وأخيرا وبعد سكوت طويل عسكر الجزائر يؤلف رواية مضللة حول مقتل شابين على يد ضباط البحرية الجزائرية، حدث ذلك بعدما تبين له أن ما أقدم عليه يشكل خرقا سافرا وانتهاكا واضحا لكل القوانين والأعراف الدولية.
ولكي يضفي النظام الجزائري صبغة الشرعية على سلوك وفعل إجرامي متكامل الأركان واستباقا منه لأية مساءلة دولية محتملة وتجنب ردود الأفعال المنددة بهذا السلوك الأرعن، فإنه عمد إلى توليف رواية مهزوزة صاغتها وزارة الدفاع الجزائرية تفيد من خلالها "أن قواتها البحرية وجهت تحذيرا وانذارا لهؤلاء الشباب الذين لم يعيروا أي اهتمام لذلك بل وأنهم قاموا بمناورات خطيرة …"
هي رواية مضللة ومتهافتة تسعى إلى تبرير الجريمة وتوفير الحماية للجناة وبناء أدلة مفبركة، هي رواية تحمل في صلبها أسباب انهيارها، ذلك أن هناك ناج من الحادث حكى بتفصيل ما وقع لرفاقه، تصريحات منسجمة وعفوية توضح وجود نية مبيتة للانتقام من شبان عزل دون أن يشكلوا أية خطورة.
وما يفيد،أيضا، أن الرواية مفبركة وتهدف إلى طمس الحقيقة وتبييض سلوك إجرامي، خلافا للادعاءات المزيفة لعسكر الجزائر، هو ارتكابه في أوقات سابقة لأفعال مماثلة وبشكل متواتر، كما أن استعمال الشباب لوسيلة "جيتسكي "وظهورهم بملابس السباحة وعدم حملهم لأي سلاح وبوجوه مكشوفة وقبل غروب الشمس تفيد أن الأمر لا يتعلق بأي هجوم أو عمل يمكن أن يشكل خطورة ما
إن رواية وزارة الدفاع الجزائرية لم تصدر إلا بعد تفكير عميق وحبك سيناريو إخراجها من أجل إضفاء الشرعية على جريمة نكراء وحتى نظرية الدفاع الشرعي لا يمكن أن تسعف عسكر الجزائر في هذه الحالة لكون الأمر لا يتعلق بأي هجوم وإنما بحالة تيه شباب وسط البحر، كما أن هؤلاء الشباب لا يحملون أي سلاح يمكن أن يشكل خطرا على البحرية الجزائرية مما يجعل التناسب منعدم بين شباب مسالم وضباط جزائريين مسلحين ونصبح بذلك أمام عمل إجرامي يتطلب المساءلة القانونية ومعاقبة الجناة حتى لا تتكرر مثل هذه الحوادث المأساوية.