استضاف الزميل الإعلامي عبد الإله التهاني، مساء يوم الثلاثاء 9 يونيو 2020، في حلقة جديدة من برنامج "مدارات"، الشاعرة والكاتبة وداد بنموسى، في حوار أدبي، سلطت من خلاله كشافات الضوء على جوانب من مسار رحلتها التي تنوعت ثمار منتوجها بين الشعر والترجمة والرسم والقصة القصيرة والمقالة والشغف بالإعلام الثقافي..
"دعني أولا أهنئ نفسي مسبقا على هذا اللقاء/ البرنامج الذي لا شك أنه سيكون مثمرا".. بهذه الجملة افتتحت الشاعرة وداد بنموسى حوارها ردا على طيب كلام الاستضافة في "مدارات" عبد الإله التهاني، الذي قدم دواوينها وقصائدها ومجاميعها الشعرية، التي ترجمة إلى أغلب لغات العالم (لي جذر في الهواء/ بين غيمتين/ فتحتها عليك/ زوبعة في جسد/ كدت أفقد نرجسيتي/ ألهو بهذا العمر/ القلب حرا....).
وعن البداية قالت الشاعرة وداد، وهي تستحضر طفولتها: "قدر جميل قادني إلى مكتبة والدي لأكتشف كتبه... كتب الوالد عمقت لدي الإحساس أن هناك علاقة بيني وبين الكتاب... كنت أواظب على هذا الفعل خلال طفولتي". هذا المنعطف في حياة الطفلة وداد، شكل محطة أساسية: "لقد عوضت محدودية فضاءات اللعب بمدينة القصر الكبير بالقراءة والمواظبة عليها"، خصوصا أن البنت لم "يكن يسمح لها بمغادرة البيت إلا لماما، فوجدت متسعا من الوقت لأحلق بجناحي عبر القراءة والتخييل والحلم بفضاءات أكثر رحابة من الزاوية الضيقة في سطح البيت".
في سياق متصل بفعل القراءة في البدايات، أضافت الشاعرة وداد بنموسى موضحة "منذ بداية شغفي بالقراءة كان لي الحظ أن أجد أما تقرأ باللغة الفرنسية، كنت أقرأ مجلاتها وكتبها باللغة الفرنسية، وأحاول الغوص في عوالم الكتابة الفرنكفونية من خلال العديد من الكتاب الكبار من أمثال (عبد اللطيف اللعبي ومحمد خير الدين)...
الشاعرة وداد حاولت أن تقرب المتعة للقارئ العربي، وهي تنقل نصا إلى لغة أخرى لأنها "تجد متعة في ترجمة نصوص اجتماعية وثقافية"؛ والقصيدة بالنسبة لها "سفر.. تستحوذ عليها بالكامل، حيث يستمر البحث عن تلك القصيدة العصية".
مواظبة ضيفة عبد الإله التهاني على ترجمة بعض المقالات للدكتورة نفيسة بن جلون التي كانت تعنى بالطب النفسي للأطفال: "كنت أترجم مقالاتها بالفرنسية التي كانت متخصصة فيها بنفسية الأطفال إلى اللغة العربية"..
وعن القصيدة العصية للشاعرة أشار عبد الإله التهاني أنها "تنثر أحزانها ومباهجها في الهواء مخاطبة الذات المحترقة وجموحها نحو التحرر مستعملة ثنائية الفرح والحزن". في هذا السياق تعتقد الكاتبة وداد بنموسى أن المجتمع المغربي "نسبيا تخلص من ثقل الانتصار للمجتمع الذكوري في الوسط الثقافي"؛ وشددت على أن المجتمع في "حاجة إلى الوجدان والفكر الذي يلتقط الإشارات والرسائل"، على اعتبار أن "مكونات قصيدتها ترتكز على الأسئلة الحارقة، على الأحلام والأمنيات، وعلى كل ما ينطبق على الجسد والروح.. كل هذه العوامل تجتمع لتخلق نصا وهاجا بكل الصدق الممكن.."
