العشق الممنوع.. زواج السلطة والمال في الإقتصاد الوطني

العشق الممنوع.. زواج السلطة والمال في الإقتصاد الوطني خلال استضافة الحزب الاشتراكي الموحد فرع تمارة الخبير الاقتصادي فؤاد عبد المومني وأستاذ العلوم الاقتصادية الرفيق عبد الواحد حمزة لتنوير الرأي العام الوطني حول هذا الموضوع
منذ عقود تولى رئاسة الحكومة المغربية ومختلف مواقع المسؤولية الحساسة، رجال أعمال كبار، فكريم العمراني الذي قادة الحكومة المغربية سنة 1971، كان رجل أعمال كبيرًا جدًا، و إدريس جطو الذي تولى منصب الوزير الأول لحكومة 2002 بدوره كان رجل أعمال وصولا الى عزيز اخنوش .
نعتبر أن إشكالية ربط السلطة بالمال معضلة حقيقية تعيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المغرب. وأدت إلى تزايد التفاوت الاجتماعي وتكريس التفاوت الطبقي وأثرت سلبا على الطبقات الفقيرة: فحسب المعهد الوطني للإحصاء التطبيقي خُمس أغنى المغاربة يحتكرون أكثر من نصف الدخل الذي يحصلون عليه سنويًّا على المستوى الوطني، متجاوزين "العتبة المقبولة اجتماعيًّا"، بينما يقتسم 20% من المغاربة 5.6% فقط من الدخل الذي تجمعه الأسر المغربية.
لا يختلف إثنان عن كون الغالبية العظمى من الأغنياء المغاربة بنوا ثروتهم من خلال استغلال مواقعهم السياسية، تماما كما يستغلون السلطة السياسية لحماية ثرواتهم، فالسلطة مصدر القوة والثروة معًا.
كما نرى أن " زواج السلطة بالتجارة والمال " سبب لفساد الحكم والتجارة معا كما ذكر المفكر ابن خلدون في مقدمته. وأنه في غياب فصل حقيقي للسلط واستقلالية السلطة القضائية ستبقى الامور على حالتها ودار لقمان على حالتها إلى حين. وأنه مع غياب اليات التتبع والمراقبة الرسمية منها  والشعبية سيزيد الاشكالية ترسخا وتعميقا وستستمر حليمة على عادتها دون شك. 
لقد استضاف الحزب الاشتراكي الموحد فرع تمارة، يوم السبت 23 ابريل 2022, الخبير الاقتصادي فؤاد عبد المومني وأستاذ العلوم الاقتصادية الرفيق عبد الواحد حمزة لتنوير الرأي العام الوطني حول هذا الموضوع الشائك ولتدارس موضوع ربط المال والسلطة وانعكاساته على مستقبل المغرب.
يلاحظ أن تولي رئاسة الحكومة من طرف حزب سياسي أغلبي له امتداد شعبي حالة ناذرة/استثنائية في المغرب، فما وقع لعبد الرحمان اليوسفي سنة 2002 وخروج الحاكمين عن " المنهجية الديمقراطية"  بوضع تقنوقراطي من عالم المال على رأس الحكومة.. يبدو ان هذا أمر ثابث في الممارسة السياسية للمخزن، حدث مع الفقيد عبد الله ابراهيم كما حدث مع بنكيران .. مما يعتبر انعكاسا للذهنية اللاديمقراطية للحاكم وعقيدة لديه بأن السلطة حق حصري لرجل المال أم أن الأمر يعكس في العمق الطابع الطبقي - التسلطي للنظام السياسي المغربي. 
بحيث لم يستطع ما يسمى ب "الخيار الديمقراطي"، كرابع ثوابت الدستور المغربي (2011)، أن يراقب ويلجم وينزع عن اقتصادنا الوطني آفة الحكم بالريع والقطاع غير المهيكل ونزوع النظام السياسي نحو خلط أوراق السلطة و النفوذ بالمال والأعمال والاقتصاد المخزني. وعليه فيمكن القول بأن إشكالية " ربط المال والسلطة" وجه من أوجه الفساد بالمغرب.
