الجمعة 29 مارس 2024
اقتصاد

جدل زواج السلطة بالمال في المغرب.. اقرأ وجهة نظر قراقي

جدل زواج السلطة بالمال في المغرب.. اقرأ وجهة نظر قراقي عبد العزيز قراقي أستاذ العلوم السياسية (يمينا) وعزيز أخنوش رئيس الحكومة
أوضح عبد العزيز قراقي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن زواج السلطة بالمال موجود في كثير من دول العالم ووضعت له مجموعة من الضوابط القانونية، نفس الشيء بالنسبة للمغرب. وأبرز في حوار مع "أنفاس بريس"  أن دور  المؤسسات الرقابية هو ضبط الأمور الاقتصادية وإبعادها عن الأمور السياسية لكي لا يقوم السياسي عندما يصل إلى السلطة بخدمة مصالحه الاقتصادية. وقال أنه في الدول الديمقراطية الشخص ينجح اقتصاديا أولا وبعد ذلك يذهب إلى عالم السياسة إما لتطبيق برنامج أو فكرة أو ماشابه. في حين أن  العكس ما يحصل في المغرب.
 
في نظرك، أين تكمن مخاطر زواج السلطة والمال بالمغرب؟
زواج السلطة بالمال لا يقتصر فقط على المغرب، لكنه موجود في كثير من دول العالم ووضعت له مجموعة من الضوابط القانونية، نفس الشيء بالنسبة للمغرب، هذه الضوابط مثلا يمنع مستشار في جماعة ترابية منعا كليا أن تكون له علاقة تجارية بالمؤسسة أو الجماعة أو الجسم المنتخب فيه.
من وجهة نظري، زواج السلطة بالمال ليست مسألة قانون، ولكنها مسألة أخلاق أولا وقيم قبل كل شيء، بمعنى عندما يكون عند الأفراد تصورا للمصلحة العامة ويعرف حدودها مع المصلحة الخاصة، وحتى لو لم يكن هناك قانون فإنه بشكل عادي يمتنعون زواج السلطة بالمال.
في بعض المجالس المنتخبة في المغرب هذه القواعد لاتحترم، وهناك من يوظف ولايته الانتخابية والعمومية لفائدة خدمة ثروته الخاصة. في حين لازالت منظومة القيم عندنا غير مؤهلة لمقاومة هذا الأمر . وبالتالي لا أسائل هنا النصوص القانونية ولكن أسائل هذه المنظومة القيمية التي تسمح للفرد أن يزاوج بينهما عندما يصل إلى منصب للسلطة فإن غايته الأساسية هي جمع الأموال.
النقطة الثانية التي لابد من الإشارة إليها أنه في الدول الديمقراطية الشخص ينجح اقتصاديا أولا وبعد ذلك يذهب إلى عالم السياسة إما لتطبيق برنامج أو فكرة أو ماشابه. العكس عندنا هو أن الكثير من الناس يتحملون السياسة من أجل تكديس الثروات، وهذا ما يبين أن بعض الناس يمرون من المجالس المنتخبة وبعدها مباشرة يتغير وضعهم المالي والاجتماعي. وهذا يفتح لطرح أسئلة كبرى، كما أن أول من تظهر عليه  مصائب زواج السلطة بالمال هي التنمية، ليس فقط بالمغرب ولكن في كل دول العالم.
 
