الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

خالد أخازي:أغراس.... أغراس.... يا وزير الثقافة...

خالد أخازي:أغراس.... أغراس.... يا وزير الثقافة... خالد أخازي
يعاني المبدع في صمت، أكثر الكتاب ينشرون على حسابهم، وأكاد أجزم أن استفادة الكاتب الروائي ماديا من دخل منتوجه أمر مستحيل، وإن حصل فإنه لا يتجاوز عشرة في المائة من صافي البيع... بعد طرح مصاريف الطبع والتوزيع والإخراج والتدقيق وووو... ثم نسبة الكتبي... ما يتبقى إن حظي كتابة بالرواج والاهتمام فتات يستحيي من المطالبة به... فيظل المكسب معنويا..
هذا الوضع يخدم أثرياء الكتابة، وهؤلاء لا تتردد بعض دور النشر في قبول مسوداتهم... فبعضهم لا يتورع في الدفع مسبقا وتقام له منصات التوقيع والتكريم إما لأن اسمه حاسم في عملية الترويج وله شبكة علاقات متعددة تطبعها المحاباة قبل الذائقة الجمالية أو لأنه قادر على تمويل كل أنشطة الترويج والتوقيع... ولا عيب في ذلك فالكتاب غدا صناعة تخضع لمعايير السوق من إسهار واللعب على اللاوعي بالتكرار وتسخير بعض النقاد من لدن الكاتب نفسه أو دور النشر، حتى تقاس أهمية الكتاب بعدد ما كتب عنه من مقالات وهذا يخدم الكاتب في الترشح للجوائز العربية التي بعض حكامها يبدؤون عملية الانتقاء اعتمادا على الشهرة لا المنتوج الإبداعي نفسه، علما أن أغنياء الجوائز يزدادون سنة بعد سنة ولا يضيعون أية منافسة، أما فقراء المبدعين ..فقد تصعب عليهم المشاركة لأن إرسال النسخ مكلف...
الدعاية تلعب دورا كبيرا في صناعة الأسماء رغم رداءة بعض النصوص، وشبكة العلاقات تؤسس لترويج اسع وتمكن من حضور لقاءات وندوات.... لأن الحاضر ليس الإبداع بل الإسم... خصوصا وأن حضور بعض أثرياء الكتابة لا يكلف المنظمين فلسا واحدا...
المبدع لا يعيش من كتابته مهما داع صيته، الكتابة لم تعد مهنة... لكن المؤسف أن الآلة الصناعية التجارية للكتاب عمياء، وتدور بالمال وحده، لهذا يتوقف معيار الجودة والمغايرة عند عتبة الطلب والعرض وقدرة المؤلف نفسه على تحمل النفقات والمساهمة نفسه في البيع والترويج، وحظ أغنياء الكتابة أكبر في الوصول إلى القراء.... لأنهم كرماء لا يحاسبون ... يعطون ولا يأخذون....
ما الحل...؟
هنا يأتي دور وزارة الثقافة....
ومن هذا المنبر أدعو وزير الثقافة معاضدا دعوة الروائي المغربي هشام بن الشاوي في مقال له متميز إلى ضرورة الانفتاح على الكاتب لا المؤسسات التي لم تعد تمثل الكتاب والدعم يجد أن يتم وفق تعاقد مع المؤلف نفسه لتفكيك مافيات استغلال المؤلفين، علما أنه لم يعد مدعوا للتعامل أخلاقيا وقانونيا مع مؤسسات ثقافية منتهية الصلاحية ومشلولة حتى لا يشرعن العبث والفراغ القانوني.
أدعو وزير الثقافة مع ثقتنا في أنه من جيل القادة الجدد الذين لهم القدرة على التغيير وخلق ثورة ضد اللوبيات والريع والفساد إلى:
-تغيير منظومة الدعم ... بالعمل على دعم مشروع الكاتب لا أي مؤسسة وسيطة. وإعادة النظر في بنية اتخاذ القرار ومكوناتها وتحيينها كل سنة
-الاستمرار في دعم دور النشر بناء على التنوع والجودة والقيمة المضافة والمجايلة.
-تفكيك المافيات المستفيدة من دعم الكتاب والتي تحصل أيضا من الكاتب على تكلفة الطبع مقابل قليل من النسخ ولا تقوم بالتوزيع وتنظم لقاءات لتقديم كتب ثم يسدل الستار، باستعادة وظيفة القطاع كمحفز للإبداع لا كطريق نحو الاغتناء.
-إعادة النظر في أسلوب تدبير جائزة كتاب المغرب: بالقطع مع اللوبيات والمحسوبية والقطع مع ثقافة الإحسان نحو ثقافة معيارية تجود الكتاب وتعترف بالتميز، وفتح الحق في الطعون، وإشهار تقارير لجن القراءة كحق في المعلومة... فليس شأنا له علاقة بأمن الدولة.... وما لا يشهر مريب
- القطع مع اللجن الهجينة التي لا ينسجم تكوينها ولا مسارها الأكاديمي والإبداعي والفكري مع وظيفة التحكيم... وإعلان تقارير القراءة... لأن أحيانا يتم تتويج الإسم لا المنتوج الثقافي... فلا يعقل أن يحكم مسرحي في السرد، ناهيك عن ذكر الأهلية الصحية والعمرية لقراءة العشرات من النصوص.
تكسير سلسلة العلاقات وتحديث الخيارات الكبرى. والحرص على الرفع من مستوى اللجن... واختيار رئيس لجنة هامة ثقافية وفكرية بعيدا عن الرموز... ومحاباة الأشخاص البعيدين عن مجال الكتابة والنقد والإبداع...
 
خالد أخازي: روائي وإعلامي