بداية أشير الى فكرتين أساسيتين لهما علاقة بالعنف في الوسط الطلابي المغربي. ترتبط الأولى بكون العنف ليس ظاهرة مستجدة أو جديدة في الجامعة المغربية، بل هو ظاهرة تاريخية مرتبطة بتاريخ المجتمع الطلابي المغربي. أما الفكرة الثانية فهي أن مسببات العنف الطلابي عندما ننظر اليها من المقاربة السوسيولوجية نجد أنها لا ترتبط فقط بما هو إيديولوجي سياسي بل إنها أساسا ترتبط بالبنية العمرية للطالب.
إن العنف كما أشرنا سابقا لا يجب اعتباره ظاهرة جديدة في الوسط الطلابي المغربي، بل ان الرجوع الى تاريخ هذا الوسط سنجد أن العنف كان دائما حاضرا وممارسا بتعبيرات وتمظهرات مختلفة. ولعل أبرز فترة من تاريخ الجامعة المغربية عرفت العنف بقوة كانت فترة نهايات الثمانينات وبداية التسعينات، حيث عرفت الجامعة تغييرات إيديولوجية وفصائلية ملحوظة تمثلت في بداية بروز فصائل وتنظيمات الإسلاميين لتنافس فصائل اليسار في الحضور في الساحة الجامعية.
وما يمكن تسميته بمسببات ودوافع ممارسة العنف في الوسط الطلابي حيث يمكن التأكيد على أن هناك نوعين من هذه الدوافع.
الأولى: إيديولوجية سياسية.
والثانية: سوسيولوجية.
أما الدوافع الإيديولوجية فتتجلى في ما يمكن تسميته بوهم الشرعية والتاريخية، حيث تنطلق بعض الفصائل الطلابية من فكرة كونها من يمتلك الشرعية التاريخية في الوسط الطلابي من حيت بداية التواجد من هنا يتم بناء فكرة مفادها أن الفصائل الأخرى تفتقد لهذه الشرعية التاريخية وهي دخيلة على الوسط الطلابي وبالتالي يصبح وجودها أمرا غير مرغوب فيه مما يولد عدة مشاكل وتشاحنات تبدأ صغيرة وتتحول مع مرور الوقت الى موجات من العنف.
إن الأمر هنا يرتبط بما يمكن تسميته بغياب ثقافة الإلاف عند بعض التيارات الفكرية حيث غياب مفهوم النسبية في التصور الفكري والتمحور حول الذات والنظر اليها بكونها صاحبة الحقيقة المطلقة والتصور السليم والصحيح.
أما الدوافع والمسببات السوسيولوجية فيمكن إرجاعها الى مجموعة من المتغيرات المرتبطة بالطالب من جهة، وبالجامعة من وجهة ثانية، ومن ناحية نجد أن البنية العمرية للطالب تكون أكثر قابلية للعنف .
ومن جهة ثانية، هناك الإكتظاظ الذي تعرفه مجموعة من الجامعات المغربية حيث نجد جامعات معينة تستقطب من جهات مختلفة ومتعددة مما يجعل من المجتمع الطلابي نموذجا مصغرا للمجتمع المغربي الكبير.
هذا الوضع، يدفع لبحث الحلول الممكنة للتعامل مع ظاهرة العنف في الوسط الطلابي حيث أن هذه الظاهرة قد لا يمكن معالجتها نهائيا إلا بما يلي:
أولا: تبني ثقافة الاختلاف وقبول الاخر والتخلي عن وهم الشرعية التاريخية بين التيارات الطلابية والتحلي بالحوار الديمقراطي الفكري والعقلاني بين مكونات الوسط الطلابي.
ثانيا: معالجة وحل المشاكل المختلفة التي يعاني منها الطلبة منها ما يتعلق بما هو بيداغوجي وما هو اجتماعي كالمنحة والسكن الجامعي . وكذا حل مشكل الاكتظاظ الذي تعاني منه مجموعة من الجامعات .
ملاحظة أخيرة. أن ما تحدثنا عنه هو تمظهر ونموذج واحد للعنف في الوسط الطلابي وهو العنف بين التيارات الطلابية .رغم أن هناك أشكال أخرى من العنف في الوسط الطلابي بين مكونات أخرى يحتاج هو الآخر للدراسة والتحليل.
رشيد أكركاض/ باحث في سلك الدكتوراه
