لا يزال عبد الإله بنكيران البرلماني السابق، والوزير السابق، وأمين عام حزب العدالة والتنمية حاليا، يصرّ على إخراج لسانه للمغاربة، ليستفزهم ويغيظهم.
ففي خرجة جديدة له يوم الأحد الماضي، بمناسبة انعقاد المؤتمر الجهوي لجهة الدار البيضاء -سطات، لم يفوّت بنكيران، الفرصة ليهاجم مرة أخرى الموظفين، بشكل خاص، متشبثا -خلال حديثه عن هذه الفئة من المواطنين- برفضه القاطع للزيادة في أجورهم، قائلا بكل وضوح وبصوت عالٍ: “لو كنت رئيسا للحكومة لن أضيف ريالا واحدا للموظفين”.
كما لم يفوت الفرصة، ليعيد تشغيل أسطوانته المشروخة، التي تقول بأن حزب العدالة والتنمية رفض المشاركة في احتجاجات 20 فبراير سنة 2011، عندما انطلق الربيع العربي في نسخته المغربية، لأن هذا الحزب وطنيّ حتى النخاع، وأنه يدافع عن الوطن، وعلى هذا الأساس رفض الخروج في تلك الاحتجاجات. لكنه عاد ليناقض نفسه، فيعترف أن موجة الربيع العربي في المغرب أتت أكلها، إلا أن قوى سياسية لم تستطع تبني مواقف واضحة آنذاك.
بنكيران يرفض الزيادة في أجور الموظفين، لأن ميزانية الدولة لا تتحمّل تلك الزيادة، لكن نفس الميزانية يمكن لها أن تتحمل أن يتقاضى هو راتبا سمينا جزاء تقاعده الوزاري، رغم أنه لا يستحقه.
بنكيران يهاجم حركة 20 فبراير، ويصف كل القوى السياسية التي شاركت في الحَراك بأوصاف مشينة وبأنهم عديمو الوطنية، ثم بعد ذلك يعترف بأن نفس الحراك قد أتى أكله. ولولا حراك 20 فبراير ما كان لبنكيران أن يتربع على كرسي رئاسة الحكومة، ولا أن يشمّ رائحته ولو من بعيد.
لا زلت أقول وأكرر أن هذا الشخص المدعو عبد الإله بنكيران، الذي أصبح في غفلة من الزمن رئيسا للحكومة، مغرور بنفسه، ومصاب بسكيزوفرينيا حادة، ولربما يعتقد أن السياسة هي فن التشكّل والظهور بأكثر من وجه امام الناس، لإقناعهم بمصداقيته، وأنه هو المعوّل عليه في تحقيق الرعاية الاجتماعية فى حقول التعليم والصحة والسكن اللائق والتوظيف، لجميع المواطنين وحصولهم على نصيبهم العادل من الثروة. وبذلك فحزبه هو من يستحق التفاف الناس حوله. ف"الغاية تبرر الوسيلة" هكذا يحاول إقناع ضميره، الذي قد يحدث له بعض الإزعاج بحكم انتمائه للحركة الإسلامية، التي - حسب قوله في نفس الاجتماع الذي أشرنا إليه- أنتجت حزب العدالة والتنمية الذي أصبح مفخرة للوطن وكل الأمة العربية والإسلامية”. هكذا قالها دون أن يرف له جفن او تعلو حمرة الخجل على جبينه.
رشيد الطالبي عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، ورئيس مجلس النواب المغربي، ردّ على بنكيران واتهمه وحزبَه بأنهم لا يريدون الاستقرار للبلد، بل يريدون خلق الفوضى: واعتبر أن “تصريحاته برفضه الزيادة في أجور الموظفين ليس من أجل حماية مالية الدولة، بل لأنه يريد أن يُخرج الموظفون للشارع، كما أن رفضه للاتفاق الاجتماعي الذي وقعته الحكومة مع المركزيات النقابية مؤخرا، هدفه تجييش النقابات والشغيلة للخروج للاحتجاج، وهذه هي “الأهداف غير المعلنة”. كما يقول الطالبي العلمي. وأكاد أجزم أنها فعلا أهداف غير معلنة، فبنكيران لا زال ا يراوده لحنين كي يعود إلى التربع على كرسي رئاسة الحكومة من جديد، وذلك عبر الركوب على ظهر تلك الاحتجاجات الشعبية، كما ركبها من قبلُ. لكن أنّى له ذلك، وقد رماه المغاربة وحزبَه إلى أسفل السافلين خلال الانتخابات الأخيرة.
فلاش: لم يستسغ عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، أن يصفه رشيد الطالبي العلمي عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، ورئيس مجلس النواب المغربي، بـ”الذئب الشارف” أي العجوز، الذي يسعى نحو خلق الفوضى، ليهاجمه بشراسة، ويرد عليه بلسانه السليط: “ليس لديه مشكل في أن يصفه الطالبي العلمي بـ”الذئب”، مردفا “إذا سميتيني ذئب شارف أنت سوى “حميّر”.. مع كامل الاحترام للحمار، ويسمحوا لينا الحمير إذا عايرناهم”.
هذا مقتطف صغير من كتاب كليلة ودمنة المغربي، يبيّن بشكل واضح وجلي درجة الصفر التي وصلت إليه الطبقة السياسية في المغرب، وردّ كاف على من يتباكى على الديمقراطية وانحصار منسوبها في بلدنا. فهل بمثل هؤلاء - أختي آمنة ماء العينين- يمكن أن نصنع ديمقراطية؟ مع العلم أن هذين الرجلين اللذين استعانا بقاموس الحيوانات في التنابز بينهما يمثلان النخبة. أليسا كل واحد منهما قيادي في حزبه؟.
لقد قلناها ونعيدها، باننا إزاء أزمة سياسية عنوانها فساد وإفلاس داخل القطاع الحزبي، أحزاب أصبحت رهينة في أيدي زعمائها، الذين توافقوا فيما بينهم على تمييع المشهد السياسي، لتبقى دار لقمان على حالها.