السبت 20 إبريل 2024
سياسة

احتقرت المغاربة وتشددت في الفيزا.. متى يعلن حزب "ماما فرنسا" بالمغرب الطلاق مع باريس؟

احتقرت المغاربة وتشددت في الفيزا.. متى يعلن حزب "ماما فرنسا" بالمغرب الطلاق مع باريس؟ ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية ( يسارا) والرئيس الفرنسي ماكرون
ما من شك أنه سيكون من دواعي الاستغراب أن ينظم ما نسميهم "وليدات فرنسا في المغرب" دروعا بشرية من أجل الدفاع عن فرنسا، وعن وجودها اللغوي والثقافي والسياسي والاقتصادي بين ظهرانينا، بزعم أنها دولة "الأنوار"  و"الحكامة والتقدم"، وأن التي أخرجتنا من الظلمات وزرعتنا في حقول الضتمارسوء. ذلك أنهم أصبحوا بدورهم أهدافا مكشوفة لـ"العقاب الجماعي" الذي يمارسه قصر الإليزيه ضد المغاربة، وضد مصالحهم الحيوية، وضد استقلالية القرار السياسي والاقتصادي المغربي.
 
فقد أكدت المعطيات أن السلطات القنصلية الفرنسية في المغرب لم "ترحم" حتى أبناءها البررة، الذين درسوا في معاهدها وجامعاتها وأصبحوا يشغلون مناصب إدارية وتنفيذية مهمة، ولم تستثنهم من قرارها المجحف برفض ما يقرب من 70٪ من طلبات الحصول على التأشيرة، التي تقدم بها المغاربة، مما جعل الغضب يتصاعد في صفوفهم، لا سيما في صفوف الفرانكوفونيين الذين كانوا يعتبرون فرنسا سقف العالم.
 
ومعلوم أن باريس عمدت منذ شتنبر 2021، إلى نهج هذا العقاب لإرغام الدول المغاربية (المغرب والجزائر وتونس) على الخضوع للأهواء الانتخابية لماكرون. ألم يصدم الناطق الرسمي باسم الحكومة الفرنسية السابق، غابرييل أتال (ومعه وزير الخارجية جان إيف لودريان)، الساحة السياسية لدول شمال إفريقيا، حين صرح: "إن تقليص التأشيرات هو قرار صارم، لكنه ضروري بسبب حقيقة أن البلدان المغاربية لا توافق على استعادة رعاياها الذين لا نريدهم، ولا يمكننا الاحتفاظ بهم في فرنسا". 
 
لقد اختارت فرنسا نهج سياسة متغطرسة لحل مشاكلها مع البلدان المغاربية، وهي مشاكل عادية يمكن إيجاد حلول لها، ليس بالضغط "البليد"، بل بالتفاوض عبر القنوات الديبلوماسية المغروفة. وهذا أدى إلى بروز حقيقتين: الأولى: ارتفاع مستوى الغضب إلى مستويات غير مسبوقة، مما يعني أن باريس "نجحت في بناء جدار برلين بينها وبين المغاربة" الذين باتوا يفضلون التقدم للحصول على تأشيرات من بلدان أخرى: إسبانيا أو إيطاليا أو بلجيكا؛ والثانية، التهديد بالطلاق الذي أصبح يتسع  في صفوف "أبناء فرنسا"، ومن بينهم الحائزون على جوائز المدارس الفرنسية المرموقة، والفنانون الناطقون بالفرنسية، والنخبة السياسية الفرنكوفونية التي كانت تفتخر من تخرجها من مدرسة القناطر بباريس (تم رفض منح التأشيرة لمستشار رئيس البرلمان).
 
من المؤكد، إذن، أن "الاحتقار" الفرنسي للمغاربة، فضلا عن السرقة الموصوفة لأموالهم، سيوقظ كل الذين كانوا يتغنون بـ"حضارة فرنسا"، وعلى رأسهم المسؤولون والموظفون الكبار، من سباتهم. ذلك أن من شأن هذا المنع المذل، الذي لا يستند إلى أي ضوابط أو معايير قانونية، أن يعمق الثغرة ويرفع الجدران بينهم وبين النموذج الفرنسي. ألم يقل وزير مغربي سابق: "يمكن لفرنسا أن تقول وداعًا للمغرب الكبير"؟ 
 
لقد قامت فرنسا، على امتداد ما يناهز العام، ببناء جدار سميك بينها وبين البلدان التي ظلت تشكل خزانًا ثقافيًا وبشريًا حقيقيًا لباريس، والسؤال هو: ألم يحن الوقت أن يتحلى "أبناء فرنسا" بما تبقى لهم من كرامة، ليديروا ظهرهم لباريس، وأن يؤمنوا بأن أرض "الأنوار" واسعة وتمتد إلى واشنطن وبرلين وموسكو وبكين؟