الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

مراكشي: الصحراء المغربية والأطماع الدولية

مراكشي: الصحراء المغربية والأطماع الدولية إبراهيم مراكشي
لا جدال في كون مشكلة الصحراء هي مفتعلة، وأنه قد خطط لها لتشكل كيانا يعزل المغرب عن عمقه الاستراتيجي الإفريقي، ويطوقه بدول عدائية؛ ولا يشك عاقل ذو نظرة موضوعية أن الصحراء مغربية. التاريخ يؤكد ذلك، والجغرافية أيضا. غير أن القلة القليلة من تدرك أن هذا المشكل خلق بشكل لن يتم حله مطلقا، أو كما وصفه رئيس الوزراء الإسباني الأسبق فيليب غونزاليس ب "التعادل غير أو اللامتناهي" (un empate infinito). فحتى ولو اعترفت جميع الدول وأقرت بمغربية الصحراء، فلن يتم حل المشكل. عبقري ذلك "الخياط" الجغرافي الذي فصل وشكل حدود  دول شمال افريقيا، وملم جيد بتاريخ المنطقة، إذ ركز على قطبي الرحى بالمنطقة، وهما المغرب من جهة الغرب، ومصر من جهة الشرق. الذي خطط لمشكلة الصحراء جعلها لن تحل سوى بالحرب بين الجارين، المغرب والجزائر. حتى في هذه الحالة، ستكون مقبرة لكلا البلدين، ودخولهما في نفق مظلم، إذ ستكون الحرب عبارة عن انتحار جماعي لكلتا القوتين الإقليميتين، ودخولهما في مشاكل أكبر وأعوص من مشكلة الصحراء المغربية.
 
باختصار معضلة "الصحراء الغربية" هي الفخ الكبير للمنطقة. لكن واضع المشكل لم يضع في اعتباره لاحتمال ثالث، هو أن تشكل الصحراء المغربية مدخلا لاندماج وتكامل اقتصادي بين المغرب والجزائر ودول المنطقة ولهدم الحدود الاستعمارية؛ أو ربما وضع هذا الاحتمال بعين الاعتبار، ودرسه، لكنه تجاهله لأنه يدرك طبيعة عقلية ساكنة المنطقة التي لها ميل فطري نحو العناد واستحكام العداء. الصحراء المغربية تحتاج لحكماء. المغرب قدم حلا بديلا، غير أن الجزائر رفضته ولم تقدم أي حل بديل يقابل المقترح المغربي، وظلت متشبثة بمبدأ أكل عليه الدهر وشرب، ولا ينطبق على حالة ساكنة الصحراء. في المغرب يوجد حكيم يسوس ويحكم، منفتح على الحوار يمد يده للآخر، لكن في الجزائر تسوس عقلية عسكرية ستالينية، لها عقدة تاريخية مع النظام المغربي وحسابات تريد تصفيتها معه، ولها أطماع توسعية نحو المحيط الأطلسي. وهنا يكمن الفارق، وهنا يكمن المشكل الحقيقي، وأيضا المدخل لحل طال انتظاره وأعاق التكامل الاقتصادي بين دول المغرب الكبير..

إبراهيم مراكشي -أستاذ جامعي بكلية الحقوق طنجة-