الجمعة 29 مارس 2024
خارج الحدود

الإعلامي نايل الزبير: إلى شعب اليابان.. مع وافر التقدير

الإعلامي نايل الزبير: إلى شعب اليابان.. مع وافر التقدير الزميل نايل الزبير وحفل استقبال المنتخب الياباني في بلده
 ضمن مشاهداته المونديالية، خص الزميل الإعلامي السوداني، منتخب اليابان، وكتب قائلا:
 
" من المشاهدات التي تستدعي التوقف طويلا والنظر إليها بعين البصيرة، لأن فيها درسا عظيما، هو ما قدمه وبالمجان خلال الأيام الماضية شعب بلاد الشمس المشرقة (اليابان)، والمشرقة حقا بعظمة منجزاتها في مسار البشرية، رغم ما اعتراها من ضيم وحاق بها من ظلم عندما كانت ضحية ضربة غاشمة بالقنبلة الذرية في هيروشيما وناكازاكي، إلا أن جسارة هذا الشعب وما توارثه من المحارب القديم الساموراي جعلته يسمو فوق جراحاته ويطوي أحزانه ويفتح للأمل والحياة ألف نافذة، ويخرج من ليل الظلم أكثر إشراقا ومن دهاليز العذابات أكثر قوة وشكيمة… 
جاءوا للمونديال بقامات قصيرة لكنها كانت الأطول والأكثر ثباتا في الأرض، وعيون صغيرة لكنها الأكثر لمعانا وإشراقا، وقلوب بيضاء كانت الأكثر هتافا بالسلام للجميع رغم المرارات التي عاشوها.. ولأنهم درسوا الأخلاق في مدارسهم كعلم له قواعد، فقد تمثلوها في سلوكهم اليومي وتعاملهم مع الآخرين، كانوا عقب كل مباراة ينخرطون بكل الحب والتهذيب في نظافة المدرجات وسط دهشة الجميع، لا يزاحمون أحدا في الدخول والخروج، ويتبادلون الحديث بينهم بأصوات خفيضة كأنما أسراب الحمام… 
قدموا عرضا كرويا رائعا، وفي كل مباراة كانت معظم المدرجات تصفق لهم، وكانت الأمنيات أن يتقدم فريقهم خطوات للأمام لأن هذا الشعب يستحق وفاءً لهذه القيم الرفيعة والسلوك الحضاري المتميز…
عندما أعلن الحكم صافرة خروجهم من المونديال.. كان المشهد الذي أبهر العالم وهز وجدانه.. انحنى هاجيمي مدرب الفريق بكل تواضع الكبار اعتذرا لشعبه أنه لم يحقق له حلمه، ولم يدرِ أنه قدم أعظم وأرفع مما هو ذلك، لقد خسر السامواري المعركة لكنه زرع في الميدان والمدرجات فسيلة الأخلاق التي هي عماد الحياة، وكتب بحرف عربي مبين رسالة شكر لدولة قطر.. 
وعندما وصل الفريق إلى طوكيو ما شاحت المدينة بوجهها عنه أو توارت خجلا.. بل خرجت طوكيو بعد أن لبست أفضل ثيابها وتعطرت بأزكى ماعندها، وحملت باقات الورود والزهور ورسمت ابتسامة عريضة لاستقبال فريقها العائد من أرض المونديال..
نرفع القبعة لهذا الفريق ولهذا الشعب العملاق.."