الجمعة 29 مارس 2024
خارج الحدود

كريم مولاي: لهذه الأسباب فقدت الجزائر ثقة المجتمع الدولي

كريم مولاي: لهذه الأسباب فقدت الجزائر ثقة المجتمع الدولي كريم مولاي وعبد المجيد تبون

فقدان المصداقية، وثقة المجتمع الدولي، هو العنوان البارز لسياسة النظام العسكري الجزائري.. فمن قرار إغلاق الحدود وقطع العلاقات مع المغرب، وإغلاق الحدود مع تونس منذ عدة أشهر ذات زمان، وصولا إلى قطع العلاقات التجارية مع إسبانيا..كلها عناوين دالة على فقدان دول عديدة لثقتها في النظام الجزائري.

كريم مولاي الخبير الأمني الجزائري المقيم في لندن، يجيب "أنفاس بريس"، حول أسباب فقدان الجزائر لثقة المجتمع الدولي:

 

-لماذا يفتقد النظام العسكري الجزائري لثقة المجتمع الدولي ويفتقد للمصداقية الدولية؟

جوهر العلاقات الدولية هو حماية كل دولة لمصالحها، وشرط الحماية هو وجود جهة أهل لتأمين ليس مصالح البلاد التي تمثلها ولكن أيضا مصالح الدول ذات العلاقة ببلادنا.

ومما لا شك فيه أن سيطرة قيادة الجيش على مقاليد البلاد، يمثل مدخلا لهذه الحماية، لكنه ليس كافيا، إذ أن عوامل استقرار أي بلاد تشترط توفير المتطلبات الأساسية لحياة البشر، أي إطعام الناس من الجوع وتأمينهم من الخوف.. وهذه مطالب لم تعد قيادة الجيش المهيمنة على قرار الجزائر لتأمينها، ودليل ذلك ليس فقط الحراك الشعبي المتواصل المطالب بالتغيير والانتقال الديمقراطي باعتبارها المدخل الرئيس لمراقبة القيادات التنفيذية وكيفية توزيع الثروة، وإنما أيضا قوافل الشباب المغامر بحياته من أجل الوصول الى الضفة الشمالية للمتوسط..

ومع أن الجزائر بلاد غنية بالنفط والغاز، فإن حكوماتها المتعاقبة فشلت في تحويل البلاد الى ورشة عمل دؤوبة من شأنها إقناع الشباب بالعمل وتوفير الامل بالحياة باعتباره أحد أهم عوامل الاستقرار.

ثم إن التقارير الحقوقية المتواترة من المنظمات الحقوقية الوطنية المستقلة أو من المنظمات الدولية لا يطمئن الدول على مصالحها، مما يجعلها تتردد في الاقدام على إقامة أية عقود ذات جدوى لا للجزائر ولا لباقي الدول.

 

-هل هناك سوابق قديمة / جديدة في تنصل الجزائر من التزاماتها واتفاقياتها مع الدول الصديقة والمجاورة؟

منذ عدة أعوام يعيش النظام الجزائري حالة من الاضطراب السياسي والديبلوماسي ليس فقط لحجم تقارير الفساد التي فاحت روائحها في أهم شركة نفط في البلاد وأعني هنا سونطراك وإنما أيضا في مختلف العقود التي تم ابرامها سواء مع الشركات الروسية أو الصينية او حتى الفرنسية أو الألمانية..

ومع أن الهامش المتاح للنظام الجزائري حتى في إدارة شؤونه الداخلية ضئيل، فهو في النهاية نظام وظيفي بامتياز، فإن هيمنة المصالح الشخصية حول البلاد الى شبه مزارع يملكها متشاكسون متنافسون على خيرات البلاد ويرهنونها لهذه المصالح..

ولقد مثل وقف العمل بالعقود الناظمة لجزء من علاقات الجزائر بإسبانيا اخر هذه التجليات لعقلية الفساد والتنطع، التي ضربت مصالح البلاد عرض الحائط، وحملت الشعب الجزائري مسؤولية فشل العصابة وجعلته يدفع الثمن مضاعفا.

ويمكن مثلا هنا الاشارة الى كيفية تعامل النظام الجزائري مع الازمتين المالية والليبية بل وحتى السورية، فهو في الوقت الذي يتحدث عن عدم تدخله في الشؤون الداخلية نجده جزءا رئيسيا من هذه الازمات.

 

-ما الذي يجعل النظام الجزائري ينكث العهود والمواثيق والالتزامات؟

دائما عندما تغيب الشفافية والعمل المؤسسي ويهيمن الغموض، لا تملك أي جهة أن تطمئن على مصير أي عقود مع تلك الجهة.. ومن هنا نفهم مثلا كيف انتهت قيادة النظام الجزائري ليس فقط إلى إغلاق الحدود وقطع العلاقات مع المغرب، وإنما ايضا لإغلاق الحدود مع تونس منذ عدة أشهر تنفيذا لأوامر خارجية..

وهكذا وبسبب منطق العصابة الذي يلخص طريقة ادارة البلاد فان الجزائر تحولت الى بلاد معزولة عن محيطها، با ومصدر توتر في منطقة الساحل.

وسأكون صريحا، لقد دفعت المبادرات السياسية والاقتصادية والأمنية الناجحة التي نفذها المغرب بالنظام الجزائري الى ارتكاب أخطاء فادحة على المستويين المحلي والاقليمي والدولي، وللأسف الشديد فإن من يدفع الثمن هو الشعب الجزائري.

 

-ألا ترى بأن طبيعة النظام الجزائري العسكرية، تجعله فاقدا للحكمة والبوصلة في التعاطي مع المستجدات الدولية بنوع من الشوفينية، والتطرف في المواقف قد تصل حد " الغضب" وقطع العلاقات مع هذه الدولة أو تلك بسبب سياسته في موقف ما لا يتماشى مع توجهات قصر المرادية؟

ربما أكون قد أشرت إلى جزء من الجواب في الأسئلة أعلاه، لكنني أضيف هنا، أن ما زاد من إرتباك القيادات العسكرية التطورات الإقليمية والدولية، وتراجع الدور الجزائري عن التأثير في أي من الملفات ذات الصلة بأمن البلاد والمنطقة.

وأشير هنا مثلا إلى الأزمات الليبية والتونسية والمالية. لا بل إن قيادة النظام الجزائري فشلت في تأمين انعقاد القمة العربية في موعدها، وهي تسعى الآن لإقناع العرب بعودة النظام السوري الى الجامعة على الرغم من انها تعلم أنه تحول إلى أداة ايرانية بامتياز.

ومن هنا فان التداخل بين الفشل اقليميا ودوليا بالإضافة إلى الخلاف التقليدي مع المغرب هو ما يفسر حالة القلق الدائم لهذا النظام، الذي تحول إلى مصدر قلق دائم لمحيطه الاقليمي والدولي.