Friday 2 May 2025
سياسة

العمراني بوخبزة: الاقتصاد غير المهيكل أفرز نخبا "غير مهيكلة" وذات ثروات مشبوهة

العمراني بوخبزة: الاقتصاد غير المهيكل أفرز نخبا "غير مهيكلة" وذات ثروات مشبوهة العمراني بوخبزة، عميد كلية الحقوق بمرتيل
تعكس‭ ‬الأزمات‭ ‬المتواصلة‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬الحيوية‭ ‬مثل‭ ‬التعليم،‭ ‬والصحة،‭ ‬تسيير‭ ‬الشأن‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬الحكومة،‭ ‬والجماعات‭ ‬المحلية‭..‬،‭ ‬"تعكس"‭ ‬أزمة‭ ‬النخب‭ ‬المغربية‭ ‬خصوصا‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬صفة‭ ‬الفاعل‭ ‬السياسي‭ ‬«المناضل»‭.‬
 
وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬أكد‭ ‬محمد‭ ‬العمراني‭ ‬بوخبزة،‭ ‬المحلل‭ ‬السياسي،‭ ‬وعميد‭ ‬كلية‭ ‬العلوم‭ ‬القانونية‭ ‬والسياسية‭ ‬بمارتيل،‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لأسبوعية‭ ‬«الوطن‭ ‬الآن»،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬يعيش‭ ‬مشكلا‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الإنتاج،‭ ‬وآخر‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الدوران،‭ ‬مشددا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬آليات‭ ‬إنتاج‭ ‬النخب‭ ‬صارت‭ ‬معطلة‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬جدا،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭ ‬أن‭ ‬نطبق‭ ‬عليها‭ ‬أي‭ ‬نظرية‭ ‬من‭ ‬النظريات‭ ‬المعروفة‭ ‬في‭ ‬الأدبيات‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬السياسة‭ ‬المتعلقة‭ ‬بإنتاج‭ ‬النخب‭.‬
 
وأضاف‭ ‬المتحدث‭ ‬ذاته: «أن‭ ‬المغرب‭ ‬يعتمد‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الآليات‭ ‬لإنتاج‭ ‬النخب،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬يعتمد‭ ‬فيما‭ ‬قبل‭ ‬على‭ ‬أسر‭ ‬معينة‭ ‬لتزويد‭ ‬«دار‭ ‬المخزن»،‭ ‬وبالتالي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬الأخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬معايير‭ ‬محددة،‭ ‬تم‭ ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬النخب‭ ‬التي‭ ‬درست‭ ‬خارج‭ ‬المغرب،‭ ‬والتي‭ ‬تم‭ ‬الاعتماد‭ ‬عليها‭ ‬لمدة‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬تدبير‭ ‬الشأن‭ ‬العام،‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬أصبحنا‭ ‬نعتمد‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬النخب‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالجامعات‭ ‬المغربية،‭ ‬حين‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الأخيرة‭ ‬تؤدي‭ ‬وظائفها‭ ‬على‭ ‬مستويات‭ ‬متعددة،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬التدريس،‭ ‬ومنح‭ ‬الشواهد‭ ‬العلمية،‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬مشتلا‭ ‬للتنشئة‭ ‬السياسية،‭ ‬خاصة‭ ‬طلبة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الوطني‭ ‬لطلبة‭ ‬المغرب»‭.‬
 
