دون سلوك مسطرة زواج القاصر التي أحاطها المشرع برقابة قضائية وإجراءات مسطرية دقيقة؛
* إن ما تمسك به المتهم لجهة أنّ العلاقة الجنسية بالقاصر تمّت بموافقتها لا يضفي عليها الطابع الشرعي، ويناقض مقتضيات اتفاقية حقوق الطفل، التي تعتبر الفتاة دون سن 18 سنة مجرد طفلة، غير مكتملة النضج البدني والعقلي والعاطفي ويتعين حمايتها من جميع أشكال العنف الجنسي والمعنوي، وتتمتع بعذر صغر السن وبحماية جنائية تناسب حالة الطفل القاصر، وتنسجم مع التزامات المغرب الدولية، ولا سيما المادة 34 من الاتفاقية، الفقرة الأولى التي تحظر كل أشكال الاستغلال أو الانتهاك الجنسي.
* ما تمسك به المتهم من مبررات بخصوص عدم سلوكه مسطرة زواج القاصر لا يمكن أن تلغي قاعدة قانونية آمرة تحت أي ظرف كان، ولا يمكن لهذه الممارسات التقليدية التي تنعكس على صحة الأطفال أن تصبح أمرا واقعا مفروضا، وتبقى بذلك بدون أثر قانوني؛
* القصد الجنائي مسألة واقع تستقل بتقديرها محكمة الموضوع وقد تبين لها من وقائع القضية سوء نية المتهم في عدم سلوك المسطرة القضائية لزواج القاصر.
وعليه قضت المحكمة بإدانة المتهم من أجل المنسوب إليه، ومعاقبته بالسجن النافذ لمدة سنة وغرامة نافذة قدرها 500 درهم.
قررت المحكمة إدانة المتّهم من أجل المنسوب إليه، معاقبته بالسجن النافذ، معتمدة على العلل التالية:
* إن الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج طبقا للمادة 16 من مدونة الأسرة هي وثيقة عقد الزواج؛
* إن الاذن بزواج قاصر هو استثناء أحاطته مدونة الأسرة بضمانات وفرضت عليه رقابة قضائية صارمة، تستوجب احترام ضوابط خاصة، وصدور إذن قضائي معلل يبين مصلحة القاصر والأسباب الداعية إلى صدور الإذن، لتحقيق القصد والغاية من هذا الاستثناء، الذي لا يناقض مقاصد الشريعة الإسلامية التي تميل إلى اعتبار توثيق الزواج مطلوبا من أجل حفظ الحقوق بما يضمن أيضا الحفاظ على مصالح الأطفال الفضلى؛
* إن محكمة النقض اعتبرت في قرار مبدئيّ وهي تناقش الزواج العرفي بطفلة أنّه يعتبر جريمة هتك عرض يعاقب عليها القانون الجنائي؛
* الثابت من وثائق الملف أن المتّهم اختلى بالقاصر بمنزله وتزوجها بدون عقد زواج وهتك عرضها بعدما مارس عليها الجنس وافتضّ بكارتها، بحسب اعترافه، من دون سلوك مسطرة زواج القاصر التي أحاطها المشرع برقابة قضائية وإجراءات مسطرية دقيقة؛
* إن ما تمسك به المتهم لجهة أنّ العلاقة الجنسية بالقاصر تمّت بموافقتها لا يضفي عليها الطابع الشرعي، ويناقض مقتضيات اتفاقية حقوق الطفل، التي تعتبر الفتاة دون سن 18 سنة مجرد طفلة، غير مكتملة النضج البدني والعقلي والعاطفي ويتعين حمايتها من جميع أشكال العنف الجنسي والمعنوي، وتتمتع بعذر صغر السن وبحماية جنائية تناسب حالة الطفل القاصر، وتنسجم مع التزامات المغرب الدولية، ولا سيما المادة 34 من الاتفاقية، الفقرة الأولى التي تحظر كل أشكال الاستغلال أو الانتهاك الجنسي.
