الثلاثاء 23 إبريل 2024
اقتصاد

بحار من طانطان إلى أخنوش: إني أغرق ..أغرق 

بحار من طانطان إلى أخنوش: إني أغرق ..أغرق  إفلاس قطاع الصيد البحري التقليدي
ترابط مراكب الصيد في ميناء طانطان، في عطالة غير ذات أجل، ولا يعود السبب للعواصف، ولا لقوة الرياح، ولا لإضراب أو احتجاج، بل إن المانع من الصيد هو غلاء الكازوال الذي ارتد على الحركة في الميناء الصحراوي فأرداه ميناء ساكنا هادئا أصما...
وصلني شريط مدته دقيقتان تقريبا يرصد المراكب متراصة جامدة، يشكو فيه بحار ضُعف الحيلة وقلة الوسيلة، لا يطلب بحارنا غير مشاركة الشريط وتوزيعه على أبعد نطاق لربما تقع عليه عين مسؤول فينظر بعينه ويحن بقلبه على بحارة تنتظرهم أسرهم الصغيرة والكبيرة بقائمة حاجياتهم اليومية.
يقول البحار بحرقة وكرامة أن تكلفة الكازوال لا تغطيها حمولة السمك المصطاد، وتهكم البحار الغاضب على الوضع بالقول إن ثمن الكازوال يفرض على البحار صيد الذهب وليس فقط الأسماك، وهي دلالة على الغلاء الفاحش في سعر مادة حارقة أحرقت الجيوب والقلوب...
عجز بحارة طانطان عن التحرك بمراكبهم نحو البحر للصيد لا يؤثر فقط على أولئك البحارة ويحكم عليهم بالموت جوعا، بل يتجاوزهم، إلى رسم غيمة الأزمة بعد غلاء لحوم البر ولحوم البحر. 
على الدولة أن تتحرك ليس فقط لحماية قطاع الصيد البحري من بعبع النيران المشتعلة في المحروقات، بل لضمان الأمن الغذائي وتوازنه قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة، فالحكومات تعرف قوتها ومهارة وزرائها عند مواجهة المحن والشدائد،ورئيس الحكومة تظهر فطنته وذكاؤه كربان للسفينة عند العاصفة، أما في أيام الرخاء فالأمور يمكن أن تسير بلا حكومة وبلا وزارة، وتحرك الدولة لا يخرج عن نطاق دعم الكازوال الموجه للصيد البحري، كما هو شأن دعم قطاع النقل البري ، و كل انتظار أو تقاعس سيعجل بإفلاس قطاع الصيد البحري التقليدي الذي يصطاد سمكا في متناول جيوب الفقراء، وعندها ستتدحرج كرة الثلج ولا تلبث أن تكبر وتكبر حتى تتحول إلى انهيار ثلجي مدمر قد يعصف بكل ما يكتسحه في طريقه.
صحيح أننا لا نثق في قدرات محمد صديقي وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، لتخبطه وقصر بصره وبصيرته، لكن الأمل معقود على رئيس الحكومة، فبحارة طانطان يغرقون في عطالة بسبب كلفة الكازوال المهولة