الخميس 28 مارس 2024
خارج الحدود

الأب الفرنسي الذي انتزع ابنه من براثن الجهاد بسوريا

الأب الفرنسي الذي انتزع ابنه من براثن الجهاد بسوريا

بثت قناة مونتي كارلو الدولية حديثا مع عبد الرزاق شريف (فرنسي من أصل تونسي يقطن بمدينة نيس جنوب فرنسا ومتزوج بفرنسية) يروي فيه هذا المواطن مشاعره وهو "يكتشف ذات يوم أن اثنين من أبنائه، الأول يبلغ ثلاثة وعشرين عاما من العمر والثاني قاصر لا يتجاوز عمره السابعة عشرة عاما واسمه ألكسندر، ذهبا إلى سوريا من أجل الجهاد .لكن هذا الأب لم يستسلم، ولم يرضخ للأمر الواقع. بل سعى بكل قواه مستعملا كل الوسائل لإنقاذ ابنيه من براثن الجحيم السوري لأنه مقتنع تماما بأنهما ضحيتان للدعاية الجهادية المتطرفة". "أنفاس بريس" تعيد نشر هذا الحديث بعد أن نشره، أمس، موقع القناة بتوقيع الشاعر والإعلامي عبد الإله الصالحي، حيث يروي الأب نجاحه في إقناع ابنه الأصغر بمغادرة "ميدان المعركة"، وما تلا ذلك من تفاصيل: 

 

+ عبد الرزاق شريف، كنت الأسبوع الماضي في تركيا على الحدود السورية لإعادة ابنك ألكسندر القاصر والذي يبلغ من العمر 17 عاما من سوريا، ونجحت في إقناعه بأن يغادر مجموعته الجهادية في جبهة النصرة التي انضم إليها قبل 6 أشهر، وأن يعود إلى عائلته في مدينة نيس، فكيف جرى الأمر؟

- أدركت منذ البداية أنني لا يمكن أن أعيش بدون ألكسندر، وكان ينبغي أن يعود بأي ثمن، وقد استخدمت كلمة معينة كررتها كثيرا، نظرا لأن هؤلاء الناس يلعبون على الدين، وأنا أعرف الدين. فقلت له مرارا "إن ما يحدث هناك لا علاقة لك به، وبالنسبة لي، لا علاقة له بالدين، وكلما سارعت بالخروج كلما كان ذلك أفضل، خصوصا وأن الدين لم يدع لأن نتقاتل، وأعتقد أن ما قلته أثر عليه. قلت له " نرى أشلاء وأطرافا مقطعة، وهذا لا يخصك، بل إنه لا يخص الدين، ذلك إن الإسلام هو السلام، بينما ما نراه هو أشبه بشياطين يمزقون بعضهم البعض". وأعتقد أن هذا ما دفعه للتفكير وبدأ يقول "ولكن كيف يمكنني أن أفعل؟" وهنا أصبح علينا أن نفكر لتحديد وسيلة العودة.

+ لم تذهب شخصيا إلى سوريا، ولكنك أقنعته شيئا فشيئا عبر فيسبوك والهاتف ليأتي إليك على الحدود التركية؟

- وجدنا فندقا في تركيا، وبحث ألكسندر عبر الإنترنت ليجد أن المسافة بين موقعه وهذا الفندق تتراوح ما بين 10 إلى 14 كم، وقررنا أن نلتقي في فجر يوم الحادي والعشرين في هذا الفندق. سألته "هل أنت قادر على قطع المسافة ركضا؟" فقال لي "نعم أستطيع ذلك"

+ كيف عبر الحدود؟

- على الأقدام... ركضا.

+ كيف كانت مشاعرك عندما التقيت به؟

- لا توجد كلمة تعبر عن مشاعري، رأيت في عينيه... كما لو كان يقول "عشت كابوسا"... ثم قال لي "اعتقدت يا أبي أنني أستطيع مساعدة هؤلاء البؤساء"... لقد كان ساذجا لدرجة أنه صدق ذلك.

+ بعد فرحة اللقاء في تركيا تعودان إلى فرنسا، ولكن الأمور لا تسير كما كان متوقعا، لأن الشرطة كانت تنتظر ألكسندر؟

- عندما وصلنا إلى المطار، قالوا لي إن اسمه على قوائم ترقب الانتظار وأنه يجب إلقاء القبض عليه، وأذهلني الأمر لأن قاصرا في هذا الموقف هو بحاجة للمساعدة. وإذا كان من الطبيعي أن نطلب منه معلومات عن أسباب ذهابه إلى هناك ومن ساعده على ذلك... إلخ، فإنه لا يمكن أن تصل الأمور إلى المرحلة الراهنة أي احتجازه بصورة كاملة.

+ المشكلة أنك اكتشفت في فرنسا أن ألكسندر ملاحق في تهم خطيرة، خصوصا جرائم قتل ارتكبها في سوريا، ما رأيك؟

- بالنسبة لي، هذا أمر مستحيل، ولا أحدثك بلسان الأب فقط... إذا كان ابني خطيرا بهذا الشكل، كنت سأتردد أنا نفسي كثيرا قبل الذهاب للبحث عنه.

+ اليوم، ألكسندر في السجن، ما الذي تطلبه من العدالة الفرنسية؟

- أقول إننا أمام صبي خرج من هذه التجربة مضطربا... وقد وجه نداء استغاثة... ونجح في العودة، وبالتالي يجب معاملته وفقا لعمره. أعتقد أنه بحاجة لمربي وللتأهيل وللمتابعة النفسية، لأن من يعيش أوضاعا من هذا القبيل في سوريا فإنه بحاجة للمساعدة وليس للسجن مثل إنسان بالغ يدرك الفرق بين الصواب والخطأ. ألكسندر لم يعد متسللا إلى فرنسا، ولكنه عاد مع والده بطريقة واضحة وشفافة، وإذا كانت لديه نوايا سيئة لما عاد بهذه الطريقة... كيف يمكن اعتبار طفل في السادسة عشر إرهابيا.

+ قبل بضعة أسابيع في بروكسل عاد شاب من سوريا، ويشتبه حاليا في أنه قتل 4 أشخاص في متحف يهودي في بروكسل، هل تعتقد أنه يمكن لهؤلاء أن يندمجوا مجددا في المجتمع بعد مرورهم بتجربة الجهاد في سوريا؟

- بالتأكيد، فإذا انطلقت من حالة ابني، فإن لا علاقة له بالجهاد، ألكسندر أخذوه، ولا يمكن وصفه بالجهادي ذلك إن الجهادي الحقيقي لا يغادر ميدان الجهاد، ومجرد أنه عاد بنفسه، وخاطر بحياته من أجل العودة ومغادرة هذا الكابوس تثبت أنه لا ينتمي إلى هؤلاء الأشخاص.

+ ألكسندر كان قد ذهب إلى هناك مع شقيقه جوردن البالغ من العمر 23 عاما الآن، وشقيقه الأكبر ما زال في سوريا، هل تعتقد أنه يريد العودة هو الآخر؟

- إذا رأى جودرن أن الأمور تسير على ما يرام بالنسبة لأخيه سيطرح على نفسه السؤال في ما إذا كان ينبغي أن يفعل مثله... ويجب علينا أن نطرح السؤال في ما إذا كان هؤلاء الشباب جلادين أم ضحايا.

(عن موقع "مونتي كارلو"، حاوره: عبد الإله الصالحي)