الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

جمال العسري: لماذا يشن الوزير بنموسى الحرب على الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد ؟

جمال العسري: لماذا يشن الوزير بنموسى الحرب على الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد ؟ جمال العسري
ها هو سر التصعيد الخطير في حق الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد ... دك آخر حصون المقاومة ...
وزارة بنموسى ... تستفيد من دروس التاريخ ... درس الأراضي المحروقة ...
لماذا علينا جميعا الوقوف بجانب معركة الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد .. ببساطة لأنها معركتنا جميعا.
المتتبع بعين ناقدة و فاحصة للساحة التعليمية ... لن يستغرب البتة لهذا التصعيد الخطير الذي تواجه به وزارة بنموسى - القادم من الداخلية - نضالات الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد ، هذا المتابع سيدرك بسهولة دوافع هذا الهجوم الشرس على هؤلاء الأساتذة ... بداية الهجوم لم تكن وليدة اليوم ... لا بتاتا لم تكن وليدة اليوم ، و لا كان سببها الدافع إليها ما تقول عنه الوزارة أنه دفاعا عن مصلحة التلميذ .. فجميعنا يعلم أن آخر اهتمامات الوزارة ومسؤوليها هي مصلحة التلميذ أو حتى المدرسة العمومية برمتها .. و الأحداث القريبة تؤكد بالملموس ذلك .. فما سبب هذه الهجمة إذن ؟؟ ولماذا هي بهذه الشراسة ؟؟ شراسة توقيف عشرات بل مئات من الأساتذة ؟؟
لفهم السبب يجب العودة قليلا إلى الوراء .. إلى 18 يناير 2022 ،فقبل حوالي السنة وقعت الوزارة مع النقابات التعليمية الخمس اتفاقا و محضرا أوليا كان من أهم نقطه الاتفاق على السلم الاجتماعي وإعادة النظر في الأدوار النضالية للنقابات التعليمية .. و نتذكر جميعا الاستياء الذي استقبل به هذا الاتفاق و التنديد الواسع .. ومع ذلك استمرت الوزارة في ضغوطاتها وإغراءاتها و حربائيتها إلى أن وقعت اتفاقا آخر مع أربع نقابات تعليمية يوم 14 يناير 2023 .. وهو الإتفاق الذي رفضت توقيعه نقابة واحدة ووحيدة هي الجامعة الوطنية للتعليم FNE .. عدم توقيعها هذا عرضها لهجمات وتهجمات من كل الأطراف ..
المهم بعد التوقيع عمت الفرحة وزارة باب الرواح .. الفرحة بأنها حققت السلم الإجتماعي بوعود معسولة وكلام النوايا .. وأنها رفعت الإحتقان عن قطاع حساس هو قطاع التعليم .. ولكنها فوجئت بانتفاضة فئات واسعة من قطاع التعليم و تنسيقياته التي سارعت لإصدار بيانات الإدانة والاستنكار لإتفاق 14يناير .. فجندت الوزارة أبواقها .. وتجندت معها النقابات الموقعة لإطفاء نار الغضب .. وتابعنا ما قامت به هذه النقابات من إنزالات وزيارات لمقرات فروعها ، واستقبالات لممثلي التنسيقيات التعليمية لعل وعسى يتم إقناعهم بإخماد نار الغضب .. وإطفاء لهيب الإحتقان .. وهي العملية التي نجحت نوعا ما خاصة مع تراجع بعض التنسيقيات عن معركة "مسار" .. أو معركة تعبئة نقط المراقبة المستمرة .. وهذا الأمر كان سهلا مع تنسيقيات حديثة .. وغير متمرسة .. وبقت شوكة واحدة .. و هي أصعب الشوكات ، شوكة تنسيقية الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد .. التنسيقية التي تمتلك من التجربة والخبرة النضالية ما يكفي لمقاومة ما يخطط لأعضائها .. و لأن الجميع يعتبر هذه التنسيقية آخر حصون المقاومة .. وآخر حصون الكفاح .. وخط الدفاع الأخير في معركة الدفاع عن المدرسة العمومية ..
كان قرار وزارة بنموسى .. بشن هذا الهجوم الكاسح وغير المسبوق .. هجوم تجاوز كل الخطوط الحمراء و استعملت فيه كل أنواع "أسلحة الدمار الشامل" .. أسلحة تنتهك كل التشريعات والقوانين .. فكان سلاح قطع الأرزاق .. توقيف العشرات واليوم هناك حديث عن المئات من الأساتذة .. و توقيف أجرتهم .. والتهديد بالتشطيب النهائي عليهم من قطاع التعليم .. غير آبهة - هذه الوزارة - بالتشريعات التربوية ولا حتى بمواد مدونة الشغل ، هدفها واحد ووحيد هو دك آخر حصون المقاومة ولو بنهج سياسة الأراضي المحروقة .. فالوزارة و وزيرها القادم من دواليب وزارة الداخلية يدرك أن هذه هذ آخر معركة من معارك الحرب على المدرسة العمومية .. ويدرك أنه بكسر شوكة هذه التنسيقية وبدك هذا الحصن ستشرع الطريق في وجه كل المخططات التصفوية لقطاع التعليم خاصة بعد أن استطاع وبوسائله دفع النقابات التعليمة لتوقيع اتفاقيات السلم الاجتماعي .. اتفاقيات تغيير أدوار النقابة .. اتفاقيات الوعود والنوايا والكلام المعسول .
واليوم ها نحن نرى هذا الصمت الكبير .. بل الصمت المريب للنقابات التعليمية لما يقع لفئة واسعة من فئات أسرة التعليم ... صمت خطير أمام هذه التوقيفات وقبلها المحاكمات وبينهما التدخلات العنيفة لمواجهة احتجاجات الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد . كما نرى صمت فيدراليات وجمعيات آباء و أولياء التلاميذ بعد أن تمت عملية غسل دماغهم بسهولة ليصبح الأستاذ هوعدوهم و هو الواقف في وجه مستقبل أبنائهم..
لكل هذا وذاك من الواجب اليوم على كل من يرفع شعار الدفاع عن المدرسة العمومية أن يسارع للوقوف بجانب الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد. وأن يدافع عن مطالبهم العادلة والمشروعة، وهو في دفاعه هذا إنما يدافع عن المدرسة العمومية، و يدافع عن تلميذ هذه المدرسة، وهو يدافع ويناهض حرب التوقيفات إنما يدافع على آخر حصون المقاومة وآخر خط دفاع يحمي تعلمينا ويحمي مدرستنا ويحمي أساتذتنا ويحمي تلامذتنا .
أما النقابات التعليمية ومناضلاتها ومناضليها فعليهم تذكر قصة الثيران الثلاثة و الأسد وأن يدركوا أن ما يخطط لتنسيقية الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد ..وأن خطة مسح هذه التنسيقية ستتبعها أكيد خطط للانتهاء نهائيا مع العمل النقابي الجاد والمناضل ،فهل سيستوعب الجميع ما يقع اليوم ، حتى لا يقع الندم يوم الغد ؟؟