إن الأبعاد الدينية لشهر رمضان تم استغلالها بشكل مفرط من طرف تجار المواد الغذائية وشركات المنتوجات البطنية وتجار الدين كذلك الذين ينصبون أنفسهم وسطاء بين العبد وربه وتغيرت أشكال الاستهلاك عند المغاربة حتى استفحلت فيهم الأمراض واستعصى شفاؤها. الظاهرة الرمضانية هي تذكير ودروس بضرورة التأزر والتقشف والعمل والتأمل الذاتي الجديد للنص القرآني، وليست جوعا وعطشا، لأن الله تعالى رخص لمن شقه الصيام بالإفطار وفق ما جاء به النص القرآني، ورحمة الله أوسع من يحتاج جوعك أو عطشك، بل هو يختبرك ويذكرك بالمقاصد الفضلى للشهر.
إن التفكير الطقوسي ليس سوى دورة اقتصادية تجني منها شركات معينة أرباحا خيالية وأجل دليل هو الشره الإعلامي في القنوات العربية على الدراما والكبسولات والسيتكومات والسباق المحموم حول الإشهار. ناهيك عن الأسواق التي تعج بالبضاعة الفاسدة والمنتهية صلاحيتها أو التي تعرضت لسوء التخزين، فيتم التخفيض من ثمنها وعرضها للبيع. لقد حولنا المحطات الدينية الكبرى إلى حلبات اقتتال مادي ومعنوي، فعيد الفطر مثلا يتحول إلى سوق ملابس كبير تتنافس فيه الأسر على شراء الملابس، وعيد الاضحى تحول فعليا إلى حلبة مصارعة وسرقة موصوفة، والدليل ما حدث في رحبة الحي الحسني، وكم من جرائم ارتكبت لشراء الأضحية، وكم من زوجين انفصلا بسبب خروف، وعاشوراء أصبحت مجرد فرقعات ليلية ونيران صديقة، وباقي التمظهرات الطقوسية المنافية للفطرة والدين.
لذا كي نصحح ارتباطنا بهذا الشهر الكريم والمحطات الدينية الأخرى، يجب أن ننهج الاعتدال الذي هو صميم الدرس الرمضاني، باستثناء التسابق الخيري السري قدر المستطاع، والذي خرج من الاعتدال إلى الإكثار والزيادة.