من الملاحظات التي يمكن استخلاصها من توالي سنوات الجفاف في تاريخ المغرب المعاصر هي قصور ومحدودية السدود المائية في لعب أدوارها الحيوية وفي تجاوز المخلفات السلبية التي تحدثها قلة التساقطات وفي مقاومة الأزمات الناتجة عن ندرة المياه خلال فترات الجفاف الطويلة الأمد، إذ أضحت اليوم السدود المائية عبارة عن منشآت اسمنتية منتصبة وفارغة من المياه تنتظر ما ستجود به السماء من الأمطار والسيلان، وهذا ما يسبب ركودا اقتصاديا في الأنشطة التي تستفيد بشكل مباشر من المياه المعبأة في السدود (كالمدارات الفلاحية السقوية وتزويد المدن الكبرى بالماء الصالح للشرب...).
ويقتضي ذلك على الفاعلين والقائمين على تدبير قطاع الماء بالمغرب التنبيه إلى هذا الأمر بشكل جدي وأخذه بعين الإعتبار في السياسات المائية القادمة، بل أصبح المغرب اليوم في حاجة إلى إرساء جيل جديد من السياسات والمخططات المائية التي تأخذ بعين الإعتبار الوضعية المقلقة لمشكل الجفاف الذي "يفرمل" السدود المائية من أداء وظيفتها الاستراتيجية...
ومن المدخلات الرئيسية لجيل جديد من السياسات المائية التي قد تمكن ولو بشكل نسبي من الصمود ومن التكيف مع الوضع المائي الشاذ، نقترح: الرفع من وتيرة استعمال المصادر المائية غير التقليدية، وأخص بالذكر:
- تعميم محطات تحلية مياه البحر على طول السواحل المغربية المتوسطية والأطلنتية(أزيد من3500كلم)...؛
- تعميم بل فرض على الجماعات الترابية والقطاعات ذات الصلة بتدبير الماء إعادة استعمال على المياه المستعملة بعد معالجتها بغية تدويرها وتزويد القطاعات الحيوية بحاجياتها المائية مما سيخفف ولو بشكل نسبي من الضغط المتزايد على المخزون الإستراتيجي لمياه الفرشات الباطنية والتي يرتفع مستوى عمقها سنة بعد أخرى...؛
- توجيه البحث العلمي الأكاديمي والتقني والذكاء الاصطناعي في اتجاه ابتكار الحلول الجذرية إزاء الأزمات المائية التي تتواتر على المغرب كلما امتدت فترات الجفاف، إذ أصبحت أزمة الماء بالمغرب أزمة هيكلية سيكون لها أثر عميق وعواقب وخيمة على جل الأصعدة...
أحمد أوالطالب محند أستاذ باحث في الجغرافيا