الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

حسن شاكر : كورونا والدرس الايطالي في ثقافة التطوع

حسن شاكر : كورونا والدرس الايطالي في ثقافة التطوع حسن شاكر
تداولت وسائل الإعلام العالمية الأرقام المخيفة لضحايا فيروس كورونا بايطاليا...سواء عدد الموتى أو الخاضعين لإجراءات الحجر الصحي، الذي أعلنت عنه السلطات الايطالية بتدرج وباحترام لكل اختصاصات مؤسسة الجهات...
وقد وصلت إلى الحجر الصحي لكل التراب الوطني الايطالي، وكذا تعليق كل الأنشطة الرياضية و الثقافية والدراسية بكل أقسامها...ووصلت يوم أمس إلى قرارا إقفال شامل لكل الأنشطة باستثناء متاجر المواد الغذائية و الصيدليات..كما أن التجوال والتنقل أصبح عن طريق تراخيص تحت طائلة عقوبات مالية أو زجرية...
الآن الحجر الصحي سيمتد إلى الأسبوع الأول من شهر ابريل القادم، .كما أن الحكومة الايطالية؛ وضعت حوالي 25مليار أورو احتياطي لكل المستجدات..
والملاحظ هو أن العديد من الدول الأوروبية كفرنسا وهولندا واسبانيا والدنمارك و ألمانيا و اسبانيا وغيرها، قد نال منها أيضا فيروس كورونا، لكن التغطية الإعلامية بقيت قوية حول ايطاليا فقط..
ونعتقد أن السبب هو أن ايطاليا انتهجت سياسة الشفافية مع وسائل الإعلام، كما أنها أجرت أرقام عديدة من التحاليل لكل مشتبه فيه بحمل فيروس كورونا...هذا في الوقت الذي أخفت فيه بعض الدول الأوروبية الأرقام الحقيقية خوفا من حالة الهلع وسط مجتمعاتها ...و هو ما صرحت به لاحقا المنظمة العالمية للصحة...كما أن العديد من الدول الأوروبية لم تقم بفحوصات و تحاليل تعادل الرقم الايطالي من الفحوصات، مما جعل الرأي العام المحلي لتلك الدول شبه مطمئن أو انه خارج منطقة الخطر...ولو قامت تلك الدول بعدد فحوصات ايطاليا لصدمنا من الأرقام وحجم الكارثة...
لكن رغم كل تلك الأرقام و خسائر الاقتصاد الايطالي...فان ايطاليا أظهرت الجانب المشرق من تاريخ حضارتها و أيضا من قوة بنيتها التحتية، بحيث احتلت عشرة منشآت صحية ايطالية المراتب الأولى عالميا في آخر تصنيف...
فالوجه الحضاري لايطاليا وهي تواجه تسونامي فيروس كورونا يتمثل في عمق تراكمها على مستوى ثقافة مواجهة الكوارث...فبمجرد إعلان حالات الحجر الصحي...رجع كل الطاقم الطبي إلى الصفوف الأمامية حيث العديد منهم قطع عطلته، بل حتى الأطباء المتقاعدين رجعوا للعمل بشكل تطوعي...هذا دون الحديث عن العمل المتواصل وبدون انقطاع لكل الطاقم الطبي..مع المحافظة على جودة الخدمات الصحية و الضمير الإنساني....
الدرس الايطالي و هي تواجه وباء كورونا هو قوة "ثقافة التطوع" لدى جميع مكونات المجتمع...فقد تطوعت جمعيات المجتمع المدني بتقديم المساعدة للعجزة و المحتاجين و العالقين...كما بادر كل مشاهير ايطاليا سواء في عالم الموضى أو الفن و الرياضة بتقديم هبات و تبرعات مالية كبيرة...تجاوزت الملايين من الاوروهات جعلتها تحت تصرف المستشفيات و الخدمة المدنية أو البحث العلمي...
الدرس الايطالي قدمته الجالية المغربية بايطاليا أيضا، و التي اعتبرت نفسها جزءا من المجتمع و الأمة الايطالية وأنهم مواطنون ايطاليون سواء في وقت الرخاء او الشدة و الأزمات...ففي ظل الحجر الصحي وحضر التجول فقد استغل مغاربة ايطاليا فضاءات وسائل التواصل الاجتماعي خاصة الفايسبوك بالنداء باحترام القوانين الإجراءات الحكومية من أجل تجاوز جميعا هذه المرحلة الصعبة...
أكثر من هذا فان أشهر البلوغورز المغاربة بايطاليا قاموا بتغطيات يومية ومباشرة من مناطق الحجر الصحي...وهنا نشد على يد الصديق مردادي عبد الكريم...كما أن كل المواقع الالكترونية المغربية بايطاليا أصبحت مختصة في نشر تعليمات الحكومة، وكذا نقل آخر أخبار المتعلقة بوباء كورونا..
الدرس الايطالي للعالم هو الالتزام بالقوانين والكعب العالي في مجال ثقافة التطوع...بكل تأكيد سيجتاز العالم ومعه ايطاليا هذه الأزمة، لكن سيعرف العالم أن مغاربة العالم لم يهربوا من مناطق الوباء بل اعتبروا أنفسهم جزءا من المجتمع الايطالي..