يتطرق يحي المطواط، رئيس الفضاء المغربي – الإيطالي للتضامن وعضو المجلس الترابي الاستشاري للهجرة بميلانو لمشاركته في اللقاء السنوي للبنك الدولي والبنك العالمي المنعقد بمراكش في الفترة الممتدة من 9 إلى 15 أكتوبر 2023، مشيرا بأن هذه المشاركة تشكل فرصة بالغة الأهمية للتعبير عن رفض هيئته للنتائج الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لسياسات البنك الدولي والبنك العالمي في غياب تحقيق نتائج على مستوى التنمية في كل المجالات، وضمنها الهجرة التي - وفقا لرأيه - نتيجة الاستغلال البشع لثروات إفريقيا من طرف البلدان الرأسمالية المتوحشة..
في أي سياق تدخل مشاركتك في اللقاء السنوي للبنك الدولي والبنك العالمي بمراكش ؟
كفضاء مغربي – إيطالي للتضامن قدمنا من إيطاليا للتعبير عن رأينا في مجموعة من القضايا لأن الاجتماعات السنوية للبنك الدولي تشمل عدة مواضيع وقضايا، منها الهجرة، حقوق الإنسان، الاحتباس الحراري، الفقر على كوكب الأرض، حقوق الحيوانات..ونحن كفضاء مغربي - إيطالي للتضامن نقول في إطار هذا السياق : لا للفقر في إفريقيا على اعتبار أن هذه القارة تزخر بموارد كبيرة، إفريقيا غنية بمواردها الطبيعية، و بمناجم الذهب، الفوسفاط، الغاز..بمعنى أنها تتوفر على كل الشروط التي من شأنها أن تجعل منها أغنى قارة على كوكب الأرض ولكنها في الواقع تعيش الفقر من خلال سياسات البنك الدولي التي تسعى إلى إغراق البلدان الإفريقية في الديون من أجل التحكم في سياساتها العمومية، فيما يخص التعليم والصحة والاقتصاد، وفي مجموعة من المرافق الحيوية داخل هذه البلدان.
كما تشكل مشاركتنا فرصة بالغة الأهمية للتعبير عن رفضنا للنتائج الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لسياسات البنك الدولي والبنك العالمي في غياب تحقيق نتائج على مستوى التنمية في كل المجالات، فالدول الإفريقية مثلا بكل خيراتها تعيش تحت معدل الفقر والتي تكون من بين تداعياته الهجرة، فالهجرة اذا هي نتيجة الاستغلال البشع لثروات إفريقيا من طرف البلدان الرأسمالية المتوحشة، ونحن نرى أن سياسات البنك الدولي تخدم فقط مصالح كبار الرأسماليين في العالم، ولا تهمه مسألة تنمية أو مساعدة الدول النامية، ولذلك لابد للدول الإفريقية أن تتحرر من ديون البنك الدولي والبنك العالمي، طالما أن هذه الديون هي التي تحدد المسار الاقتصادي والسياسات العمومية للبلدان الإفريقية. في هذا الإطار أشير أننا عقدنا لقاء مع رئيس البنك الدولي أجاي بانكا، وقد كان لقاء " مثمرا " مكننا من إيصال أفكار ومقترحات المجتمع المدني فيما يتعلق بالهجرة والتغيرات المناخية، والفقر في العالم وحقوق الإنسان، وحول دور المجتمع المدني في تنزيل سياسات البنك الدولي، كما وجه المجتمع المدني نداء بالمناسبة من أجل تنزيل سياسات البنك الدولي على أرض الواقع..
ماذا عن موضوع الهجرة، هل تقدمتم بمقترحات في هذا الإطار ؟
لقد أكدنا بالمناسبة أن الهجرة لم يسبق لها أن شكلت مشكلة لبلدان الإقامة، ولكن هي حل لبلدان الإقامة مثل أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية واستراليا وكندا التي تعاني من الشيخوخة، وبالتالي فهذه الطاقات والكفاءات التي تنتمي للمهاجرين تساهم في إنقاذ هذه الدول، وهناك أسباب كثيرة للهجرة، وهي ليست محصورة في السعي وراء تحسين الأوضاع المادية للمهاجرين، ونحن في هذا الإطار نحمل المسؤولية للبنك الدولي الذي يغرق البلدان النامية في القروض مما يتسبب في الفقر والذي يقود حتميا نحو التفكير في الهجرة، وحين يدهم البنك الدولي كبار الرأسماليين والشركات الكبرى العاملة في مجال النفط والغاز والطاقات المتجددة. فإن مجال اشتغال هذه الشركات يؤثر على المناخ مما يؤدي الى الاحتباس الحراري والى الجفاف والكوارث الطبيعية..وكل هذا يؤدي الى الهجرة، ولذلك تسجل اليوم هجرة بسبب المناخ، كما تتسبب أيضا الحروب والكوارث الطبيعية في الهجرة، ولذلك تقع على البنك الدولي مسؤولية كبيرة في هذا الباب.
من جملة الإشكالات المطروحة في هذا الباب هو وجود تفاوت في إدماج المهاجرين في أوروبا مقارنة من مواطني هذه البلدان فما السبب في نظرك؟
أعتقد أن موضوع إدماج المهاجرين هو موضوع شامل وشاسع، والإدماج يعني الإدماج في مجموعة من المجالات : في سوق الشغل، الإدماج في المجتمع، وسنتطرق الى الإدماج في سوق الشغل، وفعلا هناك قوانين تحد من إدماج المهاجرين، حيث تعطى الأولوية لمواطني بلدان الإقامة بغض النظر عن الكفاءة مقارنة مع المهاجرين، كما تعطى الأولوية أيضا لمواطني بلدان الإقامة في مجال السكن، حيث يعاني المهاجرون من التمييز عند رغبتهم في إيجار مساكن، كما أن هناك قوانين تحد من الإدماج فيما يتعلق بالحصول على وثائق الإقامة، حيث تفرض شروط قاسية من أجل تسليم وثائق الإقامة الدائمة وهو الأمر الذي يحد من الإدماج، كما أن القوانين المتعلقة بالحصول على جنسية هذه البلدان، ولنأخذ مثال إيطاليا فهي تعد جد مجحفة، كما أن عدم تمكين مواليد إيطاليا من أبناء المهاجرين على سبيل المثال من الجنسية يعد إجحافا في حق هؤلاء، حيث لا يحصلون على الجنسية إلا بعد بلوغ 18 سنة، مما يحد من إدماجهم في مجموعة من المجالات، علما أن بعض المهن لا يمكن شغلها إلا من طرف يتوفرون على الجنسية الإيطالية، علما أن هناك بعض القطاعات لا يمكن ولوجها من طرف المهاجرين حتى وإن كانوا يتوفرون على الجنسية الإيطالية.
وكيف تنظر إلى التراجعات التي عرفتها قوانين الهجرة في عدد من البلدان الأوروبية مؤخرا، مثل فرنسا وإيطاليا ؟
أعتقد أن هذه التراجعات هي نتيجة للمد اليميني في هذه البلدان، وبالتالي من الطبيعي أن تسجل تعديلات في قوانين الهجرة لا تصب في مصلحة المهاجرين، فاليمين واليمين المتطرف دائما يحملون هاجس الخوف والهوس من المهاجرين، وخصوصا المهاجرين المنحدرين من البلدان الإسلامية..