الجمعة 29 مارس 2024
اقتصاد

عبد الرحمان رشيق يكشف اختلالات السياسة الحضرية بالدار البيضاء

عبد الرحمان رشيق يكشف اختلالات السياسة الحضرية بالدار البيضاء عبد الرحمان رشيق
قال عبد الرحمان رشيق ( سوسيولوجي ومهتم بالمجال الحضري ) في حوار مع جريدة " ليكونوميست "؛ عدد 27 يناير 2023 إن السياسة الحضرية المتبعة منذ عام 1984 بالدار البيضاء لم تنجح في توجيه النمو الحضري الذي يسير في جميع الاتجاهات، وأشار أن الأشكال السنية التي تم إنشاؤها منذ خطة التنمية لعام 1917 (هنري بروست) تعكس بشكل متزايد الفروق الاجتماعية الصارخة، مضيفا بأن الخروج من هذا النظام الحضري المهيمن ولتجنب خنق الدار البيضاء لابد من التفكير في إنشاء مدن جديدة
ودعا رشيق الى  وضع حد لمبدأ تقسيم الدار البيضاء الى المناط الذي يبني مدننا ويحاول تقليل شدة الإقصاء المكاني لغالبية كبيرة من سكان المجال الحضري الذين يعيشون في الضواحي، كما سبق للدولة أن أنشأت مركز صغير في الضواحي لهيكلة الأحياء الكبيرة التي تضم أكثر من 300 ألف ساكن مثل مولاي رشيد، وهو القرار الذي كانت تمليه مخاوف أمنية ولا يحكمه هدف جعل المنطقة الجنوبية الشرقية (عين الشق ، سباتا ، سيدي عثمان ، مولاي رشيد ، سيدي مؤمن) مدينة تأوي الفئات الاجتماعية المتواضعة والمحرومة.
وأوضح رشيق أن " العروبية " هم  مجرد كبش فداء لشرور المدينة،  مضيفا بأن التعبير عن ديناميكيات التحضر في الدار البيضاء يتم بعدة طرق: الامتداد المكاني المحيطي إلى الغرب والشرق والجنوب ، وملء الأراضي العارية الموجودة داخل المدينة ، على سبيل المثال ، بناء مراكز التسوق، تجديد حضري واسع النطاق عبر تدمير المباني القائمة لإنشاء مباني من عدة طوابق، مشيرا بأنه يجري توسيع المدينة الاقتصادية بشكل عفوي في جميع الاتجاهات من الشرق والغرب والجنوب والجنوب الشرقي. فالمساحات "الخارجة عن القانون" ترسخ نفسها تدريجياً في المشهد الحضري المحيطي، في الهراويين، بوسكورة، ليساسفة..
وقال إن الاحتلال المكاني للمدينة يتجرم تقريبًا التسلسل الهرمي الاجتماعي السائد: إلى الغرب توجد منطقة الفيلات (عين دياب، أنفا) المخصصة للطبقات الاجتماعية الثرية، وفي الشرق (الحي المحمدي، عين السبع، سيدي البرنوصي) موطن الأنشطة الصناعية والأحياء الفقيرة ومجمعات الإسكان العمالية وعدد قليل من الفيلات الصغيرة وبين الشرق والغرب توجد المدينة، وهي مساحة كثيفة تشغلها فئات اجتماعية متواضعة، جنبًا إلى جنب مع المدينة القديمة، أما وسط المدينة فهو مساحة الطبقات الاجتماعية المتوسطة وحتى الأثرياء ؛ وهو عبارة عن تمركز مكاني للمنشآت الإدارية ومقار للشركات والبنوك، وبصرف النظر عن جزء من المنطقة الجنوبية الغربية التي لا تزال تسمح بتوسيع منطقة الفيلات ، وجدت المدينة نفسها تدريجياً محاطة في الجنوب بأطراف يهيمن عليها السكن الاجتماعي والاقتصادي.
وقد ظهرت أنواع أخرى من المساكن الجماعية الخاصة بالطبقة المتوسطة والمؤهلة لتكون مساكن محروسة وآمنة، وتتزامن أهمية هذه الأشكال الجديدة من الإسكان ، والتي يطلق عليها "الجيوب السكنية المغلقة" أو "المجتمعات المغلقة" ، مع الاضطرابات الحضرية التي هزت النظام الاجتماعي في الأعوام 1981 و 1984 و 1990،  بالإضافة إلى ندرة الأراضي، حيث تحولت الفيلات الى عمارات بشارع 2 مارس، ومنطقة أنفا و القطب المالي للدار البيضاء ..
وأشار رشيق أن السكان كانوا في السابق يعتبرون هذه التفاوتات الاجتماعية والمكانية على أنها "طبيعية"، وهو الذي لم يعد مقبولا اليوم، ففي دراسة سابقة – يقول رشيق - عندما وضعنا قائمة المطالب الاجتماعية في الفضاء العام ، جاءت مسألة السكن في المرتبة الثانية بعد الصعوبات المتعلقة بالعمل والبطالة.
وأوضح أن الأزمة لا يمكن اختزالها في أزمة سكنية كمية بسيطة ، بل أزمة حضرية تشمل المدينة ككل، حيث اضطرت الدولة إلى وضع وتسريع الموافقة على أدوات التخطيط الحضري المختلفة (المخطط العام (1981-1984) ، مخطط تقسيم المناطق ، خطة التنمية المجتمعية في عام 1989 مباشرة بعد أعمال الشغب الدموية ، الإنشاء السريع لثلاثة مقار إدارية ضخمة (عمالات) في الضواحي ، إنشاء الوكالات الحضرية (1984) واعتماد إسكان اجتماعي ضخم وعاجل، سياسة (1983-1989) ، أي إعادة توطين سكان الأحياء الفقيرة الذين يُنظر إليهم على أنهم سكان خطرون.