يؤكد الباحث السوسيولوجي عبد الرحيم بورقية في حوار خص به جريدة "أنفاس بريس" أن الفضائح داخل أندية كرة القدم هي ظاهرة قديمة وعالمية، مشددا على أن مايفتح من ملفات ضد رؤساء فرق محلية لايشرف المغرب كواجهة تحظى بثقة أعلى جهة دولية للكرة في العالم (فيفا).
وقال بورقية إن هناك من يسعى جاهدا إلى مقاومة ومحاربة أي إصلاح للمنظومة الكروية ببلادنا، وذلك حماية لمصالحه وأهدافه المادية والسياسية.
لماذا تحولت أندية كرة القدم إلى حاضنة للفضائح؟
تاريخيا مسلسل كرة القدم والفضائح قديم وليس بجديد وهو ظاهرة عالمية، لأن من يسير النوادي هم أشخاص ممكن وإلى حد بعيد أن يسخروا ويستغلوا ترأسهم لتحقيق مآرب شخصية تضر بسمعة النوادي. هؤلاء أفراد من مجتمع وبيئة احتضنتهم ولم تحاسبهم على مصادر الأموال لأن المهم هو أن يتوج النادي بالألقاب ويجلب اللاعبين للمنافسة.
ولنا في نادي برشلونة أحد أكثر الأندية شعبية في العالم، الذي اتهم مؤخرا بالفساد" و خيانة الأمانة وتزوير الوثائق التجارية بعد الكشف عن دفع مبالغ مالية مهمة بين عامي 2001 و 2018 إلى خوسيه ماريا إنريكيز نيغريرا، رقم 2 في لجنة التحكيم الفنية لكرة القدم الإسبانية؛ مما عرض النادي وجماهيره لسخرية مشجعي النادي الملكي. وهناك أمثلة لرؤساء ارتبطت أسماؤهم بالفضائح، لعل أبرزهم الراحلين، بيرلسكوني وطابي؛ الرئيسين السابقين على التوالي لناديي ميلان الإيطالي ومارسيليا الفرنسي.
بالمغرب، عقب الزج بمسؤولين أمام المحاكم؛ فكل مشجع أو منخرط يحاول أن يدافع عن رئيس فريقه حتى وإن ثبتت عليه التهم. وهذا شيء لايشرف المغرب كواجهة تحظى بثقة من طرف الجهة العليا المنظمة للكرة في العالم.
هل هناك بدائل وحلول لوقف اكتساح الأندية من طرف تجار السياسة وغيرها؟
لا أعتقد أنه من السهل القطع مع هذه العلاقة المعقدة لأن هناك مصالح مشتركة قد يجد كل طرف ضالتها فيها. على أن لا يكون هناك ازدواج في المهام وتغليب مصلحة نادي على آخر؛ لأن السياسي حسب تكوينه وبصيرته وتربيته إذا نزل ملعب كرة القدم، يمكن أن يلعب باحتراف أو بتهور، «لعبا نظيفا متميزا» أو «لعبا قذرا وعنيفا» دون ضوابط وأخلاقيات مما يؤجج غضب مناصرين ويخل بموازين اللعبة التي هي بالأساس تنافس شريف وتنبني على مبدأ تكافؤ الفرص.
وكذلك ممكن أن تدخل كرة القدم ملعب السياسة، وتقود الجماهير خلف شعار أو علم أو إحساس مفقود بالانتماء. لأن كرة القدم ولاسيما الأندية الكبرى قادرة على إنتاج نفوذ شخصي في المجتمع والسلطة.
لماذا عجزنا في المغرب على الاستثمار في أنديتنا لتقديم صورة مضيئة عن المغرب؟
لا أظن أننا عجزنا لأن هذا يهم بعض الفرق التي سمحت لبعض الأشخاص في ثوب رجال الأعمال الذين ينتمون لحزب سياسي بالسيطرة عليها وضمان استقرار مادي لتحقيق نتائج لإرضاء فئة من الجماهير؛ هؤلاء المسؤولون تشكل القواعد الجماهيرية للنوادي قواعد انتخابية لهم، ويمكن تسخيرها في مصلحة ما بعيدا عن الكرة. مما جعلنا نرى في المشهد الكروي شخصيات تجمع بين المال والسياسة والبحث عن النفوذ، كانت تقود نوادي رياضية كبرى ولنا في الطريقة التي تنحى بها رئيس ناد عريق بالدار البيضاء وهجوم بلطجية على مقر النادي لإرهاب اللاعبين والمدرب منذ عشر سنوات خير دليل
لأن ما يهم فئة كبيرة من الجمهور هو ضخ ميزانية الفريق بالمال وليس كيفية تحويل النادي إلى شركة للحصول على المال مما يحتم القطع مع هذا النموذج المبهم صاحب الأعمال المحلي رئيساً الجمعية، الذي يضمن بفضل أمواله استقرار النادي واستمراره؛ لأن هذا يخدش صورة الكرة المغربية التي تسعى للظهور بوجه مشرف؛ ونحن مقبلون على استحقاقات قارية وعالمية لتسويق وجه مشرق ومسؤول لا يمكن للمتربصين النيل منه.
ما حدود مسؤولية الدولة في شخص الجامعة في الاهتمام بالمنتخبات وترك الأندية لشأنها ومواجهة مشاكلها لوحدها؟
إعادة النظر في التصور الذي نريده للكرة المغربية والقطع مع الازدواجية وتوزيع المزايا المالية والمعنوية بالتكافؤ على جميع الفرق التي يجب أن تتجه نحو شركات وليس جمعية تكرس الضبابية والعشوائية لأن هذا يضر باللاعبين والطاقم الرياضي والطبي الذي يمكن أن يكون تحت رحمة المسؤول، ويكون دون حماية من تسلط أي شخص ولو صغير داخل النادي، ومشروع الاحتراف وجعل النوادي شركات في الطريق لكن هو جد صعب لأنه يتطلب تغيير العقليات وإعادة لإنتاج هوية وصناعة محلية وطنية كروية. لكن مسألة دمقرطة إدارة الفرق الرياضية وهيكلة النوادي شبه مستحيلةٍ. لأن كره القدم قطاع خالص لإنتاج المال والنفوذ وتطبيق شفافية الإدارة، بالتناوب على الرئاسة و انتخاب اللجن ومشاركتها في القرارات متعذراً بل مستحيلا، لأنّ من يملك المال والنفوذ هو الممسك بزمام الأمور. وهذا نموذج عالمي لإدارة نوادي كرة القدم، بعد أن تحولت إلى نشاط رأسمالي، من أكثر الأنشطة الرأسمالية لمراكمة الأرباح ولنا في رجال الاعمال الإماراتيين والقطريين والسعوديين خير دليل على هذا، وحتى الجماهير تتوزع إلى من يثمن هذا الاجتياح وبين من يذعن ويستسلم ويغير فقط تشجيعه وشغفه وبينما يختار البعض النضال ويعرب عن عدم تقبله هذا الوضع.
أعتقد أن داخل الجامعة الملكية، هناك رياح تغيير؛ لكن هناك من يسعى إلى المقاومة لتكريس وضع يجد فيه ضالته ومصالحه.