الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

نوفل البعمري: مدونة الأسرة.. إصلاح الإصلاح!!

نوفل البعمري: مدونة الأسرة.. إصلاح الإصلاح!! نوفل البعمري
تقدمت اللجنة المكلفة بتعديل مدونة الأسرة بمقترحاتها إلى رئيس الحكومة من أجل رفعها للملك قصد استكمال المسطرة التي انطلقت منذ تعيينها لفتح المشاورات وتنظيم جلسات استماع مع كل الطيف الحقوقي، السياسي، المدني في إطار عمل موسع استهدف جمع المقترحات ومحاولة تجميعها وتقديمها في إطار «مذكرة»، قصد وضعها بين يدي رئيس الدولة، والأكيد أن الملك كما في المرة السابقة عند صدور مدونة الأسرة سيحيلها على البرلمان لاستكمال المسطرة التشريعية، ولإصدارها باعتبارها قانونا وليس ظهيرا ملكيا، لفتح المجال أمام المؤسسة التشريعية لتقوم بدورها، ثم لتكون موضوع مراجعة أو تعديل لمادة من موادها كلما دعت الضرورة إلى ذلك، وهي منهجية ملكية ليست فقط سليمة، بل تحترم المنهجية الديموقراطية والدستور، وتحترم دور المؤسسات خاصة السلطة التشريعية منها، والآن وقد تم رفع المقترحات، ما المنتظر!؟!.

المنتظر أن يتحمل البرلمان بشكل خاص مسؤوليته تجاه هذا الإصلاح، ويكون دوره إيجابيا في دفع عملية التشريع إلى الأمام وتقديم المساهمات التي يمكن أن تُعجل بإصدار مدونة أسرة، تستجيب بداية لتطلعات الملك في الإصلاح، وتقدم إجابة عن كل الإشكالات القانونية، والعملية التي استدعت قرار مراجعتها وإصلاحها.

المنتظر أن يرتقي بعض القيادات الحزبية بالنقاش العام الذي سينطلق خاصة عند إحالة النص إلى البرلمان، بالتالي المجتمع ليس في حاجة لنقاش سياسوي، أو شعبوي يهدف إلى جمع النقط مجتمعيا على حساب النص، وعلى حساب التعديل، فكل المحاولات التي تريد جر النقاش إلى صراع الديكة هو تعبير عن جبن سياسي، أكثر منه شجاعة، كما أن الخطاب الذي سيتم التوجه به إلى المجتمع يجب أن يكون راقياً، بعيداً عن السوقية، أو السب والاتهامات المجانية التي لن تفيد في شيء، وبعيداً عن توجيه الأكاذيب والإشاعة خدمة لغرض سياسوي، حزبي ضيق.

من المنتظر أن يستمر النقاش داخل المجتمع، وهذا هو المهم أن تكون هناك مواكبة مجتمعية للمناقشات التي ستتم داخل البرلمان حتى يظل المجتمع في حالة تعبئة، ومواكبة للنقاش العام والعمومي، الذي سيتم بعد إحالة النص على البرلمان، هذا النقاش المجتمعي سيكون الإعلام خاصة العمومي منه طرفاً أساسياً فيه ومهماً، كما أن دور وسائل التواصل الاجتماعي سيكون أساسياً سواء رغبنا في ذلك أم لا، نظراً لكونه أصبح فضاءً مفتوحاً ومتاحاً للجميع، هنا لابد أن ننتبه إلى الإشاعة، والمواد التي قد يتم نشرها عن قصد وتنقل معطيات غير دقيقة قد تكون، أحيانا، كاذبة!!.

من المنتظر أن يكون للفاعل/ة الحقوقي/ة حضور مهم في مختلف النقاشات التي ستتم بعد إحالة المقترحات على البرلمان، لأنه في نهاية المطاف القضايا التي سيتم معالجتها هي قضايا مرتبطة بمبادئ وقواعد ومعالجتها ستتم وفق رؤية حقوقية، ووفق اختيارات المغرب الدستورية على رأسها الاختيار الديموقراطي ودسترة سمو المواثيق الدولية على التشريع الوطني، وهي قواعد أصبحت ملزمة للمؤسسة التشريعية ولا يمكن التحلل منها بداعي وجود خصوصية محلية قد تكون هذه الخصوصية في بعض الأحيان مكرسة للتمييز، وتجد امتداداتها في العادات والتقاليد، ومع مرور الوقت أُضفي عليها نوع من القداسة حتى باتت جزءاً من «الشريعة» في حين أن سندها غير مرتبط لا بالمذهب المالكي ولا بالدين الإسلامي.

من المنتظر ألا يتم الدفع باللحظة الحالية إلى مستويات من التوتر قد تصل إلى محاولة ابتزاز الدولة أو التأثير عليها أو تهديدها بتنظيم مسيرات مليونية!! للتشويش على إصلاح المدونة، وللضغط على أي إمكانية ليكون الإصلاح متوافقاً مع تطلعات المجتمع، فالطريقة التي تمت بها إدارة جلسات الاستماع واستقبال المذكرات كانت لحظة إيجابية ظلت فيها اللجنة منفتحة على كل المقترحات بمختلف المرجعيات السياسية، الفكرية…وكان عملها مطبوعاً بالهدوء، وهو ما يجب أن نستمر فيه، الاستمرار مناقشة النصوص المقترحة بعد إحالتها على البرلمان بنفس الهدوء، وأن نستمر في نفس الجو.

الآن سننتقل إلى مرحلة جديدة، وإلى حين إحالة النص على البرلمان من المهم أن يحترم بعض الطيف هذه المرحلة، والذي يشن، منذ انطلاق هذا المسلسل، الهجوم على أسماء بعينها، ومؤسسات بعينها على رأسها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وأن يتم احترام أن المقترحات هي بين يدي الملك، وينتظر الاطلاع على النص الذي سيتم إحالته قصد فتح نقاش مجتمعي حوله، آنذاك، ليساهم الجميع لكن في احترام للثوابت على رأسها تقبل مختلف المقترحات مادمنا في إطار لحظة مجتمعية تعني الجميع.