Monday 18 August 2025
مجتمع

رشيد أكركاض: مسبّبات العنف الطلابي إيديولوجية سيّاسية وسيوكولوجية وهذه مداخل للحلّ

 
 
رشيد أكركاض: مسبّبات العنف الطلابي إيديولوجية سيّاسية وسيوكولوجية وهذه مداخل للحلّ رشيد أكركاض
بداية‭ ‬أشير‭ ‬الى‭ ‬فكرتين‭ ‬أساسيتين‭ ‬لهما‭ ‬علاقة‭ ‬بالعنف‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬الطلابي‭ ‬المغربي‭. ‬ترتبط‭ ‬الأولى‭ ‬بكون‭ ‬العنف‭ ‬ليس‭ ‬ظاهرة‭ ‬مستجدة‭ ‬أو‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬المغربية،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬ظاهرة‭ ‬تاريخية‭ ‬مرتبطة‭ ‬بتاريخ‭ ‬المجتمع‭ ‬الطلابي‭ ‬المغربي‭. ‬أما‭ ‬الفكرة‭ ‬الثانية‭ ‬فهي‭ ‬أن‭ ‬مسببات‭ ‬العنف‭ ‬الطلابي‭ ‬عندما‭ ‬ننظر‭ ‬اليها‭ ‬من‭ ‬المقاربة‭ ‬السوسيولوجية‭ ‬نجد‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬ترتبط‭ ‬فقط‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬إيديولوجي‭ ‬سياسي‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬أساسا‭ ‬ترتبط‭ ‬بالبنية‭ ‬العمرية‭ ‬للطالب‭.‬

إن‭ ‬العنف‭ ‬كما‭ ‬أشرنا‭ ‬سابقا‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬اعتباره‭ ‬ظاهرة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬الطلابي‭ ‬المغربي،‭ ‬بل‭ ‬ان‭ ‬الرجوع‭ ‬الى‭ ‬تاريخ‭ ‬هذا‭ ‬الوسط‭ ‬سنجد‭ ‬أن‭ ‬العنف‭ ‬كان‭ ‬دائما‭ ‬حاضرا‭ ‬وممارسا‭ ‬بتعبيرات‭ ‬وتمظهرات‭ ‬مختلفة‭. ‬ولعل‭ ‬أبرز‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬الجامعة‭ ‬المغربية‭ ‬عرفت‭ ‬العنف‭ ‬بقوة‭ ‬كانت‭ ‬فترة‭ ‬نهايات‭ ‬الثمانينات‭ ‬وبداية‭ ‬التسعينات،‭ ‬حيث‭ ‬عرفت‭ ‬الجامعة‭ ‬تغييرات‭ ‬إيديولوجية‭ ‬وفصائلية‭ ‬ملحوظة‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬بروز‭ ‬فصائل‭ ‬وتنظيمات‭ ‬الإسلاميين‭ ‬لتنافس‭ ‬فصائل‭ ‬اليسار‭ ‬في‭ ‬الحضور‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬الجامعية‭.‬

وما‭ ‬يمكن‭ ‬تسميته‭ ‬بمسببات‭ ‬ودوافع‭ ‬ممارسة‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬الطلابي‭ ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬نوعين‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الدوافع‭.‬
الأولى: إيديولوجية‭ ‬سياسية. ‬
والثانية:‭ ‬سوسيولوجية‭.‬

أما‭ ‬الدوافع‭ ‬الإيديولوجية‭ ‬فتتجلى‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬تسميته‭ ‬بوهم‭ ‬الشرعية‭ ‬والتاريخية،‭ ‬حيث‭ ‬تنطلق‭ ‬بعض‭ ‬الفصائل‭ ‬الطلابية‭ ‬من‭ ‬فكرة‭ ‬كونها‭ ‬من‭ ‬يمتلك‭ ‬الشرعية‭ ‬التاريخية‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬الطلابي‭ ‬من‭ ‬حيت‭ ‬بداية‭ ‬التواجد‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬يتم‭ ‬بناء‭ ‬فكرة‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬الفصائل‭ ‬الأخرى‭ ‬تفتقد‭ ‬لهذه‭ ‬الشرعية‭ ‬التاريخية‭ ‬وهي‭ ‬دخيلة‭ ‬على‭ ‬الوسط‭ ‬الطلابي‭ ‬وبالتالي‭ ‬يصبح‭ ‬وجودها‭ ‬أمرا‭ ‬غير‭ ‬مرغوب‭ ‬فيه‭ ‬مما‭ ‬يولد‭ ‬عدة‭ ‬مشاكل‭ ‬وتشاحنات‭ ‬تبدأ‭ ‬صغيرة‭ ‬وتتحول‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬الى‭ ‬موجات‭ ‬من‭ ‬العنف‭.‬

