الأحد 24 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

وحيد مبارك: في الحاجة إلى أبطال

وحيد مبارك: في الحاجة إلى أبطال



في الحاجة إلى أبطال

وحيد مبارك

من حقنا أن نفتخر بمواطن مغربي يدعى بدر هاري، بل من واجبنا أن نعتز بهذا الرياضي الذي رفع راية الوطن خفّاقة في محافل دولية عالمية، وأمام جماهير من جنسيات مختلفة وبأعداد قياسية، في وقت رسبت فيه الكرة الوطنية، وتعثرت ألعاب القوى، و"غرقت" السباحة، وأخفقت أغلب الرياضات المغربية.

من اللازم علينا أن ننظر بعين الرضى إلى هذا المواطن المغربي الذي يلتفّ حوله أنصار استقطبهم حبهم لهذا البطل وشغفهم برياضة أبدع في تفاصيلها، مسقطا خصومه، المنافس تلو الآخر بالضربات القاضية. محبّون/مشجعون من مختلف الأعمار، ومن تعدد الفئات الاجتماعية، تنوعت دياناتهم، جنسياتهم، أشكالهم، فرّقت بينهم معتقداتهم ونظرتهم لجملة من القضايا، لكن وحّدتهم الشعارات التي يهتفون بها في كل محفل رياضي، المشجعة لبدر هاري، فكيف لنا ألا نفخر ببطل من هذه الطينة؟

نعم يجب أن نعتز ببدر هاري، كما أنه يجب أن يفخر بدعمنا وتشجيعنا له، وأن يبادلنا ذات الحب والاحترام، أن نتقاسم وإياه نفس المنسوب من التقدير، فبدر، ليس مجرد بطل رياضي وإنما هو شخصية عمومية ببعد إنساني، هو وجه مغربي، وهو مدخل للغير كيف يكتشف بعضا من تفاصيلنا فيه ومن خلاله. بدر، الذي استطاع أن يبتعد بمسافات ليست بالهينة عن رياضيين، فنانين، وجمهور من المشاهير، في مجالات وواجهات عدّة، بخطواته الإنسانية، التي هي رصيده الأول في محبّة المغاربة له، الذي يجب أن يحافظ على صلاحيته ويحرص على ألا ينتهي اعتماده، وهو يبادر إلى مساعدة المحتاجين من أبناء وطنه، غير متنكّر لهم، أو مهتم بمراكمة الأموال في أرصدته البنكية على حساب محبّتهم، بل جعل من دعمه لهم يقينا صادقا، وسعى إليه سعيا حثيثا، مدخلا الفرحة في قلوب 200 أسرة بمناسبة عيد الأضحى الأخير، معيدا الأمل إلى 20 أسرة تكلف بمصاريف إجراء عمليات جراحية لفائدة فرد من أفرادها، إلى جانب الاهتمام بتعليم الصغار، وغيرها من الخطوات التي لن ينظر إليها الجميع بعين الرضا، وسيجد كثيرون حرجا وهم يتتبعونها غير قادرين على تعقبها.

خطوات/مبادرات عصيّة على البلع بالنسبة لمن لهم توجهات/طموحات مختلفة، وغايات تجعل من حبّ المواطنين/المشجعين لهم، ومن بعض "الانجازات" التي قد حقّقوها يوما أو يحققونها، مجرد وسيلة للوصول إلى مكاسب أخرى وجعلها مطيّة، هؤلاء وغيرهم من الذين في نفوسهم شيء من حتّى، وبكل تأكيد يعون بأن فوارق تحول بينهم وبين قلوب المغاربة هي شتى، مادام الحب والتقدير والاعتزاز هي أمور تكتسب من خلال ممارسات يومية، ومبادرات عفوية،  ولاتباع أو تشترى!  

قد يكون لبدر هاري، هذا البطل الذي ترتعد منه الفرائص، وككل البشر عيوب ونقائص، وهو أمر طبيعي مادام عفويا لامقصودا، يحتاج منا جميعا، لو تبث بالفعل، نصحا وإرشادا وتقويما، لاتهجّما وتجريحا، يحتاج منا لهذا البطل/المواطن احتضانا وحوله التفافا، وأن يكون انتقادنا بناء لا نقدا هذّاما، هكذا يجب أن نعامل بطلا، كي نحصّنه وبشكل جماعي من نفس قد تنفلت من عقالها، ومن خطوة قد لايستحضر في غفلة منه وقعها ومداها، إن كنا صادقين في كلامنا/أحكامنا.

نحن اليوم وفي تتبعنا لتحركات أبطال حرّكوا اقتصادات للدول، رياضيين جعلوا أسماء وخصائص أوطانهم سهلة التردد على ألسن مواطنين من عامة الشعب ومن مسؤولي بلدان أخرى، أبطال مثّلوا بلدانهم في حلبات المنافسة، على منصات التتويج، وفي محافل أخرى، قد لاتكون بالضرورة رياضية، ورافعوا في قضايا وطنية مسهّلين تمرير المعلومة بشكل يسير على التفسير، خلافا للمسؤول وللسياسي اللذين قد يجدان أن الأمر هو جدّ عسير،  في غمرة كل هذا، نحن اليوم وأكثر من أي وقت مضى، في حاجة إلى بطل من قيمة بدر هاري، الذي له من الإمكانيات المتعددة ما يجعل منه خير سفير لبلادنا، نعم نحن في أمسّ الحاجة إلى أحد مواطنينا إلى بدر بطلنا.