أحمد بومعيز: الصويرة.. يا أفق المدى المالح!!

أحمد بومعيز: الصويرة.. يا أفق المدى المالح!! أحمد بومعيز
.. لا تسعفني العبارة للحديث عنها دوما ، لكن وربما ، شيء من التداعي قد يسعفني مرغما على البوح ...
 وفي البوح شيء من الاعتراف ... 
والاعتراف ليس فضيلة بالعرف والضرورة..
لكن وربما، ورغم الرغم،وللضرورة ذاتها،  تبقى للصويرة كل المناسبات كي تناشد و تداعب وتطوع العبارة كي تستقيم، لتسعف ذات حاك لحكاية مدينة متعددة في وحدتها، ووحيدة في تعددها  ..
هي هكذا، تعيشنا وفق سلطة تحملها،ولا تستغيث أبدا .
ونعيشها وفق قدرتنا على حب التحمل والتأمل،ولا نستغيث أيضا .
فلا شيء الآن في الأفق يا رياح المدينة غير هذا السرب المتكرر من نوارس لا أمل فيها غير الشكل الهندسي المتوازي  في السماء وفوق الماء..
لا شيء في الأفق يا مدينة الرياح غير هذا الهواء المدجج برطوبة بحر يلفك في عنف واشتهاء ، بين جزر ومد ،، ومد وجزر..وفق ما تمنحه هوامش الاعتراف بثنائية الوجود والعدم ،بل الاقرار بحتمية الوجود ونسبية العدم ..
لا شيء في الأفق الآن يا موكادور غير رياحك هذه،  وهي تملأ المدى الممتد فيك ..حتى يخيل لمن يقرأك أنك هكذا تعاندين الاختراق المقصود بيقين العفوية الأولى ،وبعناصر الطبيعة الأولى،و بالأبجدية الأولى ،وبتضاريس الأمكنة الأولى..
لا شيء في الأفق والآن ،وأنت تائهة وحدك ،بين أجيال وأشواط و هوامش ..مزيج هلامي من الصمود المضمر،والتشييء المعلن والاستسلام المبهم.. بين كل هؤلاء وأولائك.
لا شيء وفي هنا ،أو في الأفق يا مدينة كانت هنا منذ صبح الأزمنة ،كانت هنا قبل كل تلك التعاريف المنمقة التي صيغت على عجل أو تحت الطلب، كي تأسر فيك المدى حسب حاجة وأجندات كهان الدورية، أو مرتزقة الظرفية...
لا شيء وفي للأفق ، رغم ديباجات التقييد في سجلات تمدحك بلكنة ، ووفق أمزجة متقلبة ،وتصنفك كي يحلو ويروق مزاج من يحلو له وصفك وتعريفك ضمن ملفات مطالب ورغبات امتلاك .. ، وكأنك هنا وبنا أسيرة /غنيمة..غنيمة بلا حرب ،غنيمة نميمة  vip  ذات حصانة.
ثم الآن،  لا شيء يعلن عن قرب نهاية ملح المدى ،ولا شيء يبدو قريبا... فحتى العمليات الجراحية التي تجرى بتكرار ممل لإنقاذ أطرافك تتيه عنوة في أزقتك  وتضحى  متاهة..  لتعودي كل مرة لنفس الحاجة ، ولنفس الحالة التي تعلن أنك فعلا في وضعية حاجة ..
لا شيء في الأفق يا مدينة ملأ أوصالها الصدأ رغم تخمة الإعلام التي هيجت حولها المضاربات..
ولا شيء في الأفق غير هؤلاء الذين يتزايدون ويزايدون: 
كوكبة تسوقك إلى الأسر في زنزانة الماضي، كي تصيري صورة مركبة لصويرات بالأبيض والأسود، عساك تكوني  ذكرى محنطة، أو نوستالجيا  مستدركة، أو لتبرري كرها  وجودا  مجازا. 
وكوكبة تريد ردم بحرك إسمنتا مسلحا، وتجزيئ أطراف غاباتك حدائقا خلفية لإقامات محروسة.
وحتى إذا حن قلب بعضهم ،فقد يمن عليك وعلى أهلك أو أهاليك بأن يكونوا ضيوفا من الدرجة الثانية على مجالسهم وحفلات كلامهم، ضيوفا غير مرغوب في رأيهم وعليهم ضربت وصاية.
فلا شيء إذن  في الأفق يا موكادور الرياح غير مدى محيط من بحر  يشتهيك، وينشد فيك قصيدة الملح المداب في جرح مدينة ... مدينة فعلا، أنت  كنتها، وهي كانتك.