الجمعة 7 فبراير 2025
كتاب الرأي

وحيد مبارك: أهل الكنانة .. لاتجعلوا وردة الروح الرياضية تذبل

وحيد مبارك: أهل الكنانة .. لاتجعلوا وردة الروح الرياضية تذبل وحيد مبارك
بات من المؤلم وليس فقط المؤسف متابعة مباراة في كرة القدم تجمع فريقا مغربيا بشقيقه المصري أو تجمع المنتخبين معا، في مختلف الفئات، لأن هذا الموعد الكروي الذي يجب أن يكون مناسبة تعكس وتترجم حجم الود والتقدير والأخوة التي تجمع بين البلدين الشقيقين والشعبين الطيبين يتحول وبكل أسف إلى لحظة قاتمة يسودها التنمر وتطبعها الإساءة، المادية منها والمعنوية، وتتحول إلى فرصة للتشكيك والطعن في الذمة الرياضية لطرف واحد وهو المغرب، من طرف بعض من يفتقدون للروح الرياضية المحسوبين على الرياضة أو على الإعلام أو المصنّفين ضمن خانة المؤثرين ورواد لمواقع التواصل الاجتماعي المصريين.
يوم السبت، كنا مرّة أخرى أمام مشاهد للعنف المعلن تجاه اللاعب المغربي عبد الصمد الزلزولي، في مشهد ذكّرنا بحادث مؤلم تعرَّض له النجم المغربي محمد التيمومي، وكاد التاريخ أن يعيد نفسه
مأساويا لولا الألطاف الربانية، وتابع الجميع كيف كانت الأقدام تهاجم قدمي الزلزولي عن سبق إصرار وترصد، في محاولة لكبح فنّياتهما الكروية بأي ثمن، حتى لو تطلّب الأمر ارتكاب "جريمة كروية" لا تتجاوز عقوبتها الحصول على بطاقة حمراء في أسوأ الأحوال والعقوبات؟
يوم السبت، تابعنا مرّة أخرى كيف أنه يمكن للاعب كرة القدم وبدون ذرّة حياء أن يدّعي وأمام العالم، أن مباراة ما، هي مخدومة، وأن يشير أمام الكاميرات بحركات توحي بأن الطاقم التحكيمي هو طاقم "مرتشٍ"، وبأن نتيجة المقابلة محسومة سلفا بتواطؤ من الاتحاد المنظم، دون أن يتوفر على دليل واحد، وقبل انتهاء الزمن الفعلي للمباراة في محاولة حقيقية للتأُثير على الحكام لربما يغضوا الطرف عن تجاوزات، أو يمنحوا هدايا، أو أن يكبحوا ترويض الخصم للكرة.
يوم السبت، تابعنا مرّة أخرى، كيف أن عددا من الرياضيين المصريين، وليس كلّهم، هم بعيدون عن الأخلاق وعن الروح الرياضية، وهو الأمر الذي تكرّر غير ما مرّة، من خلال نزع الميداليات ورميها في مختلف المناسبات. وهذه المرة ذكّرنا لاعب مصري آخر بذبول وردة الروح الرياضية حين صافح كل المسؤولين المتواجدين على بوديوم توزيع الجوائز وبالمقابل تجاهل ردّ سلام وتحية رئيس الجامعة الملكية المغربية لكل القدم، وهي الحركة التي تسيء وبكل أسف لصاحبها، لا للمسؤول الذي تحلى بالأخلاق الإنسانية والرياضية.
يوم السبت، تأكد لنا مرة أخرى، أن هناك من يشحن اللاعبين المصريين في كل مناسبة كروية، ويحمّل المباريات فوق ما تطيق، ويسعى لتحويلها إلى معركة مصيرية، ويرسخ لفكرة العظمة بشكل هستيري وجنوني، وبأن الفريق أو المنتخب لا يمكن أن يرضى بأقل من الانتصار ولا يجب أن يقبل بالخسارة، ولأجل ذلك يمكنه أن يقوم بكل الممارسات وأن يستبيح وأد الروح الرياضية.
يوم السبت، تبث لكل الأجيال، أن الاحتجاج المفرط والانفعالات الصورية والتحرشات والمناوشات، باتت كلها طقوس خاصة بكرة القدم المصرية، لأن هذا السلوك يتكرر في كل مناسبة كروية ولا يتغير وإن تغير اللاعبون والأطقم التقنية، ونفس الأمر بالنسبة لتضييع الوقت، وإدعاء الإصابات والأعطاب وغيرها من الممارسات التي باتت "ماركة مسجلة".
يوم السبت وحين انتهت المباراة، وقف الجميع على استمرار الإساءات التي كانت العديد من الصفحات التفاعلية مسرحا لها قبل وإبان المقابلة، واطّلع الكل على بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، التي وبكل أسف، كانت تصرّف كمّية كبيرة من الحقد ضدا عن كل النبل الذي يجمع بين البلدين والشعبين، والقيم الأصيلة التي من المفروض أن تمتّن العلاقات والتي يجب أن تسمو على كل الحسابات الكروية، لأنه في البداية والنهاية نحن أمام تنافس رياضي، لا بد فيه من منتصر ولا يقلل من قيمة وشأن الخصم الذي لم يساعده الحظ أو لم يكن في مستواه لعامل من العوامل، لدرجة أن أصوات العقل والحكمة تجد نفسها أقلّية وسط أمواج بحر الإساءة المتلاطمة وعواصفها الهوجاء.
إن ما وقع يوم السبت، وما وقع قبل ذلك، وما يستمر إلى غاية اليوم في وسائط مختلفة، يجب أن ينبّهنا جميعا من غفلتنا وأن يدفعنا للوقوف في صفّ واحد لمواجهة "جائحة الفتن" و "أعاصير الكراهية"، وأن يحفّزنا على أن نسقي أزهار الحب والأخوة لكي تينع أكثر ويستنشق روائحها الطيبة وأريجها العطر الجميع، صغارا وشبابا وشيبا، في القطرين هنا وهناك، وأن نحرص كل من موقعه على ألا تذبل وردة الروح الرياضية.