الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد الحق غريب: ما هو السر أمام ارتفاع عدد المقاولات المفلسة بالمغرب؟

عبد الحق غريب: ما هو السر أمام ارتفاع عدد المقاولات المفلسة بالمغرب؟ عبد الحق غريب
صرح عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب أن 80% من المقاولات، الشركات تعلن كل سنة عن إفلاسها.وحسب (إدريس إيفنا) أستاذ الحكامة الإقتصادية والخبير الإقتصادي لدى البنك الدولي، فإن نسبة كبيرة من حالات الإفلاس في المغرب هي إفلاسات مصطنعة، الغرض منها التهرب من الضرائب، وأن خلق مقاولة في المغرب وإغلاقها بات تمرينا يوميا يمارسه البعض من أجل التهرب من أداء الضرائب، ذلك أن عدد الشركات التي يتم خلقها في المغرب سنويا يصل إلى عشرات الآلاف مقاولة، ونسبة كبيرة منها تعلن إفلاسها في  نفس السنة من إنشائها.
في نفس السياق وبلغة الأرقام، أفادت شركة التأمين الدولية “أليانز” بأن إفلاس الشركات في المغرب سيُسجل ارتفاعاً بنحو 44% ما بين 2019 و2023.. وقبل ذلك، أي سنة 2015، توقعت وكالة “أورليرهيرمس” للتأمين  تسجيل ارتفاع عدد الشركات المغربية المفلسة  بنسبة 15% بالمائة مقارنة مع سنة 2014.
 
ماذا تعني هذه الأرقام ؟
هذه الأرقام تعني بكل بساطة أن عدد الشركات التي تعلن عن إفلاسها خلال السنوات الأخيرة في ارتفاع سريع ومتواتر، وهو ما يثير أكثر من علامة استفهام ويوحي بأن الأمر فيه" إن"بالإضافة إلى أنه يُضر بخزينة الدولة ويهدد اقتصاد البلاد.
 
ما العمل إذن لوقف هذا النزيف ؟
النزيف الذي نتحدث عنه طبعا لا يعني المقاولات التي تتعرض لإفلاس حقيقي لعدة أسباب وإكراهات، ضمنها ما فرضته جائحة كورونا والأزمة العالمية الأخيرة وما إلى ذلك. بل المقصود من النزيف هو الإفلاس المصطنع، والذي لا يجب السكوت عنه، لأن المتضرر هو خزينة الدولة واقتصاد البلاد. لهذا فإن الدولة مطالبة، بل ملزمة بأن تتحمل مسؤوليتها في هذا الباب، وأن تتصدى بكل حزم لهذا التحايل الخبيث والضرب بيد من حديد على كل من سولت له نفسه التلاعب بمعطيات مقاولته من أجل الإعلان عن الإفلاس بغية التهرب من أداء الواجب الضريبي... وأظن أن الدولة لها كل الإمكانات وما يكفي من المعطيات لوضع حد لهذه  الظاهرة التي تنخر إقتصاد البلاد، إذ من غير المعقول ومن غير المقبول أن يصل عدد الشركات التي يتم خلقها في المغرب سنويا إلى عشرات الآلاف مقاولة، ونسبة كبيرة من أصحابها يعلنون إفلاسهم في  نفس السنة من إنشاء مقاولتهم، ليخلقوا شركة أخرى باسم وملف جديدين، وهكذا دواليك.
وهنا أستحضر أنني ذات يوم وأنا جالس في مقهى، جلس إلى جانبي ثلاثة أشخاص، تبيّن لي في ما بعد أن أحدهم صاحب المقهى والآخرين من مصلحة الضرائب، جاءا ليفسرا له كيف يمكنه أن يتهرب من الضريبة. وهنا مربط الفرس لأن ما جرى أمامي قد لا يعني فقط صاحب المقهى، بل قد يهم العديد من المقاهي والمتاجر وحتى المقاولات والشركات الصغرى والكبرى.
لهذا فإن من ضمن الحلول لمواجهة آفة التهرب الضريبي في كل المجالات والقطاعات هو الإرادة السياسية للدولة لمحاربة الفساد، بدءا بشركات الحيتان الكبيرة وصولا إلى أرباب المقاهي والمتاجر والمؤسسات الخاصة (مصحات الإستشفاء...) مرورا بالمقاولات والشركات، والضرب بيد من حديد على كل من يتهرب من أداء واجب الضريبة، أو من يساعد على ذلك...