السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

الحسين بكار السباعي: حبل الكذب قصير .. أما آن للجزائر أن ترفع الراية البيضاء

الحسين بكار السباعي: حبل الكذب قصير .. أما آن للجزائر أن ترفع الراية البيضاء الحسين بكار السباعي
في مختلف الصراعات والنزاعات الدولية، إذا لم تكن لديك أوراق للضغط على خصمك أو عدوك، فإنك دخلت منذ البداية في معركة خاسرة. وبالرجوع إلى مختلف النزاعات سنرى كيف تستعين كل دولة بأوراق ضغط ضد الدولة التي تصارعها.
مشكلتنا في المغرب ولمدة طويلة من نزاع الصحراء المغربية المفتعل، أن الدولة راهنت على تعقل النظام الجزائري ومن كانوا في فلكه يسبحون، فسلكت البلاد الى تاريخ قريب سياسة المهادنة والابتعاد عن المواجهة والكرسي الفارغ، عوض أن تسعى إلى امتلاك أوراق للضغط والتفاوض.
وها هي اليوم الديبلوماسية الملكية وباستراتيجية عمل مبنية على مبدأ الربح المتبادل، واحترام الخطوط الحمراء في كل تعامل اقليمي ودولي، يحترم سيادة المغرب على كل أراضيه ويحترم نظامه الملكي وخياره الديمقراطي المبني على التعددية الحزبية والحرية النقابية واحترام حقوق الإنسان.
وسيكون طبعا من السذاجة في عالم السياسة والجيوبوليتيك والنزاعات الدولية، أن تبقى في موقف الدفاع دون امتلاك أوراق للضغط، من نفس الجنس ومن نفس الطبيعة وبنفس الخطورة على خصومك: انفصال مقابل دعم انفصال، حركة مقابل حركة، دعم مقابل دعم، إذاعة انفصالية أو قناة فضائية مقابل أختها..وهكذا، فبغير ذلك يستحيل على خصمك أن يكف عدوانه.
وها هو اليوم المغرب وبسياسته الديبلوماسية الجديدة وما حققه من انتصارات متوالية ، من فتح عدد من التمثيليات القنصلية بكبريات حواضر الصحراء المغربية ، و تراجع العديد من دول افريقية واخرى بأمريكا اللاتينية عن اعترافها بالجمهورية ورقية ، سرعان ما تبين معها ومع تحركات أشباه قادتها، للمنتظم الدولي أنها تحركات مدفوعة الأجر والتكاليف للضيف والمضيف "تحرمات" من جمهورية داخل جمهورية، لا تمتلك لا الارض ولا الشعب ولا السيادة في ادنى مفاهيمها الدستورية، ولعل ما كشفته اسبانيا، مؤخرا، من وثائق سرية، خاصة احصاء ساكنة مخيمات تندوف، والتي تبين من خلالها أن نسبة 2% فقط يرجح أن يكونوا من أصول ساكنة الساقية الحمراء وواد الدهب أي بعدد 1937 شخص من عدد حدد بالوثيقة المذكورة ب 87000 ألف من جنسيات مختلفة؛ بعضها من مالي والبعض من شرق التشاد والسودان دون أن نغفل نسبة مهمة من الجزائريين و يضاف لهم نسبة من عديمي وثائق الجنسية .
لقد كان التقارب والاصطفاف الى جانب المغرب والاعتراف بسيادته على صحرائه، من امريكا واسبانيا خاصة، بمثابة القشة التي قسمت ظهر جنرالات الجزائر، وكشفت عوراتهم أمام العالم، كما كشفت سياسة المكر والغدر التي مارسوها لأكثر من 46 سنة من نزاع مفتعل.
ولا غرابة اليوم، أن نقف ويقف العالم مدهوشا بالصفعة القوية التي تلقاها ابراهيم غالي زعيم جمهورية الوهم بتندوف والدولة الداعمة له، والتي أرسلته بطائرة خاصة تابعة للرئاسة الجزائرية، إلى كينيا لتهنئة رئيسها الجديد، ومباشرة في الصباح يستيقظ في فندق اقامته على صوت الشرطة الكينية تطرق باب غرفته وتأمره بمغادرة البلاد فوراً، أليست هناك اقوى من هذه الصفعة؟
كينيا التي سحبت اعترافها بالجمهورية الورقية في ذات اليوم، تقرر العدول عن اعترافها بـ"الجمهورية الصحراوية" المزعومة وقطع كل جسور التواصل معها سواء من خلال بعثتها الديبلوماسية او بعثة الجزائر بنيروبي والحال انها هي البعثة الأصل.
لقد قررت كينيا ورئيسها الجديد السيد وليام روتو، الشروع في خطوات لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري مع المغرب مما يزيد من تعزيز مكانتنا وريادتنا ويقوي من موقف المغرب بعد هذا الحصاد الديبلوماسي، للعمل على طرد الجمهورية الوهمية من الاتحاد الافريقي.
إن أكذوبة الجزائر قد افتضحت، وأن جمهورية الوهم وجبهة بوليساريو لم تكن أبدا ممثلا لأهل صحرائنا المغربية.
ولن تصدق ابدا قولة أكذب ثم أكذب ثم أكذب حتى يصدقك الناس، ولن يصدقوك ...فهذه القاعدة كانت تنطبق ايام زمان حيث لم يكن الاعلام بهذا الشمول الكوني وبسرعة تنقل المعلومة والصورة، اليوم أصبحت الشعوب تعرف الكاذب مهما ردد وكذب.
ويجب ان تتغير المقولة إلى "أكذب ثم أكذب ومهما كذبت فلن يصدقك الناس".
وأقول لحكام الجزائر الشقيقة إن حبل الكذب القصير، أفلم يحن الوقت أن ترفعي الراية البيضاء، وتتخلي عن أكذوبتك التي اتعبتك وتتعبك كثيرا. فما ترصدينه من اموال طائلة لرشوة من لا شرعية لهم من حكام دول قزمية لجر اعترافاتها بصنيعتك بوليساريو و النفخ في قادتها الورقيين للترنح والتبختر أمام كاميرات الاعلام، لم يعد مجديا اليوم في ظل عالم جديد تحكمه توازنات جديدة، ولتعلمي شقيقتنا العزيزة ونحن وإياك جزءا من افريقيا، التي لم تعد تقبل اليوم أن تركع لأحد ولا أن تستعبد من أحد بإسم الزعامات والفزاعات الفارغة، فوحدها التنمية والتعاون ومبدأ الربح المتبادل هو الذي يحكمها.
 
ذ/ الحسين بكار السباعي، محام وباحث في الإعلام والهجرة وحقوق الإنسان.