وزاد‭ ‬محمد‭ ‬العمراني‭ ‬بوخبزة‭ ‬قائلا: «إن‭ ‬المغرب‭ ‬صار‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬«الأخويات»‭ ‬بحيث‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬من‭ ‬الأوقات،‭ ‬صار‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬النخب‭ ‬العلمية‭ ‬داخل‭ ‬الجامعات،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬البصري،‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬الأسماء‭ ‬لتحميلها‭ ‬مسؤوليات‭ ‬بوزارة‭ ‬الداخلية،‭ ‬كعمال،‭ ‬وولاة‭..‬تم‭ ‬بدأت‭ ‬فترة‭ ‬المستشار‭ ‬الملكي‭ ‬الراحل‭ ‬الفقيه‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬تدريب‭ ‬خريجي‭ ‬الجامعات‭ ‬الفرنسية،‭ ‬وخاصة‭ ‬البوليتكنيك‭..‬،‭ ‬تم‭ ‬تأسيس‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬النادي،‭ ‬ويتم‭ ‬عبره‭ ‬تكليف‭ ‬منتسبيه‭ ‬مسؤوليات‭ ‬معينة،‭ ‬وانتقلنا‭ ‬إلى‭ ‬الفترة‭ ‬الحالية‭ ‬التي‭ ‬أخذ‭ ‬فيها‭ ‬الشأن‭ ‬العام‭ ‬أبعادا‭ ‬جديدة،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬الأساليب‭ ‬التقليدية‭ ‬لتدبير‭ ‬الشأن‭ ‬العام،‭ ‬إلى‭ ‬أشكال‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬الحكامة‭..‬
 
وأضاف‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الانتقال،‭ ‬أنتج‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬الهوة،‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬ترغب‭ ‬فيه‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬نمط‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬التدبير،‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬موجود‭ ‬داخل‭ ‬الساحة‭ ‬من‭ ‬نخب،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬النخب‭  ‬مرتبطة‭ ‬بالجامعة‭ ‬المغربية‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬بدورها‭ ‬أزمة‭ ‬حقيقية،‭ ‬مما‭ ‬أثر‭ ‬على‭ ‬إنتاجيتها،‭ ‬وبالتالي‭ ‬ربما‭ ‬بدأ‭ ‬الآن‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬الأشكال‭ ‬الجديدة‭ ‬لاستقطاب‭ ‬نخب‭ ‬جديدة‭.‬
 
وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬استحضر‭ ‬العمراني‭ ‬بوخبزة‭ ‬اعتماد‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬نخب‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الرياضة،‭ ‬«كرة‭ ‬القدم»،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬استقدام‭ ‬كفاءات‭ ‬رياضية‭ ‬مغربية‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬وصار‭ ‬هناك‭ ‬توجه‭ ‬لجلب‭ ‬الكفاءات‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الصعوبات‭ ‬المادية،‭ ‬والمعنوية،‭ ‬حيث‭ ‬يحتاج‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬إغراءات‭ ‬للانتقال‭ ‬إلى‭ ‬المغرب،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬يلاحظ‭ ‬بين‭ ‬سطور‭ ‬النموذج‭ ‬التنموي،‭ ‬هناك‭ ‬محور‭ ‬خاص‭ ‬بكيفية‭ ‬جلب‭ ‬الكفاءات‭ ‬المغربية‭ ‬بأرض‭ ‬المهجر‭.‬
 
مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬عبد‭ ‬اللطيف‭ ‬ميراوي،‭ ‬وزير‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي،‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬صيغ‭ ‬لجلب‭ ‬الكفاءات‭ ‬العلمية‭ ‬المغربية‭ ‬بالخارج،‭ ‬للولوج‭ ‬إلى‭ ‬المغرب،‭ ‬وهو‭ ‬نفس‭ ‬التوجه‭ ‬لدى‭ ‬القطاعات‭ ‬الأخرى،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭.‬
 
من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬أكد‭ ‬محاورنا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الأزمة‭ ‬التي‭ ‬نعيشها،‭ ‬سببه‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬نخبة‭ ‬منافسة‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬موجود‭ ‬الآن،‭ ‬وهو‭ ‬الإشكال‭ ‬الذي‭ ‬طرحته‭ ‬الفقرة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الفصل‭ ‬47‭ ‬من‭ ‬الدستور،‭ ‬دون‭ ‬إعارة‭ ‬الاهتمام‭ ‬لذلك،‭ ‬بحيث‭ ‬أن‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬أضحت‭ ‬تبحث‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬المركز‭ ‬الأول‭ ‬لتشكيل‭ ‬الحكومة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬صارت‭ ‬جميع‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬تتهاتف‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يستطيع‭ ‬الفوز‭ ‬على‭ ‬مقعد‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬التشريعية،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الوسيلة،‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬الغاية‭ ‬تبرر‭ ‬الوسيلة‭.‬
 