* ما تمسك به المتهم من مبررات بخصوص عدم سلوكه مسطرة زواج القاصر لا يمكن أن تلغي قاعدة قانونية آمرة تحت أي ظرف كان، ولا يمكن لهذه الممارسات التقليدية التي تنعكس على صحة الأطفال أن تصبح أمرا واقعا مفروضا، وتبقى بذلك بدون أثر قانوني؛
* القصد الجنائي مسألة واقع تستقل بتقديرها محكمة الموضوع وقد تبين لها من وقائع القضية سوء نية المتهم في عدم سلوك المسطرة القضائية لزواج القاصر.
وعليه قضت المحكمة بإدانة المتهم من أجل المنسوب إليه، ومعاقبته بالسجن النافذ لمدة سنة وغرامة نافذة قدرها 500 درهم.
تعليق على الحكم القضائي
يعيد هذا الحكم القضائي الذي تنشره المفكرة القانونية الى الواجهة إشكالية تزويج الطفلات بشكل عرفي في المغرب وفي عدد من بلدان المنطقة، ويأتي بعد توالي صدور قرارات قضائية عن المحاكم المغربية بتجريم هذا الفعل إما باعتباره جنحة هتك عرض قاصر أو جناية الإتجار بالبشر متى تحققت أركان هذه الجريمة.
يلحظ أن تدخّل النيابة العامة في القضية كان بشكل تلقائيّ من دون وجود شكاية، وأنّ الأبحاث التي أمرت بها بمجرد إشعارها من طرف الشرطة بوجود “ولادة غير شرعية” انصرفت إلى تكييف العلاقة التي تمت بين شخص راشد وقاصر واعتبارها جريمة، حيث تابعت المتهم بجنحة هتك عرض قاصر من دون استعمال العنف، وقررت حفظ القضية في حق القاصر، باعتبارها ضحية اعتداء جنسي، وهو الموقف الذي كرسته محكمة النقض سابقا في اعتبار القاصرين ضحايا جريمة هتك العرض في كل علاقة جنسية تمت بينهم وبين أشخاص راشدين.
كان لافتا في صياغة الحكم استعماله لغة حقوقية من قبيل “الزواج العرفي بطفلة” عوض عبارة الزواج بقاصر المنصوص عليها في مدونة الأسرة، انسجاما مع نفس المصطلح الذي تستعمله اتفاقية حقوق الطفل، وتأكيدا على أن هذه الظاهرة تستهدف الطفلات بشكل خاص، فضلا عن توظيفه لعبارة الممارسات التقليدية وهو المصطلح الوارد في نفس الاتفاقية وعدد من اجتهادات لجنة حقوق الطفل.
يلاحظ أن الأطراف في القضية حاولوا التمسك بأعراف المنطقة وتقاليدها التي تجيز الزواج من دون ضرورة توثيق العقد، حيث تكتفي بإشهار العلاقة عن طريق حفل الزفاف، كما حاولوا إثارة أن الزواج قائم شرعا، وهو الأساس للقول بشرعية العلاقة الجنسية التي تمّت بين شخص راشد وطفلة.
ويلاحظ أن المحكمة ردّت على هذه المبررات بحجج متنوعة شرعية، قانونية وحقوقية، حيث اعتبرتْ أن مقاصد الشريعة الإسلامية تنسجم مع ضرورة توثيق عقود الزواج، حماية لحقوق كل أطراف العلاقة، معتبرة أن ما ساقه المتهم من مبررات لعدم سلوكه مسطرة زواج القاصر، بسبب الأعراف والتقاليد وخصوصيات المنطقة، لا يمكن أن ينهض كسبب مقبول لإلغاء نص قانوني، لأن “العرف لا يمكن أن يلغي قاعدة قانونية آمرة تحت أي ظرف كان”، و”لا يمكن لهذه الممارسات التقليدية التي تنعكس على صحة الأطفال أن تصبح أمرا واقعا مفروضا، وتبقى بذلك بدون أثر قانوني”.
