الجمعة 7 فبراير 2025
اقتصاد

رضوان زهرو: احتضان مراكش لاجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد دليل ثقة في المغرب

رضوان زهرو: احتضان مراكش لاجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد دليل ثقة في المغرب رضوان زهرو، أستاذ الاقتصاد بجامعة الحسن الثاني الدار البيضاء
اختار كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لعقد الإجتماعات السنوية لعام 2023  مدينة مراكش خلال الفترة 9-15 أكتوبر ..
وفي هذا الإطار اجرت
"أنفاس بريس"، مع رضوان زهرو، أستاذ الاقتصاد بجامعة الحسن الثاني الدار البيضاء، الحوار التالي:
 
أولا- ماهي في نظركم دلالات اختيار المغرب ومدينة مراكش تحديدا، لإجتماعات مجموعة البنك وصندوق النقد الدوليين؟
اختيار المغرب لاحتضان الإجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في مدينة مراكش ما بين 9 و 15 أكتوبر 2023، لم يكن صدفة على الإطلاق، بالنظر إلى علاقة المغرب بمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، والتي ظلت دائما، علاقة متميزة، استثنائية ونموذجية.
المضي في عقد فعاليات هذا العام  رغم الزلزال الذي أصاب بلادنا و أصاب المدينة الحمراء ومنطقة الحوز؛ قرار  مهم وجريء له في الحقيقة، أكثر من دلالة:
- هو اعتراف من النظام الاقتصادي والمالي العالمي  باستعداد المغرب التام وقدرته الكبيرة اليوم على تنظيم هذا الاستحفاق الهام في موعده المحدد، علما بأن مدينة مراكش تبقى بعيدة شيئا ما عن بؤرة الزلزال ولم تصب بأضرار كبيرة:
هذا يعني الثقة في مؤهلات المغرب وإمكانات المغرب ومؤسسات المغرب.
- هو كذلك تعبير عن تضامن العالم أجمع مع المغرب، في هذه الظروف العصيبة التي يمر منها. المغرب الذي أبهر العالم، بأسلوبه  ومبادراته وسواعد أبنائه. وبما اتخذه من تدابير وإجراءات مند الساعات الأولى للزلزال،.
إذن الرسالة كانت واضحة:
هذا المغرب الذي نجح في مواجهة زلزال مدمر بكل المقاييس، لن يصعب عليه تنظيم اجتماع مهما كان حجمه وأهميته ..نعم المغرب يستطيع.. 
 
ثانيا- ما هي رمزية هذا الاحتضان في بلادنا، و ماذا سيربح المغرب من هذه الإجتماعات؟
هناك رمزية كبيرة لهذا الاحتضان:
- هذه الاجتماعات تؤشر على العودة إلى إفريقيا من جديد، بعد غياب طويل جدا، دام خمسين سنة، لكن هذه المرة، عبر بوابة المغرب.
- انعقادها في بلادنا، يعني تعزيزا لسمعة المغرب كوجهة مفضلة اليوم لتنظيم القمم والمؤتمرات الكبرى والمصيرية أحيانا بالنسبة للعالم؛ كبلد مستقر؛ بلد التسامح والتعايش والانفتاح على العالم.
- هذه الإجتماعات أكبر ترويج للمغرب، وصورة المغرب،  لغنى وتنوع المغرب، وتاريخه العريق، لموروثه اللامادي؛ ولجاذبيته الاقتصادية والسياحية والثقافية... على اعتبار أن مجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي هي أبرز  المؤسسات الدولية داخل النظام الاقتصاد - والمالي والنقدي- العالمي..
- هي كذلك اعتراف عالمي بمكانة المغرب، إقليميا ودوليا؛ اعتراف بريادة جلالة الملك ، وبنجاعة الاختيارات التنموية التي كرسها والإصلاحات الهيكلية الكبرى التي باشرها منذ توليه الحكم.
 