وأضاف‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬أن‭ ‬التنافس‭ ‬على‭ ‬المقاعد‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل،‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬تغير‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المفاهيم،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬للمناضل‭ ‬وجود‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الحزبي‭ ‬المغربي،‭ ‬وصار‭ ‬المحدد‭ ‬للترشيح‭ ‬للانتخابات‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬هو‭ ‬«مول‭ ‬الشكارة»،‭ ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬معروف،‭ ‬المال‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬يعكس‭ ‬طبيعة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني،‭ ‬الذي‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬انعدام‭ ‬الهيكلة‭ ‬بنسبة‭ ‬80‭ ‬في‭ ‬المائة‭.‬
 
وأوضح‭ ‬بهذا‭ ‬الخصوص،‭ ‬أن‭ ‬جزءا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬الأغنياء،‭ ‬أو‭ ‬ممتلكي‭ ‬الثروة،‭ ‬مصدرها‭ ‬هذا‭ ‬الاقتصاد‭ ‬غير‭ ‬المهيكل،‭ ‬وبالتالي‭ ‬هناك‭ ‬ترواث‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬غير‭ ‬مشروعة،‭ ‬مما‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬كون‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬الساحة،‭ ‬تتوفر‭ ‬على‭ ‬اعتمادات‭ ‬تسمح‭ ‬لها‭ ‬بالتنافس‭ ‬على‭ ‬التزكيات،‭ ‬والتنافس‭ ‬على‭ ‬المقاعد،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أعطى‭ ‬الصورة‭ ‬الحالية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فهناك‭ ‬صراع‭ ‬بين‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المهيكل،‭ ‬وغير‭ ‬المهيكل،‭ ‬يقابله‭ ‬صراع‭ ‬بين‭ ‬نخب‭ ‬ذات‭ ‬كفاءة‭ ‬بتنشئة‭ ‬سياسية،‭ ‬تدرجت‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬نظري،‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬عملي‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬السياسي،‭ ‬وفئة‭ ‬أخرى‭ ‬وصلت‭ ‬بسرعة‭ ‬إلى‭ ‬مقاعد‭ ‬المسؤولية‭ ‬بدون‭ ‬أدنى‭ ‬كفاءة،‭ ‬وغالبيتها‭ ‬الآن‭ ‬وراء‭ ‬القضبان،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬متابعة‭ ‬قضائية‭.‬
 
وخلص‭ ‬المتحدث‭ ‬ذاته‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأصل‭ ‬في‭ ‬أزمة‭ ‬النخب،‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬المغربية‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬جدا،‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬المثل‭ ‬«من‭ ‬الخيمة‭ ‬خرج‭ ‬مايل»،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الجامعات‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬يزود‭ ‬الحقل‭ ‬السياسي‭ ‬بنخب‭ ‬لكي‭ ‬تتأقلم‭ ‬مع‭ ‬الأنماط‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬يحتاجها‭ ‬المغرب‭ ‬المعاصر،‭ ‬لكن‭ ‬الذي‭ ‬وقع،‭ ‬تراجع‭ ‬المستوى‭ ‬الدراسي،‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬هناك‭ ‬اتحاد‭ ‬وطني‭ ‬لطلبة‭ ‬المغرب‭ ‬لإنتاج‭ ‬نخب‭ ‬المستقبل،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يحدث‭ ‬سابقا،‭ ‬فهناك‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬في‭ ‬مراكز‭ ‬القرار‭ ‬تمرسوا‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الوطني‭ ‬لطلبة‭ ‬المغرب،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فواقع‭ ‬الجامعات‭ ‬فرض‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬مراكز‭ ‬القرار،‭ ‬والنخب‭ ‬المطلوبة‭.‬