منذ انتخاب 8 شتنبر 2021 والعديد من المتابعين يحذرون من وجود عزيز أخنوش في رئاسة الحكومة بمبرر أنه يمثل طبقة رجال الأعمال التي تدافع عن مصالح شركاتها بدل الاهتمام بقضايا المواطنين؟
أنا غير متفق مع هذا الرأي، لا يمكن أن نقول في المغرب أن هذا الشخص بغض النظر عن أخنوش أو غيره، بأن وضعيته المادية المريحة تحرمه من حقوقه الوطنية في أن يكون ناخبا أو منتخبا أو ماشابه، وهذا فكر خاطئ. في الولايات المتحدة، عندما وصل ترامب إلى السلطة عن طريق الانتخابات لم يقل الأمريكيون بأن ترامب سيخدم مصالحه. والكثير من الأثرياء في العالم يلجون إلى السلطة عبر الانتخابات. لماذا نقبل عاطل ينجح في الانتخابات ويصل إلى السلطة، علما أن هذا الأخير أخطر بكثير من صاحب المال عندما يصل إلى السلطة.
أخنوش كسائر المواطنين من حقه أن يصل إلى السلطة مثل ما يصل الطبيب والمهندس وو..لهذا يجب أن نبتعد عن هذا النقاش، نقاش يراد به باطل ليس له أساس فكري وعقلي. من جهة ثانية، في المغرب كسائر دول العالم، أخنوش عندما وصل إلى رئاسة الحكومة، قام من الناحية القانونية بالتخلي عن مسؤوليته المباشرة والتجارية، في شركاته. ثم لابد من القول من الذي بوأ أخنوش هذه المكانة؟ الانتخابات، لذا يجب أن نقبل بنتائج الانتخابات.
 
لكن في هذه الظرفية، مع غلاء الأسعار والاحتقان الاجتماعي لم يلمس المواطنون من حكومة أخنوش إجراءات ملموسة تحد من موجة الغلاء، أكثر منها إجراءات حكومية في صالح الشركات الكبرى؟
القول الموضوعي هو أن المغرب الآن متأثر بالوضعية الدولية أكثر من أي شيء آخر، ونعلم أن الحرب الروسية الأوكرانية أثرت في العالم على مستويات متعددة وعلى الصادرات والوارادات، كما أن المغرب دولة مستوردة للطاقة وعندما ترتفع أسعار البترول فالكل يتأثر. ربما قد تكون هناك امتيازات على مستوى قوانين المالية  تدفع بمنح امتيازات لصالح الشركات.
لكن على المستوى العالمي هناك نظرتان اقتصاديتان تتجاذبان القوى السياسية، عندما تصل القوى اليسارية بالأخص ذات منحى اشتراكي إلى السلطة فإنها تدفع بالاهتمام بالنفقات الاجتماعية، وعندما تصل القوى الليبرالية فإنها تدافع دائما عن الليبرالية والاستثمار وتشجيع المقاولات.
ويبدو لي أن هناك عاملا أقوى من الحكومة،  نعلم الآن أنه دخلنا في مرحلة عجز مائي حقيقي الى جانب تأثر الفرشة المائية، وهذا له انعاكاسات كثيرة على السقي الذي يزودنا بالخضر  التي تباع في هذا الوقت بأثمنة جد بخسة. وبالتالي هناك معطيات موضوعية لابد من الوقوف عندها.
وما أآخذه شخصيا على  الحكومة أنها لا تتواصل مع المواطنين من أجل شرح هذه الأمور. وتترك نوعا من الضبابية ومن الجدل الذي ليس له أي أساس علمي يمتد وينتشر، وهذا بطبيعة الحال لابد من التغلب عليه.
 
كيف تتعامل الدول الأكثر ديمقراطية مع إشكالية زواج السلطة بالمال؟
 المعروف في الدول  الديمقراطية أن هناك قانون ومؤسسات من برلمان ومحاكم مالية وإعلام بصفة عامة تشتغل من أجل نوع من الرقابة ومن أجل أن لا يكون هذا الزواج الذي يؤثر سلبا، لأن السياسة إذا دخلها المال تتأثر سلبا، والمال إذا دخلته السياسة يكون التأثير سلبا، وبالتالي هناك مؤسسات وقوانين وأيضا رأي عام يتتبع هذه الأمور. ولهذا وضعت الدول المؤسسات الرقابية من أجل ضبط الأمور الاقتصادية وإبعادها عن الأمور السياسية لكي لا يقوم السياسي عندما يصل إلى السلطة بخدمة مصالحه الاقتصادية.