الزيلالي: إغتيال أبوعاقلة إغتيال جيوبوليتيكي بسبب الحرب بين روسيا وامريكا

الزيلالي: إغتيال أبوعاقلة إغتيال جيوبوليتيكي بسبب الحرب بين روسيا وامريكا  الزيلالي نجيب
 نعتقد جازما أن  إغتيال الصحافية شيرين أبو عاقلة هو اغتيال جيوبوليتيكي؛ ولا علاقة له بالقضية الفلسطينية لا من قريب ولا من بعيد .  بل نعتقد أن له علاقة بالصراع الروسي الامريكي  و تداعياته على خطوط التماس الإقليمية  ، ونحن نعرف أن الحكمة تقول :  إذا أردت أن تعرف الجاني فاسأل من المستفيذ ؟ ثم لماذا الان وليس قبلا او بعدا ؟  بمعنى ان مسألة الطايمين و السياق الدوليين  هما عاملان محددان وأساسيان .
أولا : يتذكر الجميع انه  تم التهجم مجانا على اليهود وعلى زلينسكي و اثارة ما تمت إثارته من طرف الخارجية الروسية،  كإقحام قسري لهم في الموضوع  بدون اي مبرر ميداني او سياسي أو عسكري ،  لذلك طالبت وزارة الخارجية الإسرائيلية توضيحا من روسيا لغرابة الموقف، لكن هاته الأخيرة أبت إلا أن تتعنت بل الاكثر من ذلك أكدت ما قالته وزارة الخارجية الروسية وتعمدت  بأن  الرئيس بوتين لم و لن يقدم الإعتذار .
ثانيا ، تم إغتيال أو قتل الصحافية شيرين أبو عاقلة في ظل اتهامات متبادلة بين الفلسطينيين و الإسرائليين ، مع تعنت كل طرف في انجاح تحقيق دولي حول الموضوع من اجل معاقبة الجاني .
ثالثا؛ و لأول مرة نرى أمريكا تطالب بتحقيق قضائي دولي  في موضوع قتل  فلسطيني او فلسطينية، ونحن نعلم أن أمريكا لا يمكن لها أن تورط إسرائيل مثلا في هكذا إجرام دولي ؛  لولا  أن هناك علامات استفهام وشكوك كثيرة  .
رابعا لو كانت إسرائيل تريد إغتيال شخصية مؤثرة او قيادية او ذات وزن إقليمية ؛  لقتلت واغتالت السيد يحيى السنوار قائد حماس في قطاع غزة ؛  باعتباره الشخص المطلوب رقم واحد شعبيا و برلمانيا وصحافيا من طرف الإسرائيليين، فهو يعتبر شخصية ذات اجماع تام من اجل اغتياله، لكن إسرائيل ترى أن هاته المطالب لا تعدو ان تكون صراعا سياسيا في الداخل الإسرائيلي بين المعارضة القوية و الحكومة الهشة ،  وكذلك لأن الوضع الأمني مستقر نسبيا ولا يحتاج الى هكذا اغتيالات ، لكن في المقابل يمكن ارسال رسالة من تحت الماء ؛ باغتيال الصحافية شيرين أبو عاقلة من طرف من له مصلحة جيوبوليتيكية في المنطقة ، حتى تعرف زلزالا أمنيا يخدم مصلحتها في خضم الصراع المحتدم بين روسيا وامريكا في اوكرانيا . 
خامسا؛ في يوم الجمعة الماضي وما لهذا اليوم من رمزية دينية لدى المسلمين ؛ تقوم الغواصة الروسية بقصف طائرات F16  الإسرائيلية و صواريخها حالما كانت تنوي دخول الاجواء  السورية، مع تفاصيل عدة لا حاجة لنا لها الآن مما يبين أن هناك إرادة حقيقة في إعادة الارتباك الجيوبوليتيكي على مستوى الشرق الاوسط .
لماذا كل هذا ؟ 
لان " الفاعل او الفاعلين  "  من لهم مصلحة في زعزعة أمن وإستقرار الشرق الاوسط، رأى أن  هناك تقارب بين الإدارة الأمريكية و الإيرانية في الملف النووي،  واقتراب  موافقة امريكا بإخراج كل من الحرس الثوري الايراني  و حركة حماس من قائمة الارهاب ، مع إمكانية نقل الغاز عبر الانبوب التاريخي بين إيران و إسرائيل المعروف ب خط ( عسقلان - ايلات لسنة  1968 ) ومنه طبعا إلى أوروبا بعد ان فشلت امريكا في اقناع كل من السعودية والامارات بربط انبوبهما (ينبع -ايلات ثم الى أوروبا )  ثم أشياء أخرى لا فائدة من جردها الآن هذا من جهة ،  ومن جهة أخرى  هناك تقارب مفاجئ حد الصدمة  بين أمريكا ومصر ،  حيث اصبحت  امريكا تقر وتأكد  بأن مصر دولة ديموقراطية ،  و قدمت لها كل الوعود بتقديم الأسلحة المتطورة ،  بل الأدهى من ذلك هو  إنشاء مصانع أسلحة وآليات عسكرية واخرى جوية وفضائية في مصر ؛  بعدما منعت عنها شحنات أسلحة في السابق مما دعى مصر الى استيراد أسلحة روسية متطورة ، كما وقعت أمريكا شيكات على بياض مقابل ربط انبوب الغاز (الإسرائيلي المصري القبرصي ومنه إلى أوروبا ) .
والآن هناك دولتان ليس في صالحهما ما ورد أعلاه وهما بالظبط  روسيا وتركيا .... روسيا بحكم استراتيجيتها الغازية في السيطرة العالمية وبسط نفوذها في مناطق التماس الجيوبوليتيكي ،  ثم تركيا من خلال طموحها في الاستيلاء عاجلا أم آجلا على قبرص وعلى بحر ايجا ، كمنفذ بحري لها يضمن لها  المحافظة على شعرة معاوية الوحيدة  مع اوروبا ،  ولهذا السبب نفسه تعارض تركيا انظمام فلندا و السويد الى الناتو ،  أي انها تناور من أجل الحصول على ضمانات جيوبوليتيكية و إستراتيجية ، حتى لا تكون في موقف الكماشة بين فكي الدب الروسي والاسد الامريكي  .
إذن فمن له أو من لهم  مصلحة في إشعال فتيل التوتر و الفتنة في المشرق العربي هو من له تلك التخوفات أعلاه ، خصوصا وأن المرتزقة و المسلحين الماجورين اليوم  باتو في كل مكان  ؛ وفي كل ساحات المعارك ؛  لا تعرف من مع من ، حتى ولو كان يحمل نفس زي او سلاح العدو .
 الزيلالي نجيب استشاري أعمال ومحلل استشرافي