وأخيرا من المأمول أن يسهم نشر هذا الحكم في دعم جهود مختلف الفاعلين في التصدي لظاهرة تزويج الطفلات والتي سجلت بحسب أرقام رئاسة النيابة العامة انخفاضا ملموسا في عدد الأذون الصادرة عن أقسام قضاء الأسرة بما يناهز أزيد من 50 %، وهو ما يزكي مخاوف المنظمات الحقوقية من إمكانية لجوء أسر الطفلات إلى تزويجهن من دون سلوك المساطر القانونية، من خلال زواج الفاتحة أو زواج الكونترا.
يعيد هذا الحكم القضائي الذي تنشره المفكرة القانونية الى الواجهة إشكالية تزويج الطفلات بشكل عرفي في المغرب وفي عدد من بلدان المنطقة، ويأتي بعد توالي صدور قرارات قضائية عن المحاكم المغربية بتجريم هذا الفعل إما باعتباره جنحة هتك عرض قاصر أو جناية الإتجار بالبشر متى تحققت أركان هذه الجريمة.
يلحظ أن تدخّل النيابة العامة في القضية كان بشكل تلقائيّ من دون وجود شكاية، وأنّ الأبحاث التي أمرت بها بمجرد إشعارها من طرف الشرطة بوجود “ولادة غير شرعية” انصرفت إلى تكييف العلاقة التي تمت بين شخص راشد وقاصر واعتبارها جريمة، حيث تابعت المتهم بجنحة هتك عرض قاصر من دون استعمال العنف، وقررت حفظ القضية في حق القاصر، باعتبارها ضحية اعتداء جنسي، وهو الموقف الذي كرسته محكمة النقض سابقا في اعتبار القاصرين ضحايا جريمة هتك العرض في كل علاقة جنسية تمت بينهم وبين أشخاص راشدين.
كان لافتا في صياغة الحكم استعماله لغة حقوقية من قبيل “الزواج العرفي بطفلة” عوض عبارة الزواج بقاصر المنصوص عليها في مدونة الأسرة، انسجاما مع نفس المصطلح الذي تستعمله اتفاقية حقوق الطفل، وتأكيدا على أن هذه الظاهرة تستهدف الطفلات بشكل خاص، فضلا عن توظيفه لعبارة الممارسات التقليدية وهو المصطلح الوارد في نفس الاتفاقية وعدد من اجتهادات لجنة حقوق الطفل.
يلاحظ أن الأطراف في القضية حاولوا التمسك بأعراف المنطقة وتقاليدها التي تجيز الزواج من دون ضرورة توثيق العقد، حيث تكتفي بإشهار العلاقة عن طريق حفل الزفاف، كما حاولوا إثارة أن الزواج قائم شرعا، وهو الأساس للقول بشرعية العلاقة الجنسية التي تمّت بين شخص راشد وطفلة.
ويلاحظ أن المحكمة ردّت على هذه المبررات بحجج متنوعة شرعية، قانونية وحقوقية، حيث اعتبرتْ أن مقاصد الشريعة الإسلامية تنسجم مع ضرورة توثيق عقود الزواج، حماية لحقوق كل أطراف العلاقة، معتبرة أن ما ساقه المتهم من مبررات لعدم سلوكه مسطرة زواج القاصر، بسبب الأعراف والتقاليد وخصوصيات المنطقة، لا يمكن أن ينهض كسبب مقبول لإلغاء نص قانوني، لأن “العرف لا يمكن أن يلغي قاعدة قانونية آمرة تحت أي ظرف كان”، و”لا يمكن لهذه الممارسات التقليدية التي تنعكس على صحة الأطفال أن تصبح أمرا واقعا مفروضا، وتبقى بذلك بدون أثر قانوني”.
وأخيرا من المأمول أن يسهم نشر هذا الحكم في دعم جهود مختلف الفاعلين في التصدي لظاهرة تزويج الطفلات والتي سجلت بحسب أرقام رئاسة النيابة العامة انخفاضا ملموسا في عدد الأذون الصادرة عن أقسام قضاء الأسرة بما يناهز أزيد من 50 %، وهو ما يزكي مخاوف المنظمات الحقوقية من إمكانية لجوء أسر الطفلات إلى تزويجهن من دون سلوك المساطر القانونية، من خلال زواج الفاتحة أو زواج الكونترا.