الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد الإله حسنين: الحق في العطلة

عبد الإله حسنين: الحق في العطلة د.عبد الإله حسنين
تنص المادة 31 من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل على ما يلي:
1/ تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في الراحة ووقت الفراغ، ومزاولة الألعاب وأنشطة الاستجمام المناسبة لسنه والمشاركة بحرية في الحياة الثقافية وفي الفنون.
2/ تحترم الدول الأطراف وتعزز حق الطفل في المشاركة الكاملة في الحياة الثقافية والفنية وتشجع على توفير فرص ملائمة ومتساوية للنشاط الثقافي والفني والاستجمامي وأنشطة أوقات الفراغ.
ما يؤكد دون مجال للشك في أن الحق في العطلة والترفيه عن النفس، هو حق مضمون دوليا ومعترف به من طرف مختلف المجتمعات ليس فقط على الأوراق والاتفاقيات بل أيضا وهذا هو المهم، معترف به على أرض الواقع من خلال مأسسة مختلف النشاطات التي تدخل في خانة الترفيه والعطلة من مراكز استقبال للأطفال خلال عطلة نهاية الأسبوع ومراكز التنشيط والترفيه المتواجدة بالأحياء السكنية إلى المخيمات الموضوعاتية والدولية وفضاءات الرياضات المختلفة للممارسة خلال أوقات الفراغ والمؤسسات التعليمية المفتوحة في وجه المنشطين التربويين لمرافقة الأطفال خارج أوقات الدراسة وغيرها من البنيات التحتية المرتبطة بمختلف الفئات العمرية وذوي الاحتياجات الخصوصية..
لقد أنشئت المخيمات في المغرب في ظروف تاريخية معروفة وتوارثتها الأجيال، ومع مرور الوقت أصبحت مؤسسة مجتمعية معترف بها وتؤدي خدمة اجتماعية عمومية لا تقل عن خدمات المؤسسات المجتمعية الأخرى، وتنوعت المخيمات وتطورت وارتبطت تارة بالجماعات الترابية من خلال بعض المستشارين الذين يستعملون الأطفال للاستفادة من أصوات عائلاتهم، وتارة بالقطاعات الحكومية التي تطور بها العمل النقابي والاجتماعي، وتارة بالمقاولات الخصوصية التي ساهمت في مؤسسات الأعمال الاجتماعية لتأطير كل ذلك. وفي كثير من الأحيان ارتبط المخيم بأبناء الفئات الشعبية فأصبح عطلة لمن لا عطلة له، أي من لا يتوفر على الظروف الاجتماعية والاقتصادية الجيدة للاستمتاع بالعطلة.
إن من يشتغلون كليا في ميدان التربية والتنشيط وتأطير المخيمات الصيفية وباعتراف الجميع؛ يعتبرون أصحاب الرأي والاقتراح في هذا المجال بل جل أدبيات المخيمات والتكوينات الموجهة للأطر هي من توقيعهم، فهم الذين بلوروا مواضيع تكوينية من المشروع البيداغوجي إلى دور المخيم في التنشئة الاجتماعية ومن مشكل دمقرطة عطلة الأطفال إلى التغذية والمطعمة، وهم من طالبوا بفتح إمكانيات التخييم أمام الجميع بتساو وتكافؤ، عبر إطلاق رؤيا مندمجة وواضحة تهدف إلى تأهيل البنيات التحتية والتجهيزات لإعادة الاعتبار لدور مؤسسة المخيم كوسيلة مجتمعية تربوية.
بل إن من يشتغلون كليا في هذه المجالات هم من أرسوا دعائم النقاش العمومي حول ضرورة مأسسة أنشطة الوقت الحر بالمغرب، باعتبار أن الوقت الحر يكمل المؤسسة التعليمية في انفتاحه على مواضيع الحقل الثقافي، فهو يعتبر عنصرا هاما في اكتساب المعارف الشخصية التي لا يمكن اكتسابها بالمدرسة ولا يمكن التداول فيها بالعائلة، وتعلم هذه المعارف كثيرا ما يكون ممكنا وسهلا لأنه يتم في إطار تحترم فيه خصائص وإيقاعات حياة الطفل.
إن العطلة حق وليس امتياز كما يؤكده الكثيرون، ومن واجباتنا تجاه أطفالنا وتجاه المجتمع ككل أن ندافع عن هذا الحق، ولا يمكن تفسير العطلة في هذه الظروف الاستثنائية فقط بالعمل على تنظيم المخيمات بالشكل الذي تعودنا عليه بل نحن نطالب بتنزيل مختلف المقترحات التي طرحتها الجمعيات المهتمة بالموضوع خلال لقاءاتها التواصلية الرقمية وليس الاعتماد الكلي على وجهة نظر واحدة تمت بلورتها داخل المكاتب الإدارية وبعيدا عن واقع طفولتنا اليوم.
هذه الطفولة التي نعتبرها الأمل في استمرارنا والاستثمار الأفضل بالنسبة للمستقبل والتي عانت كثيرا من تداعيات الحجر الصحي لابد لها من وقت عطلة يتحتم علينا جميعا تنظيمه بالشكل الذي يرضيهم ويجيب على احتياجاتهم الكثيرة والتي تتزايد يوما عن يوم مع تزايد الضغط النفسي عليهم وعلى عائلاتهم، فالاعتراف بحق الطفل في الراحة ووقت الفراغ ومزاولة الألعاب وأنشطة الاستجمام المناسبة لسنه لا يجب أن يضل حبرا على ورق بل يجب تنزيله على أرض الواقع، فلنرفع صوتنا ونطالب بحق الطفل في العطلة.