Wednesday 14 May 2025
مجتمع

محمد طارق: تقييم عام لحصيلة السنة الاجتماعية الأولى بعد اتفاق 30 أبريل 2022 (3\3)

محمد طارق: تقييم عام لحصيلة السنة الاجتماعية الأولى بعد اتفاق 30 أبريل 2022 (3\3) محمد طارق
تزامنا مع جولات الحوار الاجتماعي لهذه السنة، طرح مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة، ثاني «نقطة يقظة» حول موضوع: "شعار الدولة الاجتماعية في الميزان، قراءة في حصيلة السنة الاجتماعية الأولى (أبريل 2022، أبريل 2023).
"
أنفاس بريس" تنشر هذه الورقة على 3 حلقات، وهي من إعداد محمد طارق، أستاذ القانون بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية - المحمدية، جامعة الحسن الثاني - الدار البيضاء، وستتناول الحلقة الثالثة، والأخيرة تقييم عام لحصيلة السنة الاجتماعية الأولى بعد اتفاق 30 أبريل 2022: 
  
شكلت جولة أبريل 2022  للحوار الاجتماعي وما نتج عنها مخرجات، محطة أساسية للتوافق مع الشركاء الاجتماعيين  والاقتصاديين حول خلق جيل جديد من الحوار الاجتماعي، والعمل على مأسسته تعاقديا، وضمان إجرائه بانتظام وبشكل مستدام  على المستوى الوطني والقطاعي، وعلى مستوى المقاولة والمؤسسة، وعلى المستوى الترابي، وتحقيق الانسجام والالتقائية بين هذه الآليات على مستوى المواضيع المتحاور بشأنها والمخرجات المتوصل إليها، والتي تفاعلت الحكومة إيجابيا معها باعتبارها المسؤولة سياسيا عن التنزيل والتفعيل، وذلك على مستوى احترام دورية الحوار الاجتماعي، وتنظيمه في جولتي شتنبر 2022 وأبريل 2023، وعلى جدية العرض الحكومي من خلال قانون المالية للسنة المالية 2023، والإجراءات التشريعية المرافقة لتنزيل مخرجات الحوار الاجتماعي، وكذلك المجهود المبذول على المستوى التنظيمي في سياق دولي وإقليمي متسم بعدم اليقين، وبحدة الصدمات الخارجية والتي تؤثر على التوازنات الداخلية المطبوعة بالجفاف والتضخم وتباطؤ الاقتصاد الوطني، وموجات غلاء المواد الغذائية، مما يولّد ضغطا كبيرا على القدرة الشرائية للمواطنين، وهو السياق الذي يكاد يجعل المجهود الحكومي في تنزيل مخرجات اتفاق 30 أبريل 2022، غير ذي أثر اجتماعي مباشر على المواطنين والمواطنات، وخاصة الطبقة المتوسطة. 
  
كما أن نجاعة آليات الحوار الاجتماعي لا تقاس بوجودها ومدى انتظام عملها فقط، وإنما بما تنتجه من آثار ملموسة على مستوى الممارسة، وتحقيق السلم الاجتماعي، والنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة الدامجة لمختلف فئات المجتمع، وهو ما يتطلب ضرورة تكثيف المجهود الحكومي، وتعبئة التوافق المجتمعي من أجل تجاوز الاختلالات البنيوية التي عرفتها السنة الاجتماعية (2022 – 2023) على مستوى تنزيل مخرجات اتفاق 30 أبريل 2022، وخاصة  على مستوى ضرورة استكمال مأسسة الحوار الاجتماعي عبر التسريع بإحداث المرصد الوطني للحوار الاجتماعي كفضاء لترسيخ الثلاثية، وأكاديمية التكوين في مجال الشغل والتشغيل والمناخ الاجتماعي، وإقرار الزيادة العامة في الأجور، بما يحقق توازنا ماليا للأسر المغربية لدعم قدرتهم الشرائية، ومراجعة نظام الضريبة على الدخل، وحُسن تطبيق قانون الشغل في الوحدات الإنتاجية بالقطاع الخاص، وتفعيل الحوارات القطاعية على مستوى القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية.
بالموازاة مع ضرورة فتح ورش استكمال الترسانة القانونية المتعلقة بتشريعات العمل، عبر تفعيل دور لجنة تشريعات العمل المنصوص عليها في الميثاق الوطني لمأسسة للحوار الاجتماعي، والتي تحتاج إلى طلب الدعم التقني من منظمة العمل الدولية ومنظمة العمل العربية، بما يضمن التطبيق السليم لاتفاق 30 أبريل 2022، وفعلية شعار الدولة الاجتماعية الذي يروم في جوهره جعل المواطن ضمن الأولويات الكبرى في مسلسل الإصلاح، من خلال ترسيخ مبادئ التضامن والتكافل والتآزر الاجتماعي.
وختاما، يبقى الحوار الاجتماعي "مكسبا حقيقيا" في العلاقة بين الحكومة ومختلف الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين، وفي هذا السياق تنعقد جولة أبريل 2023 بوصفها فرصة لتقييم حصيلة السنة الاجتماعية (أبريل 2022 – أبريل 2023)، ولحظة أساسية ستتيح للنقابات عرض مجموعة من المشاكل التي تعاني منها الطبقة الشغيلة، وفي مقدمتها ضرورة تحرك الحكومة لاستتباب الأمن الغذائي الوطني وعودة أثمان المواد الأساسية إلى مستوياتها السابقة، عبر اعتماد آليات لتخفيض الأسعار، ودعم القدرة الشرائية للأجراء، والتسريع بتفعيل السجل الاجتماعي الموحد، والحوار الاجتماعي فضاء كذلك لسماع صوت الاتحاد العام لمقاولات المغرب الذي يطالب الحكومة باستعجالية التدخل لحماية المقاولة المغربية في هذه الظرفية الدولية والوطنية، وبتسريع إخراج القانون التنظيمي للإضراب وقانون النقابات، وستكون الحكومة ملزمة قبل تاريخ 30 أبريل 2023 بتقديم أجوبتها في خضم سياق وطني موسوم بالعديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية، أبرزها ضبط أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية والتحكم في التوازنات المالية مع الحفاظ على دينامية الاقتصاد وتعزيز مناعته وقدرته على الصمود في ظل طرفية عالمية سمتها الأبرز توالي الأزمات والصدمات، مقابل إقرار السلم الاجتماعي، بما يجعل من الحوار الاجتماعي آلية في خدمة الدولة الاجتماعية.