الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد المموحي: قرار البرلمان الأوروبي وحكاية حقوق الإنسان    

محمد المموحي: قرار البرلمان الأوروبي وحكاية حقوق الإنسان     محمد المموحي
كشفت بعض الأوساط المقربة من الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني عن  حجم الضغوطات التي تعرض لها  نواب الحزب للتصويت مع القرار الذي  دافعت عنه رئيسة البرلمان الأوروبي  المالطية -  روبيرتا ماسيولا- و معها  الفريق الفرنسي الذي يقف خلفه  اللوبي الصناعي و العسكري لفرنسا  وألمانيا، وهو  ما أشارت إليه  جريدة الكونفدوسيال  الإسبانية، كم كشفت أيضا شخصيات من اليمين الفرنسي المتطرف بالبرلمان الأوروبي على أن الغاز الجزائري الذي تلهث وراءه أوروبا لتعويض عجزها في مجال الطاقة الذي تعانيه بسبب العمليات العسكرية باوكرانيا ، و هي نفس المواقف المتطابقة مع مواقف  نواب الحزب الشعبي اليميني الإسباني PP. 
و معلوم  أن علاقة  المغرب بأوروبا   شابتها  العديد  من مظاهر الفتور  وصلت حد  النفور و التوتر  مع فرنسا  وألمانيا  في محطات كثيرة  بعد  إعلان الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي السابق  دولاند ترامب الذي اعترف  بالسيادة المغربية على الاقاليم الجنوبية المسترجعة من اسبانيا منذ سبعينات القرن الماضي ، و هو الموقف الذي سحب البساط  من تحت أقدام فرنسا  على وجه التحديد  باعتبارها الدولة الأوروبيةالتي تدعي صداقتها التاريخية مع مستعمراتها  الجزائر و المغرب  وبقيت  مخلصة  في إستمرار استغلالهما  باللعب  على صراعهما الذي افتعلته الجزائر   و غذته  و مولته  حتى  أصبح عقيدة لدى حكامها ٠
و السؤال  المطروح الآن في قراءة مضامين و رسائل هذا القرار للبرلمان الأوروبي هو :
 هل  اوروبا جادة في طرح  قضايا حقوق الإنسان و الحريات  خارج فضاءها  كمحدد  لسياستها الخارجية؟
ام  الخلفية الحقيقية  الكامنة خلف القرار هي مصالح اللوبي  المصالحي الصناعي العسكري.. في سياق هذا السؤال  لابد من التذكير  ان الديموقراطيين المغاربة  و كل القوى اليسارية والتقدمية   كانت و مازالت  مناضلة من أجل  إحترام حقوق الإنسان و حرياته  في الصحافة والاعلام  لأجل مجتمع ديموقراطي و إقامة  دولة المؤسسات و الحق و القانون  و كافحوا من أجل هذه المطالب  و أدوا ضرائب كبيرة  من حرياتهم و حياتهم  و أسرهم في  سبيلها  و في زمن الجمر  و الاستبداد  و كان فيه  البرلمان الأوروبي ينعم  في خيرات  الأنظمة  التي تفسح المجال لدوله و ساساته في  الإستمرار في نهب شعوب أفريقيا و الامة العربية، و يكفي للتدليل على هذه الحالة حالة الاستغلال البشع التي تمارسها فرنسا مع دولة و شعب النيجر الذي يعتبر اكبر منتج لمادة اليورانيوم  الذي يوفر  الطاقة النووية  لفرنسا  "الأنوار و حقوق الإنسان " بينما  شعبها  الإفريقي الوديع لا يتوفر حتى  على إنارة الكهرباء.
دون التذكير  كيف كان موقف فرنسا  و الغرب عموما من قضايا المعتقلين السياسيين المغاربة في سبعينيات و ثمانين القرن الماضي في زمن الرصاص  و معتقل تزمامارت و غيره كيف كان موقفه  من السرفاتي و من معه من معتقلي  حركة إلى الأمام و منظمة 23مارس و الشيخ عيد السلام ياسين   و غيرهم  ، بحيث بقي جبانا  خانعا لمصالح حكامه   ؛ حتى  أبدع  المغرب  بتوافق مع الملك محمد السادس  المصالحة التاريخية  في الإنصاف والمصالحة و جبر الضرر الفردي و الجامعي  و طي صفحة الماضي و التوافق على إبداع خريطة طريق  لمغرب جديد بديموقراطية الناشئة و  بنموذجه التنموي الواعد  و العائد إلى عمقه الإفريقي، و هو بيت القصيد الذي أقلق كل الدوائر الاستعمارية القديمة في أوروبا الحالمة بالابتزاز السخيف الذي يسعى إليه القرار الأوروبي المعني.
 إضافة الى هذا السياق السياسي  لابد  من تذكير  من هو في حاجة إلى ذلك  أن القضايا الحقوقية موضوع قرار البرلمان الأوروبي و المتعلقة بملفات معتقلي احتجاجات الحسيمة  هي قضايا سبق للقضاء المغربي ان بت فيها  و أصدر أحكامه في سنوات 2017 و 2020 و هي الأحكام التي طالبت  مختلف القوى الوطنية باطلاق سراح  المعتقلين فيها  ، تقديرا  من كل القوى الوطنية و الديموقراطية المغربية أنه من مصلحة المغرب  مواصلة الجهود الجماعية لأفق  جديد  يسحب  البساط من كل المتربصين بالمغرب و بمصالحه العليا.
عاش المغرب، ولا عاش من خانه..