محمد عطير مُولْ "رِيحْةْ اَلدَّوَّارْ" يحكي مسار حياته ببرنامج "هَكْذَا بْدِيتْ"

محمد عطير مُولْ "رِيحْةْ اَلدَّوَّارْ" يحكي مسار حياته ببرنامج "هَكْذَا بْدِيتْ" الفنان محمد عطير

استضاف الإعلامي الزميل سعيد ياسين معد ومقدم البرنامج الأسبوعي "هَكْذَا بْدِيتْ" بالإذاعة الوطنية، الفنان الكوميدي والإعلامي محمد عطير، حيث استرجع في حواره معه، بعض الأمكنة والفضاءات من عالم الدار البيضاء، وبداياته الطفولية بالإضافة إلى مشواره الدراسي والفني ومختلف أنشطته الإبداعية، والوقوف عند ممارسته للإعلام الإذاعي من خلال برنامجه المتميز "رِيحَةْ اَلدَّوَّارْ".

محمد عطير وسحر الميكروفون

عن سؤال اقتحام الفنان محمد عطير للحقل الإذاعي، أوضح بأن السبب الرئيسي يعود لانبهاره وتأثره بأصوات عشرات الأسماء اللامعة التي اشتغلت عبر الأثير بالإذاعة الوطنية من وراء الميكروفون. بدأ بالرائد رشيد الصباحي، والحسين العمراني، والبوكيلي، والجفان، ومحمد عمورة، واسمهان عمور، ولطيفة القاضي، وخديجة شفيق، والسيدة ليلى، وسميرة الأشهب....هي أسماء كثيرة بفضلها أحببت المذياع، وكنت أتساءل غير ما مرة أخي سعيد عن سبب بقاء هذه الأسماء الوازنة حبيسة المكروفون؟ ولماذا لم تتوجه نحو شاشة التلفزيون؟ لكنني أدركت سر ذلك، بعد اشتغالي في الإذاعة، ومنذ ذلك الحين عرفت أن للمكروفون سحر خاص جدا". يوضح محمد عطير

نوستالجيا... كَارْيَانْ لَاحُونَا لَا فَرَّانْ لَا طَاحُونَةْ

بألق يقول ضيف البرنامج بـأن الطفل محمد عطير، من مواليد سنة 1967، بالحي المحمدي، وتحديدا بمنطقة كَارْيَانْ سَنْطْرَالْ، (كَارْيَانْ لَاحُونَا، لَا فَرَّانْ لَا طَاحُونَةْ) حسب ما كان يتداوله المواطنون. حيث كان "كَارْيَانْ لَاحُونَا" تجمّع سكاني فريد من نوعه، بحكم أنه يمثل صورة مصغرة للمجتمع المغربي، كون جميع الإثنيات والقبائل ممثلة فيه، وهذا يسري على الحي المحمدي ككل.

وأضاف عطير بقوله، لقد قضيت شغب طفولتي بإيجابياتها وسلبياتها بالقرب من "دَارْ لَمَانْ"، حيث كانت هناك مساحات أراضي فارغة، اللهم تواجد مستنقع ضخم (ضَايَةْ كْبِيرَةْ)، وكان معظم الأطفال يلجئون إليها من أجل السباحة، وبجانبها كان يتواجد مقلع للحجارة، حيث كانت شاحنة نقل الحجارة تمر على مشارف درب مولاي الشريف.

في هذا المجال الشاسع، تابعت دراستي الابتدائية في مدرسة أبي بكر الصديق قريبا من (اَلْعَوْجَةْ/الجاحظ)، وهي بناية "بَاطِيمَةْ" عَوْجَةْ، ذات هندسة على شكل مثلث مائل، أما بالنسبة للدراسة الإعدادية فقد تابعتها بمؤسسة حمان الفطواكي التي أطل عليها حاليا من سطح بيتي، وكذا أطل من منزلي حاليا على المدرسة الابتدائية التي تابعت بها مستوى الخامس ابتدائي.

تتراقص صور الماضي الجميل في ذهن الرجل وهو يحكي سيرة حياته، حيث قال: لقد بدأ منعطف حياتي مع انتقالنا من الَكَارْيَانْ للسكن بسيدي مومن (لم أتقبل مغادرة الكاريان)، ورغم ذلك ظلت صلتي قائمة بين سيدي مومن والحي المحمدي بفعل فريق الطاس. لقد ظلت ثقافة الإنتماء لمنطقة (زيرو 4) لصيقة بمرحلة الثانوي بِلِيسِّي الحارثي، والتي شكلت تكاملا مع ثقافة (زيرو 5)، وأعني بذلك فضاءات و أمكنة أحياء سباتة، وسيدي عثمان، ومبروكة، ولالة مريم، وجوادي، وكالوجيرا...والجميل أن أغلب أصدقائي الشباب في تلك الفترة عايشتهم سواء في مرحلة الثانوي أو الكلية بمنطقة بنمسيك.