فعلماء الاقتصاد يجمعون على أن من أساسيات حماية وترسيخ "الديمقراطية والمصلحة العامة" هي وضع آليات صارمة لمراقبة الرأسمال من النزوع نحو المصالح الخاصة (بيكيتي طوماس، الشيء الذي يفرض على الديمقراطيين مهام نضالية بهدف العمل على حماية وتقوية وتحصين الاقتصاد الوطني من هذه الآفة. 
ورغم أن الدستور المغربي ينص على " ربط المسؤولية بالمحاسبة " ورغم ان المغرب يتوفر على بعض الآليات، إلا أنها غير كافية أو غير مطبقة او تتم فرملتها. فغياب منظومة حقيقية للمتابعة  والتدقيق والمراقبة تملك الاستقلالية وسلطة المبادرة للتدخل لأجرأة هذا المبدأ. 
إن ما وقع لمجلس المنافسة وللجان التقصي البرلمانية سابقا، أكثر والتصريح الخطير لوزير العدل مؤخرا ومرافعته من أجل تقنين  منع الجمعيات من تقديم شكاوى قضائية ضد المنتخبين والمسؤولين المشتبه في ارتكابهم لجرائم الاموال،  دليل ساطع على نزوع رسمي لحماية قانونية للفساد و للفاسدين، و لا يمكن فهمه إلا بوضعه في خانة دفاع الاستبداد عن الفساد. إن المثالين (حادث مجلس المنافسة وتصريح وزير العدل) يطرحان حقيقة تساؤلات كبرى، ويضعان إرادة الحاكمين في الميزان يعبر عن السياسة الطبقية السائدة.  
تماما كما انه في غياب أجرأة وتفعيل مبدأ "ربط المسؤولية بالمحاسبة"، وفي غياب قضاء مستقل فعلا، يمنح لرجل الأعمال "السياسي" الذي يتولى منصبا حكوميا، إمكانية لتسخير موقعه وسلطته لخدمة مصالحه الاقتصادية ولمراكمة الثروة يخول له موقعه امتلاك المعلومة ومعروف بأنه في مجال الأعمال والاستثمار أقوى سلاح هو المعلومة. والحالة هذه، فكيف يا ترى يمكن حماية المعطيات العمومية من الاستعمال النفعي وتسخيرها لتكون في مصلحة أطراف بعينها وبأية آليات ومساطر؟ 
وكيف يمكن تأهيل الآليات القانونية والمؤسساتية الوطنية المتوفرة لتلعب دورها في ترسيخ "الديمقراطية والمصلحة العامة"؟  وما السبيل لتعزيز المراقبة الضرورية للرأسمال من النزوع نحو المصالح الخاصة.. 
إنها مهام مستعجلة مطروحة على الديمقراطيين الحقيقيين اليوم قبل الغذ.   
لقد فشل ما يسمى ب"الخيار الديمقراطي" الرسمي في هذه المهمة الوطنية وهذا سبب من ضمن أسباب فشل النموذج التنموي للسابق وسيساهم في فشل النموذج الجديد لجنة بنموسى ومن معه. 
على كل حال، لا ننتظر فك زواج السلطة/المال، الذي يبدو زواجا كاثوليكيا، وتبقى مهمة الديمقراطيين هيآت وفعاليات، العمل على تقوية المراقبة الشعبية الموازية لفضح ملفات الفساد وجرائم نهب المال العام وعدم إفلات مرتكبيها من العقاب بكل السبل الممكنة. 
وبالمناسبة، فإن من توصيات ندوة الحزب الإشتراكي الموحد الدعوة لتأسيس لجنة وطنية مختلطة لتتبع ملفات الفساد وضمان مساءلة ومحاسبة المرتكبين لتلك الجرائم وضمان عدم افلاتهم من العقاب.. تتكون من خبراء الاقتصاد وممثلي جمعيات حماية المال العام وجمعيات حقوقية وأحزاب.