إن‭ ‬الأمر‭ ‬هنا‭ ‬يرتبط‭ ‬بما‭ ‬يمكن‭ ‬تسميته‭ ‬بغياب‭ ‬ثقافة‭ ‬الإلاف‭ ‬عند‭ ‬بعض‭ ‬التيارات‭ ‬الفكرية‭ ‬حيث‭ ‬غياب‭ ‬مفهوم‭ ‬النسبية‭ ‬في‭ ‬التصور‭ ‬الفكري‭ ‬والتمحور‭ ‬حول‭ ‬الذات‭ ‬والنظر‭ ‬اليها‭ ‬بكونها‭ ‬صاحبة‭ ‬الحقيقة‭ ‬المطلقة‭ ‬والتصور‭ ‬السليم‭ ‬والصحيح‭.‬

أما‭ ‬الدوافع‭ ‬والمسببات‭ ‬السوسيولوجية‭ ‬فيمكن‭ ‬إرجاعها‭ ‬الى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المتغيرات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالطالب‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وبالجامعة‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬ثانية،‭ ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬البنية‭ ‬العمرية‭ ‬للطالب‭ ‬تكون‭ ‬أكثر‭ ‬قابلية‭ ‬للعنف‭ .‬

ومن‭ ‬جهة‭ ‬ثانية،‭ ‬هناك‭ ‬الإكتظاظ‭ ‬الذي‭ ‬تعرفه‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الجامعات‭ ‬المغربية‭ ‬حيث‭ ‬نجد‭ ‬جامعات‭ ‬معينة‭ ‬تستقطب‭ ‬من‭ ‬جهات‭ ‬مختلفة‭ ‬ومتعددة‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬الطلابي‭ ‬نموذجا‭ ‬مصغرا‭ ‬للمجتمع‭ ‬المغربي‭ ‬الكبير.‭

هذا‭ ‬الوضع،‭ ‬يدفع‭ ‬لبحث‭ ‬الحلول‭ ‬الممكنة‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬ظاهرة‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬الطلابي‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬معالجتها‭ ‬نهائيا‭ ‬إلا‭ ‬بما‭ ‬يلي:
 
أولا:‭ ‬تبني‭ ‬ثقافة‭ ‬الاختلاف‭ ‬وقبول‭ ‬الاخر‭ ‬والتخلي‭ ‬عن‭ ‬وهم‭ ‬الشرعية‭ ‬التاريخية‭ ‬بين‭ ‬التيارات‭ ‬الطلابية‭ ‬والتحلي‭ ‬بالحوار‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الفكري‭ ‬والعقلاني‭ ‬بين‭ ‬مكونات‭ ‬الوسط‭ ‬الطلابي‭.‬
 
ثانيا:‭ ‬معالجة‭ ‬وحل‭ ‬المشاكل‭ ‬المختلفة‭ ‬التي‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬الطلبة‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬بيداغوجي‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬اجتماعي‭ ‬كالمنحة‭ ‬والسكن‭ ‬الجامعي‭ . ‬وكذا‭ ‬حل‭ ‬مشكل‭ ‬الاكتظاظ‭ ‬الذي‭ ‬تعاني‭ ‬منه‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الجامعات‭ .‬

ملاحظة‭ ‬أخيرة‭. ‬أن‭ ‬ما‭ ‬تحدثنا‭ ‬عنه‭ ‬هو‭ ‬تمظهر‭ ‬ونموذج‭ ‬واحد‭ ‬للعنف‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬الطلابي‭ ‬وهو‭ ‬العنف‭ ‬بين‭ ‬التيارات‭ ‬الطلابية‭ .‬رغم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أشكال‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬الطلابي‭ ‬بين‭ ‬مكونات‭ ‬أخرى‭ ‬يحتاج‭ ‬هو‭ ‬الآخر‭ ‬للدراسة‭ ‬والتحليل‭.‬
 
رشيد أكركاض/ باحث في سلك الدكتوراه