 محمد عطير وعشقه لفريق الطاس

طرائف محمد عطير كثيرة بثانوية الحارثي، ويذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، من بينها أنه خلال امتحان اللغة الفرنسية (كنت مجتهدا في اللغة الفرنسية، وكان من المفروض أن أتوجه نحو الأدب الفرنسي، إلا أن المشيئة الإلهية أرادت أن يكون مساري شيء آخر)، امتحان مادة الفرنسية تزامن مع مقابلة ودية كانت ستجمع بين فريق الطاس وفريق القوات المساعدة (فريق الساقية الحمراء ثم المسيرة الخضراء..)، وكان اللاعب لَمْنَوَّرْ سيجري أول حصة مع الفريق. لذلك كنت مبرمجا على ضرورة متابعة المقابلة، وبمجرد ما انتهيت من الامتحان خرجت راكضا (جَرْيَةْ وَحْدَةْ) من لالة مريم إلى ملعب الحفرة لمتابعة المباراة.

طرائف عطير مع مدير ثانوية الحارثي

ومن الأشياء التي لا يمكن نسيانها بثانوية الحارثي ـ يضيف عطير ـ هو علاقتي الفريدة مع أحد الأطر الذي ظل اسمه محفورا في ذاكرتي، ولي اليقين التام أن أي تلميذ مر من مؤسسة الحارثي لن ينسى الإطار عَبْدْ اَلْقَادَرْ عْنِيبَاتْ، الذي كان يلقبه التلاميذ باسم "لَعْرُوبِي" وبدوري كنت أناديه بـ "عَبْدْ اَلْقَادَرْ لَعْرُوبِي"، لكنه كان يجيبني ممازحا بقوله: "عْرُوبِي وُمُدِيرْ عَلَى بُوكَ". لقد كان يعزني وكان يقول لي دائما: "نَبْغِيكْ تَضْحَكْ، وَلَكِنْ السنة المقبلة يجب أن أراك في الكلية، مَاشِي هْنَا".

ومن الطرائف التي يذكرها الكوميدي عطير في ثانوية الحارثي، أنه كان خطاطا، وفي هذا السياق بعث بتحية مودة لعضوين في الجمعية المغربية للخطاطين (محمد أمزيل وعبد الرحيم..)، اللذين كان يقول لهما "إذا كنتما من الخطّاطين فأنا من الخطّائين"، على اعتبار أنه لم يكمل مشواره على مستوى الخط ولم يزاول فن الخط بالشكل المطلوب.

الطريفة التي حكى تتعلق بيوم طلب منه المدير عبد القادر عْنِيبَاتْ أن يكتب على الجدار قولة: "مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا"، ويذكر أنه بعد كتابة نصف القولة قام المدير بإحضار التلاميذ وقال لهم أمام محمد عطير الخطاط "انظروا لمحمد عطير، الذي يغش، ويريد أن يكتب هذه القولة"، فأجابه بأن الأمر يهم تلاميذ المؤسسة الأخرى (مولاي إسماعيل). وختم حكيه بالثناء على المدير عبد القادر عْنِيبَاتْ الذي كان شخصية رائعة، تسعى إلى تعليم أولاد الشعب وتتبعه ومراقبة دراستهم ـ حسب قوله ـ

 الفكاهي محمد عطير يشق طريقه نحو المسرح الجامعي

على مستوى تجربة الكلية أوضح محمد عطير بأنه تعرف خلالها على أحد المسرحيين الذين شخصوا بجانب المبدع شفيق السحيمي في مسلسل "اَلْعَيْنْ واَلْمَطْفِيَّةْ"، وهو أحد أبناء حيه المرحوم حسن عريس، حيث طلب منه ذات مرة أن يسجل نفسه بالمعهد العالي للمسرح، لكنه فضل اختيار كلية بن مسيك التي كانت حاضرة بقوة على مستوى المسرح الجامعي.

وأضاف بأنها كانت تجربة جميلة، جايل فيها أسماء وازنة مثل عبد الله شيشا، ورضوان رشوق، وهند السعديدي، والرائد عبد الله شكيري...على اعتبار أن كلية بنمسيك كانت من أنشط المؤسسات الجامعية على المستوى الوطني. وكان من المفروض أن يرز اسمه في تلك الفترة، ولكن قدر الله ما شاء فعل. "كنت اشتغل في جنس الفكاهة على الخصوص، لما ظهرت تجربة الثنائيات، مع برنامج سباق المدن، لكن لم تتح لي الفرصة مع صديقي آنذاك في تجربة "الثنائي لَهْبَالْ"، وقبلها كانت تجربة ثنائي "مَاجُوكْ و عَطِيرْ"، وتحديدا في مرحلة ثانوية الحارثي. واستحضر تراكمات تجربة دار الشباب، وأنشطة عيد العرش بالمؤسسة التعليمية"، باعتبارها كانت النواة الأولى لتجربة عطير محمد.