القصيدة النموذج التي تحلم بها الشاعرة هي التي تكون "دانية من كل إنسان على اختلاف تعبيراته وهمومه، ونفسه الحمالة بوجع وبآلام، وتلامس شغفه بمعزل تام عن من أكون كشاعرة". لذلك تعتبر وداد بنموسى نفسها، أنا "كائن كوني أطمح أن أترك هذه البصمة.. لأن اليقظة هي أن يكون الوجدان مستعدا لتلقي الرسائل والإشارات... فابتسامة، أو نظرة واحدة قد تخلق القصيدة... (لأن القصيدة تحتاج لفكر لماع)، كما يقول الكاتب صلاح عبد الصبور".
وتحدثت الشاعرة عن الترجمات الوفية للنص الأصلي وكيف أثرت فيها بشكل كبير، خصوصا لما قرأت ترجمات الشاعر سعد يوسف والمهدي أخريف إلى درجة "جعلتني أقف عند حدود خجلي أن ألج عتبة نشر ترجماتي، وأن أتوارى إلى خجلي بمسار يجب أن نخلص إليه"، تقول وداد بنموسى
وعن علاقة الشعر بالرسم في محراب إبداع الشاعرة التي أثمرت لوحاتها التشكيلية خاصية جمالية متميزة، سألها الزميل عبد الإله التهاني عن روح الشاعرة هل هي الجوهر الأساسي الذي يسعف الفنانة التشكيلية، وكيف تزاوج بين التشكيل والشعر؟
"اللوحة والفرشات واللون مكونات تمنحني هذه الفسحة والإصغاء إلى ذاتي.. عملي التشكيلي أريده أن يكون شجرة وارفة الظل التي ارتاح تحتها.. وأرشح حواسي لأتلقف القصيدة فأرتاح تحت ظل شجرة التشكيل والفرشات واللون.."
وبخصوص أعمالها الشعرية التي ترجمت إلى العديد من اللغات العالمية، قالت الشاعرة وداد في حضرة برنامج مدارات "هي أولا فرصة لأشكر كل المترجمين، وكل من قام بترجمة قصائدي، وقد تلقيت تلك الترجمات بفرح، لأنني أعتبر القصائد والمجامع الشعرية هم أبنائي... فأمنحهم الفرصة للانتشار، والبحث عن قارئ آخر في ضفاف أخرى مثل أمريكا اللاتينية وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا وأمريكا وتركيا.. إنجاز الترجمة هو قمة في السعادة".
وعن سؤال، هل حرصت الكاتبة وداد بنموسى أن تظل شاعرة؟ أجابت بدون تردد على أن "جميع الأجناس الأدبية أجد فيها لذتي ونفس المتعة، التي أجدها في كتابة الشعر وجدتها في النثر الذي أعتبره جنسا رحبا وسخيا في الجملة التي تمكن أن تسعف الوجدان في التعبير بشكل منفتح على الآخر.." وأضافت بأنها تكتب كذلك في الشذرة التي تعتبرها "من أجمل الأجناس الأدبية المحملة بكثير من الخيالات والمعاني.."؛ فضلا عن كتابتها في جنس "القصة القصيرة والعمود والمقالة الصحفية"؛ لكنها تستدرك لتعلن أنها "لم تتحقق إلا في القصيدة.. المعنى الذاتي لم يتحقق إلا في القصيدة"..
وفي ختام حلقة "مدارات" قدم الزميل عبد الإله التهاني بعض الأسماء لضيفة البرنامج، لتقول في حقها كلمة أو كلمتين:
عبد الكريم الطبال: معلمي هو سيد الماء أحبه بكل ما أملك من محبات
عبد المجيد بن جلون: أهم الأسماء التي طبعت مساري عليه كل الرحمات
فتيحة مرشد: العزيزة الغالية. إنها لا مست مجموعة من الطابوهات في أعمالها الأدبية
أحمد بوكماخ: المعلم الأب.. رائد في كل مجالات الكتابة والبحث. رجل شمولي بحث في التاريخ والجغرافيا والفن والمسرح والشعر والرسم. متحف بوكماخ يضم بصمات أعماله.