الجمعة 7 فبراير 2025
كتاب الرأي

إدريس الأندلسي: الجدية هي"المعقول" أيها المسؤول 

إدريس الأندلسي: الجدية هي"المعقول" أيها المسؤول  إدريس الأندلسي
يمكن أن نلخص بكثير من الصدق أن الخطاب الملكي أكد أن كل ما أنجزناه كوطن كان نتيجة الجدية. ويمكن قراءة الخطاب من زاوية أخرى، وهي أن كل ما لم ننجزه في كل القطاعات كان بسبب غياب الجدية. المغاربة يعتبرون أن الجدية هي "المعقول" وهذه الكلمة ذات مدلول متعدد الأوجه والدلالات وكلها تصب في طريق واحد وهو الوفاء للوطن ومسيراته نحو الإقتصاد الصاعد والمجتمع العادل والتدبير العقلاني للشأن العام والرقي بالإدارة والقضاء والقضاء على كل أشكال اقتصاد الريع والممارسات المضرة بالمنافسة ومحاربة التهرب الضريبي. 
المعقول أيها المسؤول رسالة حملها خطاب العرش للمواطنين وخصوصا لؤلاءك الذين أرادوا أن يتحملوا مسؤولية عن طريق الانتخاب أو التعيين. الدستور واضح ويؤكد على ربط المسؤولية بالمحاسبة. كل البرامج السياسية لكل الأحزاب تردد بكثير من الصخب ضرورة المحاسبة. وكل مؤسسات المجتمع المدني تردد نفس الخطاب في بيانتها وخلال كل تظاهراتها. المعقول، وهو المدلول لما وضعها عاهلنا كخيط ناظم لخطاب العرش لهذه السنة، يعني أن المسؤول غير الجدي هو سبب إخفاق سياسات عمومية رصدت لها ميزانيات بالملايير. وهذا المسؤول الفاشل هو مسؤول "غير معقول".
قراءة الخطاب الملكي لا يحتاج الى خبراء لتحليله ولكن إلى مواطن يناضل من أجل الحضور في القرار وفي السياسات وفي تقييم النتائج وفي محاسبة المسؤولين. يجب ربط مضامين الخطاب الملكي لسنة  2023 التي تسجل حضورا فاعلا لملك مناضل وفاعل لتغيير الواقع منذ 24 سنة. أتذكر أول خطاب للعرش حين أعلن الملك محمد السادس أنه لا "يمتلك عصا سحرية" ولكنه سيعمل من أجل بلاده ومواطنيه. كل ما تم إنجازه يمكن وضعه تحت عنوان كبير هو "التتبع الملكي للمشاريع "الكبرى والمتوسطة وحتى الصغرى".
لكل ما سبق وبناء على مضمون الخطاب الملكي وجب التذكير بأننا نحتاج إلى النزهاء والخبراء وذوي الكفاءة في كل المؤسسات الرسمية والمدنية لبلوغ مراتب النمو الكبير  الذي سيمكن بلدنا من الدخول إلى نادي الدول التي لا ترضى بمعدلات نمو لاتخلق ثروة حقيقية ولا تؤثر على معدل البطالة. "ناس المعقول" هم جنود التغيير في كل المؤسسات، وهم من يمكن أن يعززوا الثقة في المؤسسات، وهم من ستشير إليهم الأصابع بالخير إن كانوا نزهاء شرفاء وذوي كفاءة تؤثر على وتيرة الإنجاز وفعاليته. الجدية أو المعقول هي أن تقوم مؤسسات الحكامة بأدوار ها ياالدستورية في مجال العدل والعدالة  والإنصاف ومحاربة الرشوة والاغتناء غير المشروع وآليات السمسرة الفاسدة والمحاسبة غير "المسيسة".
الجدية أي المعقول رسالة ملك إلى شعب شغوف بمستقبل كبير ومحتاج إلى تنزيل سليم لسياسات اقتصادية و اجتماعية في كل القطاعات والمجالات. الجدية نهج في التقييم السليم للمسؤولين وفي التتبع العملي لكل المشاريع العمومية. نعم حققنا الكثير من الإنجازات على مستوى البنيات الأساسية التي تهم الطرق و الموانئ  والسدود  والمدارس والمستشفيات وشهدنا تنزيل التغطية الإجتماعية. وهذا إنجاز لا ينكره إلاجاحد.  لكن يوجد بين ظهرانينا من هو عدو لمطامحنا كمغاربة محبين لبلادهم ومؤمنين بقيمة مؤسساتها. لا يمكن أن نعطي قيمة حقيقية للجدية أي "المعقول" والنخبة السياسة تتاجر، في أغلبها،  بالشأن العام  وتدبيره. كيف يمكن أن يصبح ضعيف التكوين وصاحب ثروة نتجت عن موقع في حزب و في جماعة ترابية أن يكون جديا.  نحتاج إلى جدية في مجال الفعل في مجال التتبع  والتقييم و المحاسبة و الفعل القضائي الصارم والرادع لأعداء رفعة الوطن و المواطن. ملك البلاد يريد "المعقول" وكل مكونات الوطن من مؤسسات و أفراد يجب عليهم يحاربوا بقوة القانون كل من يسعى إلى تدمير الثقة في نهج الجدية مهما كان موقعه الإجتماعي والوظيفي. الجدية مطلب ملكي وشعبي وأساس لبناء مستقبل يليق بالمملكة المغربية. لذلك يترقب المواطن رحيل أولئك الذين خانوا ثقته ولا زالوا جاثمين على الكراسي. ما دام في مؤسساتنا الترابية والحزبية  والإدارية فاسدون فلنعلم أن معركة التغيير أولوية الأولويات لضمان مستقبل أفضل للوطن والمواطن المعقول.