حرمان عطير من برنامج سباق المدن ومغامرة الكاسيط

في هذا السياق سجل ضيف حلقة البرنامج بأسف بقوله: "كتب لنا أننا لم نشارك في برنامج سباق المدن، وحاولنا اقتحام تجربة الأشرطة السمعية (كاسيط)". وحكى للمستمعين طريفة لها صلة بالتجربة حيث أقدم مع صديقه على محو اسم صاحب شريط مسجل، وأعادوا تسجيله بأصواتهما. وكانا يعتقدان أنهما سيروجان منتوجهما الفكاهي بواسطة هذا الشريط. فانطلقت رحلة المسافات الطويلة بحثا عن منتج للشريط، بدأ من حي مولاي رشيد على مقربة من الكلية مشيا على الأقدام إلى حدود سوق العيون بالقريعة، لكنهما لم يحققا مبتغاهما (مَا تْسَوَّقْنَا حَدْ)، فتوجها أيضا نحو كَرَاجْ عَلَّالْ (صوت أنغام) و (صوت الشاوية)، بشارع الفداء، وفشلا في إيجاد من يقبل انتاج شريطهما الأول، واستمرا في رحلة البحث إلى حدود مقاطعة حي الفرح، فوجدا شخصا متخصصا في إصلاح الراديوهات، وفاتحاه في الموضوع، فكان أول من شجعهما على تسجيل أول شريط سمعي تحت اسم الثنائي "ماجوك و عطير". الطريفة التي وقعت أن الرجل قام بتسجيل ألف نسخة، لكنه وجد نفسه أمام تسجيل 1200 نسخة من الشريط. (لم يعرف كيف وقع له إضافة 200 نسخة أخرى).

كل هذه التجارب والتراكمات قدمت لمحمد عطير إفادة مهمة في مسار حياته الفنية والابداعية، كما قال معد ومقدم برنامج "هَكْذَا بْدِيتْ". لذلك أكد ضيف الحلقة على أن الاستفادة في مسار حياة الإنسان لابد من وقع التجارب وانعكاسها إيجابا على شخصية الفنان المبدع.

مدرسة "لَحْلَايْقِيَّةْ" وإضحاك الناس في رمضان

ومن أجمل المحطات التي يذكرها محمد عطير هي تجربة الاشتغال بالملاهي خلال فترة الدراسة الجامعية، وكان شهر رمضان مناسبة لإضحاك الناس بالملاهي، حيث قارع مع زميله كبار رواد الحلقة، وما أدراك ما الحلقة. لذلك يرى أن المنافسة مع "لَحْلَايْقِيَّةْ" كان لها وقع كبير على تكوين شخصيته، بالخصوص أن الفترة عرفت كوميديا فن الثنائيات، حيث برز آنذاك اسم "السَّفَاجْ و مْهَيْوَلْ" و الثنائي "التِّيقَارْ" و "لَهْنَاوَاتْ" و كان من بين الرواد "الْحَسْنَاوِي والْكَرْوَاوِي" و "قَرْزَزْ و مَحْرَاشْ" ....

وأوضح عطير بأن أغلب الثنائيات كانوا يشتغلون بأسواق البوادي خصوصا على مستوى فن الحلقة حيث كان "الْغَازِي و مَصْطَفَى الْفَرْجِي" بمدينة أزمور، والفنان محمد لُغْنِيمِي بمدينة أسفي (شيخ الكوميدي المرحوم لَكْرَيْمِي)، وكنا نتعلم منهم الشيء الكثير على مستوى فن الضحك وأقر بأن فضلهم كثير علينا...

عرض مسرحي بمدرج عبد الله راجع

بالنسبة للدراسة الجامعية اعتبر الفنان محمد عطير بأن أربع سنوات بالكلية كان لها تأثير ووقع كبير في مسار حياته. وفي هذا السياق استحضر بأن زملاءه في الكلية أخبروه ذات يوم بأنهم أعجبوا بعرض مسرحي تحت اسم "بَسْ حَبِيبِي". والذي قام بتشخيص أدواره كل من عبد الله شيشا وروضان رشوق وهند السعديدي...فسألتهم محمد عطير لماذا لا نقدم نحن كذلك مسرحية بمدرجات عبد الله راجع بالكلية؟ فجاءت فكرة ورشة كتابة نص مسرحي على عجل شارك فيه مجموعة من الطلبة من مختلف الشعب.

ومن الطرائف التي لن ينساها ضيف البرنامج في هذا المجال هي أن تعاضدية الطلبة رفضت مرور العرض المسرحي بحجة الاعتراض على طالبين. من هنا قرر الطلبة عرض منتوجهم المسرحي في الهواء الطلق وراء المدرج، حيث أقاموا "اَلْحَلْقَةْ" فكان تفاعل الطلبة وتجاوبهم كبيرا مع العرض المسرحي الذي كان موضوعه (أولاد اليوم/ الهجرة). بل كان وسيلة ضغط على التعاضدية لإعادة تقديمه بمدرج عبد الله راجع.                  يتبع