في سياق الفضائح والسقطات التي تورط فيها وزراء حكومة أخنوش بشكل ملفت في ظرف وجيز ، طرحت أسبوعية "الوطن الآن " وموقع " أنفاس بريس "، سؤالا حول أسباب تناسل هذه الفضائح الوزارية وأسباب صمت أخنوش. فيما يلي إضاءة الفاعل السياسي جمال العسري، القيادي بالحزب الاشتراكي الموحد، حول الملف:
" الآن وقد مضى على تولي عزيز أخنوش لرئاسة الحكومة أزيد من سنة، أظن أن الرؤية قد اتضحت بخصوص المسار الذي انتهجته هذه الحكومة لنفسها، ولعل العنوان الكبير الذي يمكن عنونة به هذا المسار، هو "حكومة الپاطرونا وحكومة الفضائح". وإذا كان من الطبيعي تفهم وصفها بحكومة الپاطرونا وهي التي يترأسها أحد كبار پاطرونات الوطن وهي التي استجابت لجل مطالب الپاطرونا وانحازت لجل التعديلات التي قدمتها نقابة الباطرونا في الغرفة الثانية، فيمكن طرح سؤال عن الصفة الثانية صفة "حكومة الفضائح" فيكفي النظر إلى ما يمكن تسميته تجاوزا بسقطات الحكومة لتدرك مدى مطابقة هذا الوصف "الفضائح" للموصوف "الحكومة" ولو أن "حكومة الفضائح" تجاوز الوصف إلى التعريف. ويكفي أن تنظر لسقطات رئيسها ومرؤوسيها من وزراء لتدرك صحة الوصف والتعريف. وأنت تنظر لهذا لن تستغرب البتة للصمت المطبق الذي ألزمت رئيس الحكومة اتجاه سقطات/ فضائح وزرائه وآخرها فضيحة أو فضائح وزيره في العدل الذي ينتقل من فضيحة لأخرى، وما أن ينهض من سقطة حتى يسقط واحدة أخرى أشد من الأولى، ولا يحتاج الأمر لنباهة للجواب عن سؤال صمت السيد أخنوش بل تجاوز الصمت للدفاع عن وزرائه وتبريرفضائحهم التي لا تبرر.. ولنتذكر ما صرح به وزير العدل السيد "وهبي" قبل يومين بأن رئيسه يقف بجانبه بل ويدافع عنه، ومن سيدافع عن صاحب السقطات والفضائح غير من لا تفارقه هو الآخر سقطاته. حتى أصبحنا وكأننا أمام حكومة رسمت ضمن استراتيجياتها استراتيجية الإلهاء عبر توالي الفضائح. استراتيجية توجيه الرأي العام الوطني والمتابعين لهذه الفضائح و إلهائه بها، لتذهب هي في تنفيذ سياساتها اللاشعبية واللاوطنية. مادامت هي متأكدة بأن المؤسسة التشريعية هي بيدها بأغلبيتها المريحة يمكنها تمرير ما تريد الوقت الذي تريد، وأن المعارضة الحقيقية هي معارضة الشعب معارضة المواطنين الذين يعبرون عن ذلك في العالم الافتراضي، ليتم إلهائهم بالفضائح، التي تتتابع بدون حسيب ولا محاسبة.
السيد رئيس الحكومة. وهو يكون حكومته أصر على تقليص عدد الأحزاب المكونة لها ،حيث لا يتجاوز عددها عدد زوايا المثلث، ثلاثة أحزاب لا أكثر، وأصرعلى تمثيل أمنائها في وزاراته ليسهل التواصل ويسهل التحكم في توجهات هذه الحكومة، والغريب في الأمر أن تتوالى الفضائح من واحد من أهم أعمدة هذه الحكومة واحد من الأمناء العامين الثلاثة والصمت عليه، بل والدفاع عنه، فهل دفاع عنه أم دفاع عن خيارات رئيس الحكومة رئيس الپاطرونا ،الذي ينزع من هذا الأمين العام صاحب الفضائح والمرفوض شعبيا أهم سلاح قد يملكه للتفاوض مع رئيسه ولإنزال برنامجه الإنتخابي وتنفيذ وعوده الانتخابية، وبنزع هذا السلاح يصبح رهين رئيس الحكومة، ويصبح بضعفه أمام المواطنين، بل وأمام حزبه ومؤسساته الحزبية آلة طيعة في يد الپاطرونا ينفذ ما يملى عليه مقابل هذا الصمت على سقطاته، وذلك للدفاع عن فضائحه. فمسألة الصمت إذن ومعها مسألة الدفاع تجاوزت خانة التضامن إلى خانة الإستحواذ وخانة الإبتزاز الحكومي، فما العمل أمام هذا الإبتزاز وذاك الإستحواذ؟؟ لا حل ومخرج من هذه الورطة إلا عبر ثلاثة أبواب:
الباب الأول: باب النقد الذاتي وهو العودة إلى إعمال الضمير، وعليه على الوزراء المعنيين بهذه السقطات، وتلك الفضائح العودة إلى ضميرهم والعودة إلى النهج الديمقراطي - إن كانوا يؤمنون بالديمقراطية - وأن يسارعوا إلى تقديم استقالاتهم حماية لأحزابهم وحفاظا على مصداقيتهم - إن كانت لهم مصداقية -
الباب الثاني: باب المسؤولية الجماعية مسؤولية الحزب، فعلى مؤسسات الحزب التدخل لتصحيح سقطات ممثليه في الحكومة، والدفع بمبدأ المحاسبة الحزبية وإنزال الجزاءات التي تحملها قوانين الحزب الداخلية والأساسية والإقدام على سحب البساط من هؤلاء الوزراء وسحب الغطاء الحزبي عنهم ودفعهم للاستقالة من الحكومة أو طلب إقالتهم والكف عن الدفاع عنهم وحمايتهم في المؤسسة التشريعية.
الباب الثالث: باب دستوري حيث يمكن لرئيس الحكومة أن يقدم على إقالة أصحاب الفضائح في حكومته، كما يمكن للملك الإقدام على إعفاء هؤلاء حفاظا على "مصداقية" الحكومة، وحفاظا على صورة العمل السياسي التي لا تتوقف عن الاندحار أمام كثرة الخدوش التي لحقت هذه الصورة في غياب هذه الأبواب الثلاثة..
ويبقى الباب الآخر: باب الشعب، باب الحراك الشعبي والجماهيري الذي لن يصعب عليه إسقاط وزير أو حتى إسقاط حكومة وهو الذي أسقط دستور 1996 وفرض دستور 2011، وبوادر هذا الحراك بدأ يطفو.. ويظهر على السطح بقوة.. وآخر تعبيراته الوقفات الأخيرة التي دعا إليه المرسبون في مباراة المحاماة، والاحتجاجات التي لا تتوقف اتجاه هذه الفضيحة، فهل يلجأ وزراء الفضائح إلى الإستقالة وطلب الإعفاء؟ أم تلجأ أحزابهم إلى سحب التغطية عنهم؟ أم يلجأ رئيسهم إلى إقالتهم؟ أم يلجأ الملك لإعفائهم؟ أم يترك الأمر للشعب وللشارع؟؟ أم هي سياسة ونهج حكومي هدفه وغايته الأولى والأخيرة الإلهاء لتمرير ما هو أخطر؟؟