ثالثا- ماهو جدول الأعمال المطروح بالنسبة للمؤسستين وما هي رهاناتها؟
أنظار العالم ستتجه مرة أخرى، صوب المغرب، صوب مدينة مراكش، المدينة المنفتحة على العالم، والتي ستكون في إستقبال كبار صناع القرار الإقتصادي - والمالي والنقدي- العالمي: محافظي البنوك المركزية، ووزراء المالية والتنمية، البرلمانيين، كبار المسؤولين من القطاع الخاص، ممثلي المنظمات غير حكومية، والأكاديميين،  ورجال الإعلام ... وذلك لمناقشة القضايا ذات الإهتمام العالمي، ومنها: آفاق الإقتصاد العالمي في ظل الأزمات المتثالية؛ الإستقرار المالي والنقدي العالمي في زمن الرقمنة وبروز تحديات العملات الرقمية؛ قضايا التنمية والسياسات المالية؛ نجاعة وفعالية المساعدات والمعونات المالية؛ إلى جانب قضايا النمو والتشغيل والتضخم والقضاء على الفقر ..المغرب كبلد مضيف ، يقترح من جانبه، بعض القضايا الهامة للنقاش، كالشمول المالي والرقمي، التنمية المستدامة، إصلاح المؤسسات المالية الدولية، وعلى رأسها مؤسسات بروتن وودز؛ شبكات الحماية الإجتماعية؛ إلى جانب إشكالية التسامح والتعايش مع الآخر...
 
رابعا- ما معنى  اجتماع مراكش، حيث الدول الغنية هي المستفيدة بالأساس ، بينما الدول الفقيرة والنامية وخاصة داخل إفريقيا، تعيش في احلك الظروف؟ 
إذا كان البنك الدولي كإحدى مؤسسات النظام الإقتصادي العالمي، قد عهد إليه منذ التأسيس بتمويل المشاريع الكبرى للتنمية، فإن صندوق النقد الدولي يلعب دورا، ربما يفوق  بكثير، دور البنك الدولي؛ وربما يرجع السبب في ذلك إلى أن صندوق النقد الدولي قد عهد إليه بأخطر مهمة في فترة ما بعد الحرب؛ وهي العمل على استقرار أسعار الصرف وحرية تحويل العملات، فضلا عن أنه ظل لفترة غير قصيرة معنيا بأمور الدول المتقدمة، في حين أصبح البنك الدولي منهمكا في أمور الدول النامية؛ وهي أقل أهمية على المستوى الإستراتيجي وقد ظل صندوق النقد  الدولي مؤسسة صغيرة نسبيا إذا قورنت بالبنك الدولي، حيث ظل يتعامل مع عدد محدود نسبيا من الدول (الدول الصناعية) وذلك قبل أن ينجرف مثل البنك الدولي، إلى قضايا الدول النامية، حيث أصبح مع هذا الأخير، يمثلان ثنائيا لضمان الإصلاح الإقتصادي في دول العالم الثالث، منذ الثمانينات من القرن الماضي، ولضمان تحول الإقتصادات الإشتراكية إلى اقتصاد السوق في ما بعد؛ أي منذ بداية التسعينات.

انطلاقا من هذا، يمكن للمغرب ان يمثل صوت هذه الدول النامية والفقيرة، وأساسا صوت إفريقيا، أمام هذين المؤسستين، و داخل هذه الإجتماعات، ذلك الصوت المدافع عن إفريقيا و مصالحها وطموحاتها المشروعة، كما كان دائما، كصوت نزيه ومقبول من طرف الجميع. 

هناك اليوم عدد من القضايا والإشكالات والتحديات التي تهم إفريقيا (على سبيل المثال فقط المديونية- التغير المناخي- استنزاف الثروات، ضعف إشراك الشباب والنساء في التنمية ..) كما أن هناك أيضا في الوقت ذاته، الكثير من الفرص التي تتيحها إفريقيا للعالم في العديد من المجالات؛ فإفريقيا هي المستقبل؛ ومستقبل العالم موجود داخل إفريقيا. المغرب برؤية استشرافية من جلالة الملك، كان سباقا لاستكشاف إفريقيا، والشراكة مع إفريقيا، حتى قبل دول كبرى في العالم كالصين والهند وروسيا وأمريكا وتركيا .. وفق مقاربة متكاملة تقوم على:
مبدأ المصالح المشتركة؛ الإنفتاح وتنويع الشراكات؛ الأولوية للتعاون جنوب جنوب؛ التعاون القائم على الشراكة وليس على المساعدة؛ ثقة إفريقيا في إفريقيا وإمكانات إفريقيا؛ دعم أكبر لأفريقيا من خلال تمويل البنيات الأساسية ومواكبة جهود التنمية داخل القارة (خاصة ما يتعلق بالإنتقال الطاقية والانتقال الرقمي) إضافة إلى مواكبة الإصلاحات، بمنطق التوافق، بعيدا عن لغة الإكراه أو سياسة الإبتزاز.